من الصحافة البريطانية
ركزت الصحف البريطانية على أزمة طالبي اللجوء في المملكة المتحدة والتعاطي الحكومي مع هذا الملف الذي يحتاج برأي بعض الكتاب إلى مقاربة لا ترتكز إلى السياسة القومية لإيجاد حلول له.
نشرت الغارديان مقالا لبولي توينبي حول السياسة البريطانية إزاء الهجرة واللجوء، وقالت الكاتبة إن العديد من الناخبين في المملكة المتحدة يشعرون أن “السيطرة على الحدود” هي تعريف القومية.
واضافت أن عدد طلبات اللجوء في بريطانيا منخفض جدا مقارنة بفرنسا وألمانيا، بينما يعيش حوالي 85٪ من اللاجئين في جميع أنحاء العالم في أفقر البلدان. وتقول في هذا الإطار “نحن نثير ضجة غير متناسبة بشأن استقبال 1٪ فقط من 26 مليون لاجئ في العالم. لكن منظمي استطلاعات الرأي لن يخبروك ما يغير من آراء الناخبين”.
وتقول الكاتبة “ما يبدو أنه يختمر هو محاولة لتقييد أو إلغاء اتفاقيات اللاجئين لعام 1951 التي تلزم الموقعين بإيواء أولئك الفارين من الاضطهاد.
وتقول وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن مشروع القانون يخالف الاتفاقية بالفعل من خلال معاقبة طالبي اللجوء على وصولهم عبر بلدان آمنة”.
وتشير إلى أن الأرقام الحكومية تظهر أن 55٪ من المتقدمين حصلوا على حق اللجوء، لكن بيتر والش من مرصد الهجرة في جامعة أكسفورد يقول إنه من بين 10 ألف رفضوا، ونصفهم على الأقل لم يغادروا أبدا. وتبلغ التقديرات المتراكمة 88 ألف شخص، بعضهم ينتظر ثلاث سنوات أو أكثر”.
وتقول الكاتبة إن الذين يرفضون “يبقى معظمهم ويعيشون حياة طي النسيان ويختفون في اقتصاد تحت الأرض. هذا هو السبب في أن كل هذه الأشياء الصعبة وهمية. سيكون من الأفضل بكثير الاعتراف بالحقيقة والسماح لطالبي اللجوء بالعيش والعمل والاندماج بشكل قانوني”.
وتضيف “يتطلب تخفيف أعداد اللجوء تعاونا دوليا، وليس خرقا للمعاهدة أو الإشارة بوقاحة إلى الفرنسيين بتغريدات غير دبلوماسية. قد لا يقبل الجمهور أن إيقاف جميع الوافدين أمر مستحيل، لأن لا أحد يجرؤ على إخبارهم بهذه الحقيقة. وبدلا من ذلك، قد نشهد تصعيدا في الخطاب ومزيدا من قسوة السياسة”.
ورأى الكاتب أن المملكة المتحدة تكون أكثر أمانا عندما “نساعد في حل المشكلات البعيدة ونحظى باحترام أكبر عندما نلتزم بقيمنا الديمقراطية والإنسانية. لقد كان هذا أساس السياسة الخارجية والتنموية البريطانية لعقود من الزمن، ولا يزال كذلك”.
ويقول هيغ “في السنوات الأخيرة، أدى ظهور المزيد من القادة والأفكار القومية في العديد من الأماكن إلى إضعاف التعاون الأعمق الذي كنا نسعى إليه دائما”.
ويوضح “جاء ترامب إلى السلطة من خلال رؤية ضيقة وتعاملات للعلاقات الدولية تتجسد في أمريكا أولاً. ظهر المزيد من القادة الوطنيين الجدد في العديد من دول العالم الأكثر اكتظاظا بالسكان: الصين والهند والبرازيل. لقد سئم الناخبون من التشابكات الأجنبية وأرادوا استعادة السيطرة. لقد أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من كل الفرص التي أتاحها، إلى تعطيل العلاقات مع جيراننا بشدة”.
ويرجع الكاتب المشكلات الأخيرة في العالم إلى “التعاون الدولي المنخفض”. ويعطي، مثالا على ذلك، أزمة متحور كورونا الجديد الذي ظهر في جنوب إفريقيا في حين “تظل جهود التطعيم في إفريقيا ناقصة الإمداد”.
ويضيف “يصعد المهاجرون في قوارب صغيرة لعبور القنال، ما يؤدي إلى عواقب مأساوية، لكن وزراء الاتحاد الأوروبي لم يدعوا وزير الداخلية البريطاني لحضور الاجتماع ذي الصلة. في هذه الأثناء في أفغانستان، يوجد عدد كبير من السكان المعرضين للخطر على حافة المجاعة الجماعية، ما يهدد بفصل كارثي جديد في قصة اعتقدت أمريكا أنها يمكن أن تبتعد عنها”.
ويرى هيغ أن القيادة العالمية كانت غائبة بشكل لافت للنظر عن أزمة فيروس كورونا. ويضيف “من دون اتخاذ إجراء عالمي سريع بشأن توزيع اللقاحات – يتم تلقيح 7 في المائة فقط من الأفارقة بالكامل – ستظهر متغيرات جديدة بسهولة أكبر وستستمر المعاناة. لن تنجح أي دولة، ولا حتى الصين، في درء الفيروس من دون إلحاق الهزيمة به في جميع أنحاء العالم”.
وبالنسبة لمشكلة المهاجرين غير الشرعيين، يقول “لم يدرك معظم الناخبين أبدا أن مغادرة الاتحاد الأوروبي تعني أنه لم يعد بإمكاننا حتى محاولة إعادة المهاجرين إلى أول بلد آمن دخلوا إليه في أوروبا، لكن جميع مهربي البشر يعرفون ذلك تماما”.
ويقول “المقاربة القومية تبدو غير ناجحة أكثر من أي وقت مضى. لكن حتى الآن، يخطط دونالد ترامب بسعادة لعودته. وهنا يحذر نايجل فراج من أن أزمة المهاجرين قد تعيده إلى السياسة. وفي فرنسا، يتنافس المتنافسون من اليمين المتطرف على فرصة إزاحة إيمانويل ماكرون العام المقبل”.
ويشير هيغ إلى أن “معظم هؤلاء الأشخاص قد تسببوا في أضرار كافية بالفعل”.
ويرى أن المخاطر التي يواجهها العالم حاليا هي “عالمية بطبيعتها: تغير المناخ والهجرة الجماعية وأنواع جديدة من الأسلحة عالية التقنية، والتنافس في الفضاء، وربما اندلاع الأمراض بشكل متكرر”.
ويوضح “كان الإيمان بحلول أمريكا أولا على غرار شعار ترامب سيئا بدرجة كافية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. إنها فكرة مفلسة تماما لعشرينيات القرن الحادي والعشرين”.
ويعتقد هيغ أنه “لدرء هذا النهج الذي يتطلع إلى الداخل، على الحكومات أن تظهر أن إحساسا متجددا بالعالمية يمكن أن ينزع فتيل أشد المخاطر. أولها نقص اللقاحات في البلدان الفقيرة والانهيار الوشيك للاقتصاد في أفغانستان”.
ويختم الكاتب بالقول إن هاتين المسألتين “تتطلبان كل منهما الاهتمام العاجل وتظهران بوضوح تام الحاجة إلى الأممية والكرم والتعاون. لا توجد حلول أخرى. لن نبني أبدا جدارا مرتفعا بما يكفي لإبعاد فيروس متفش أو لإبعاد ملايين اللاجئين”.