الفرص الروسية والحاجة اللبنانية إلى خطوات عاجلة
غالب قنديل
تكاد تضيع فرصة جديدة في زمن الحاجة القاهرة بين عاهات البلادة وفعل العمالة والارتهان وعلة التخلف المتأصلة في نظامنا السياسي وكذلك بفضل نشاط قوى ضاغطة ونافذة تعمل لصالح الهيمنة اللصوصية الأميركية وهذه هي الأسباب الفعلية لعرقلة كل بادرة للتجاوب مع الفرص والعروض الشرقية التي تمثل قفزات نوعية في الاقتصاد اللبناني ومسار تطوره الممكن على أسس استقلالية سيادية ومتكافئة بضمان المصالح المشتركة على قدم المساواة ناهيك عن الاحتواء الطارئ والمستعجل لتبعات الانهيار.
أولا تمثل العروض الروسية فرصا نوعية لنهوض البلد وتنفيذ خطة انعاش عاجل بشروط ميسرة تثير الاهتمام خصوصا لجهة ما يتصل بالبنية التحتية والاستراتيجية في الكهرباء والنفط وتنقية مياه الأنهار وتنظيف مجاريها وهي آفاق متكاملة ومترابطة لإحياء موارد الطاقة ومرافق حيوية للصناعة والزراعة والخدمات يتوقف عليها أي مشروع جدي ومتكامل لإنهاض القطاعات الاقتصادية المختلفة وما يجذب القوى الرئيسية في تركيبة السلطة للخيار الروسي هذه المرة هو عدم الممانعة الأميركية حتى الآن مما ينعش الآمال بإمكانية السير في هذا الاتجاه وعدم إضاعة الفرصة بأي ثمن لكن الأمر يستدعي التصرف بحزم شديد مع المحاولات التخريبية وجهود العرقلة والتشويش مع الإشارة إلى مخاطر المماطلة وهدر الوقت والبلادة التي تقتل الطموح والتطلع إلى مشروع انقاذ وإنعاش في زمن اختناق وانهيار بمصنفات العلك السياسي والمماطلة البيروقراطية الإدارية المتخلفة.
ثانيا يعرض الأصدقاء الروس سلة مجزية من شراكات الطاقة والخدمات المرفئية كما عرضوا ترميم وتطوير مرفأ بيروت وتجهيزه وتحديث مرفأ ومصفاة طرابلس للنفط وهي فرص ثمينة للبنان بامتلاك مرافق خدمات مرفئية حديثة في حوض المتوسط قادرة على استضافة البواخر التجارية وناقلات النفط والبواخر السياحية وتوسيع نطاق الترانزيت عبر بيروت وطرابلس واستعادة مكانة لبنان في التجارة الإقليمية والدولية مع فكرة روسية مضافة تتعلق بتطوير احواض السفن في المرفأ واعادة بناء وتجهيز الإهراءات الضخمة لتخزين الحبوب التي دمرت وإحياء مخازن ومستودعات ميناء طرابلس والميزة الروسية هي تطور الخبرة والتقنيات المرفئية للشركات الروسية سوف تسمح بإنجاز سريع وبنية مرفئية متطورة وباستخدام تقنيات حديثة متقدمة ومن الإجرام في تقديرنا المتواضع إهدار هذه الفرصة او غض النظر عن تخريبها فهذه فرصة ثمينة لتحريك عشرات آلاف فرص العمل في مرافق وطنية حيوية والمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وبكل حزم وشدة نقول إن هذه المشاريع اجدى من اللهاث في رحلات التسول والاستدانة ورهن البلد.
ثالثا سبق ان دمرت امكانات تطوير شراكات واسعة مع الشقيقتين ايران وسورية بفعل قصدي وخضوعا للمشيئة الأميركية الغربية رغم وجود معاهدة مفتوحة على التطوير المستمر لنطاقات التعاون الاقتصادي والشراكات المجزية مع سورية في جميع المجالات وبينما لم تحرك أي بادرة جدية للشراكة مع ايران كما ظلت مفاعيل المعاهدة مع سورية معلقة ولم يجرؤ أحد على الدعوة إلى إلغائها فظلت معلقة في حكم وقف التنفيذ منذ التوقيع إلى اليوم ورغم صمودها وعدم تجرؤ أي كان في لبنان على الدعوة لإلغائها لكنها عطلت ومنعت واقعيا قبل وبعد الحرب على سورية و لم تتحول يوما إلى صيغة واقعية لشراكة مرجوة وممكنة في جميع مجالات الاقتصاد والإنتاج وظلت بتفرعاتها وملحقاتها حبرا على ورق وقتلت الفرص العديدة التي كان يمكن ان تساعد هيكليا في منع الانهيار والخراب الذي يغرق لبنان ولو قامت في حينه شراكات لبنانية سورية لكنا تخطينا العديد من المشاكل والمطبات التي تستنزف جهودا وطاقات هائلة في البلدين وبالقياس التراكمي فقد أهدر لبنان وسورية معا وقتا وثروات طائلة بعدم تفعيل المعاهدة والسهر على تطبيقها وتطويرها وبتركها ضحية للإعصار السياسي والإرهابي الذي عصف بالشقيقة سورية وكان حزب الله في مجابهته للإرهابيين داخل سورية يطبق روح معاهدة الأخوة بنخوة مقاتليه الأشاوس الذين لبوا نداء الواجب في سورية كما في لبنان.
بعد الانهيار شكلت نوافذ الإنعاش العراقية والسورية والنجدة الإيرانية بوادر انقاذ حقيقي واليوم مع البادرة الروسية نقول إن لبنان قادر على التعافي والانتعاش في حضن شركاء الشرق ولابد من معاقبة وشل كل من يسعى للتعطيل والعرقلة فللزمن ثمن.