من الصحافة الاميركية
قيم المعلق في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان الآثار الكارثية التي تركها قرار الرئيس دونالد ترامب في 2018 الخروج من الاتفاقية النووية، أو خطة العمل الشاملة المشتركة التي وقعتها إدارة باراك أوباما عام 2015، قائلا إنه كان خطوة كارثية على الولايات المتحدة وإسرائيل. وأشار إلى أن الخطوة التي قام بها ترامب، بتشجيع من وزير خارجيته مايك بومبيو ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “كان الأغبى، والأسوأ تقديرا وترك أكبر نتائج عكسية من بين قرارات الأمن القومي الأمريكي في حقبة ما بعد الحرب الباردة.. وهذا ليس رأيي فقط”.
وقال في معرض حديثه إن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه موشيه يعلون عارض الاتفاق النووي وبشدة. لكنه قال في مؤتمر الأسبوع الماضي، وفقا لما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “على الرغم من سوء هذه الصفقة، فإن قرار ترامب الانسحاب منها – بتشجيع من نتنياهو – كان أسوأ”. مضيفا أنه كان “خطأ رئيسيا شهده العقد الماضي” فيما يتعلق بالسياسة من إيران.
وبعد أيام عبر غادي ايزنكوت، الذي كان رئيسا لهيئة الأركان المشتركة وقت تمزيق ترامب الاتفاقية عن نفس المشاعر مشيرا إلى سلبية الخروج وأنه “حرر إيران من جميع القيود ودفع برنامجها النووي إلى موقف أكثر تقدما”. وهذا هو بالتأكيد ما حدث، فبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الفترة الأخيرة فقد جمعت مخزونا من سداسي فلوريد اليورانيوم المخصب الذي يعتقد خبراء نوويون مستقلون أنه يكفي لإنتاج يورانيوم مخصب لصنع قنبلة نووية واحدة في أقل من 3 أسابيع “فشكرا دونالد ترامب، لقد فتحت لهم الطريق!”.
ويقول إن إيران قبل خروج ترامب من الاتفاقية النووية التي التزمت بها حسب المفتشين الدوليين، كان الوقت المتبقي لها لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي هو عام واحد، ووافقت إيران على الإبقاء على ذلك العازل لمدة 15 عاما، واليوم أصبحت المسألة هي أسابيع. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن تصنيع رأس حربي يمكن إطلاقه سيستغرق إيران عاما ونصف أو عامين، لكن هذا لا يبعث على الارتياح حسبما يقول.
ويضيف أن المفاوضات التي توقفت منذ 5 أشهر، استؤنفت في فيينا يوم الاثنين بين إيران والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا – مع أمريكا. المشاركة من غرفة أخرى لأنها لم تعد طرفا في الاتفاق، على أمل إقناع طهران العودة إلى الاتفاقية النووية.
معلقا أن التشاؤم هو سيد الموقف. فحكومة إيران الجديدة المتشددة تطالب أمريكا والاتحاد الأوروبي برفع جميع العقوبات المالية عن إيران، وليس فقط تلك المتعلقة بأنشطتها النووية. كما تريد تأكيدات بأنها إذا عادت إلى الاتفاقية وتخلت عن المواد الانشطارية التي جمعتها منذ أن مزق ترامب الصفقة، فإن الرئيس الجمهوري المقبل لأمريكا لن يمزقها مرة أخرى. وهذه مطالب لا يمكن تلبيتها.
وتساءل الكاتب هنا عما سيحدث بعد؟ لا أحد يعلم، ذلك أن المفاوضات باتت لعبة بوكر ضخمة، يتطلع فيها اللاعبون وهم كثر، بمن فيهم إسرائيل – إلى أوراق القمار التي يملكها كل طرف ومعرفة من هو المخادع ومن هو على استعداد أن يراهن بكل ما لديه ويكشف خداع الآخر و “كل ما يمكنني فعله من أجلكم اليوم هو الالتفاف حول الطاولة ومحاولة قراءة عيون الجميع”.
ويقول إن المفاوضين الإيرانيين يريدون إثبات قدرتهم على الحصول على صفقة أفضل مما حصل عليها أسلافهم الذين يعتبرونهم ضعافا. ولديهم بالتأكيد المزيد من الأوراق، على شكل مواد انشطارية، ليلعبوا بها الآن بعد أن أصبحت إيران على مدى أسابيع فقط من أن تصبح دولة على عتبة تطوير أسلحة نووية – فقط بضع خطوات من امتلاك قنبلة متى أرادت واحدة، ولكن من الناحية الفنية ليست قوة نووية.
أما اللاعب الإسرائيلي فقد كشر عن أنيابه وأمسك بأوراقه بقوة، وتلاعب في الوقت نفسه بأوراقه من طراز إف-35 وغواصاته من طراز دولفين المزودة بصواريخ كروز الحاملة لرؤوس نووية وأبحرت في الخليج. وتدير إسرائيل نظرها بين إيران وبايدن ومن تخاف منه أكثر.
وقد سمع الإسرائيليون منذ سنوات الرؤساء الأمريكيين يقولون إنهم لن يسمحوا لإيران بامتلاك قنبلة. في البداية، احتفلوا بانسحاب ترامب من الصفقة وإعادة فرض العقوبات. لم لا؟ لقد اعتقدوا أن ذلك سيضعف جهود إيران في الحصول على قنبلة ومحاولاتها دفع صواريخ دقيقة التوجيه تستهدف إسرائيل لحلفائها من حزب الله في لبنان وسوريا. لكن هذا ليس ما حدث.
فقد اتضح أن ترامب وبومبيو بالغا في استخدام أوراقهم. ولو كانا ذكيين، لأبلغا الإيرانيين أن أمريكا ستعيد الاتفاق وترفع العقوبات إذا وافقت إيران فقط على التخلي عن التخصيب إلى المستويات المطلوبة لسلاح نووي لمدة 25 عاما، مثلا، بدلا من الخمسة عشر عاما الأصلية. وكان فريدمان سيرحب بهذا، وبدلا من ذلك لكن، بدلا من ذلك، طلبا تغيرا شاملا في سلوك إيران لدرجة أن النظام أدرك أن العقوبات لن تنتهي أبدا. وردا عليهما باعت إيران النفط للصين وبدأت بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لجعل نفسها دولة نووية.
نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا أعدته سيبوهان أوغاردي قالت فيه إن خالد مامي، فرح بسقوط معمر القذافي على أمل أن يقود نهاية نظامه لمرحلة من الازدهار، وبدلا من ذلك دخلت ليبيا مرحلة من النزاع.
ومع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي كان تجارة مامي في الملابس قد تأثرت بالأزمة الاقتصادية ومات أحد أولاده جراء قنبلة هاون أطلقت على منزل العائلة في جنوب العاصمة.
ويخشى مامي 48 عاما من أن تقود الانتخابات المقرر عقدها نهاية هذا الشهر إلى مرحلة جديدة من الاضطرابات. ومن بين 98 شخصا قدموا أوراق ترشحهم اثنان مثيران للخلاف والانقسام، سيف الإسلام، المطلوب من محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وحفتر، أمير الحرب في شرق ليبيا والذي شن حملة عسكرية استمرت عاما ضد العاصمة طرابلس. وسجل رئيس الوزراء الانتقالي، عبد الحميد دبيبة الذي تعهد بعدم الترشح اسمه في قوائم المرشحين.
ويحظى الأشخاص الثلاثة بدعم قطاعات الشعب الليبي ولكن أيا منهم لا يعطي صورة عن شخصية قادرة على توحيد البلاد. وعلى العكس، يخشى الكثيرون من أن تحرك الانتخابات المشاعر ومظاهر السخط وتجر البلاد من جديد إلى الحرب الأهلية.
وقال مامي “لا أريد أن اختار شخصا آخر من القمامة” و “لماذا يريد الجميع حكم البلد بالقوة؟”. ورغم تمتع ليبيا بمصادر النفط ولديها أكبر احتياط في أفريقيا إلا أن عقدا من الاضطرابات زاد من فقر الكثيرين وحول حرب الوكالة فيه إلى ساحة تنافس للدول الخارجية: تركيا والإمارات العربية المتحدة وروسيا والتي تدخلت أحيانا وأرسلت ألاف المقاتلين الأجانب.
ودفعت الحكومات الغربية والأمم المتحدة لعقد الانتخابات التي ستعقد الجولة الأولى فيها في 24 كانون الأول/ديسمبر ووصفت بالخطوة المحورية ومساعدة البلد على التعافي من آثار الحرب، وهددت بمعاقبة أي جهة تحاول تخريبها. وستعقد الانتخابات البرلمانية في مرحلة لاحقة. وقال عماد السايح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أن صندوق الاقتراع مهم “لتحديد مستقبل المسار السياسي لليبيا”. وإما “سيواصل البلد المسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة” أو أنه “يعود إلى المربع صفر حيث ستندلع الحرب”. ويتوقع الكثيرون الأسوأ لو فاز حفتر أو القذافي و “ستكون هناك حرب” حسب صلاح التومي، الذي يملك شركة إنشاءات في العاصمة، ويخطط لمنح صوته لدبيبة على أمل أن يجنب البلاد مزيدا من سفك الدماء.
وكان حفتر حليفا ثم منافسا للقذافي وهو رصيد سابق لسي آي إيه ويحمل الجنسية الأمريكية، حيث عاش لفترة طويلة في شمال ولاية فيرجينيا. وهو يقود ما يعرف بالجيش الوطني الليبي ويسيطر على أجزاء مهمة في الشرق. وشن في عام 2019 هجوما على طرابلس وحاصرها على أمل الإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليا. وتم رد الحصار بقوة واتهم حفتر في دعاوى قضائية بالمحاكم الأمريكية بارتكاب جرائم حرب أثناء الهجوم، وحاول التمسك بالحصانة.
واعتقل سيف الإسلام القذافي عام 2011 وبعد فترة قصيرة من مقتل والده في الانتفاضة التي أطاحت به، وظل مسجونا لعدة سنوات في الزنتان. وأصدرت ضده محكمة في طرابلس حكما بالإعدام. وبعد غياب طويل عن المشهد العام عاد وظهر هذا العام.
أما دبيبة فهو رجل أعمال ثري وولد في مدينة مصراتة وترأس مؤسسة الاستثمار والتنمية الليبية أثناء حكم القذافي. ودخل السياسة لاحقا وعين رئيسا للوزراء في شباط/فبراير كجزء العملية التي قادتها الأمم المتحدة. ومنذ توليه المنصب حصل على شعبية من بعض القطاعات وذلك لتعهده بدعم المتزوجين الجدد ماليا. وترى الصحيفة أن خطوط الصدع بين المرشحين الثلاثة هي جغرافية، فقاعدة دعم حفتر في الشرق وتتركز قاعدة دبيبة في الغرب أما سيف الإسلام فهي في الجنوب.