من الصحافة الاميركية
تجري الولايات المتحدة الأميركية اتصالات مكثّفة مع الإمارات من أجل إبرام صفقة في السودان، يتراجع فيها الجيش عن انقلابه، بحسب ما كشف موقع “بلومبيرغ”.
ويشير الشقّ المدني في السودان إلى علاقة وثيقة تجمع الإمارات بالجيش السوداني، ونقل الموقع عن دبلوماسيين عرب وأميركيين أنّ منسّق الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، بريت ماكغورك، عمل عن كثب مع مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، للتفاوض مع قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، من أجل عودة رئيس الوزراء المقال، عبد الله حمدوك، للسلطة.
وذكر السفير السوداني في واشنطن، نور الدين ساتي، للموقع، أنّه على علم باتصالات إماراتية وكذلك مصرية.
ومع ذلك، لا يتم التوصّل إلى اتفاق بعد.
وتشير الخطوط العريضة للصفقة إلى قبول الجيش بعودة حمدوك إلى رئاسة الوزراء، مقابل استبدال بعض وزرائه، وإطلاق سراح المسؤولين الحكوميين المعتقلين من الانقلاب، فجر الإثنين الماضي.
وكان للبرهان والجيش دور أساسي في الحكومة التي أطاح بها، وترأس البرهان مجلس السيادة السوداني ذا الصلاحيات الواسعة، المكوّن من ستّة مدنيين وسبعة عسكريين، وكان من المقرّر أن تنتقل الرئاسة لشخص مدني، الشهر المقبل.
ويخشى ضباط سودانيون عديدون، وفق الموقع، من أن تسفر التحقيقات الخاصّة التي تجريها لجنة تقصّي الحقائق في الجرائم المرتكبة ضدّ المتظاهرين في المراحل الأولى من الثورة في العام 2019 إلى “سجنهم أو ما هو أسوأ”.
وتصارع الحكومة السودانية منذ قيامها “كيفية محاسبة الفظائع التي ارتكبها الجيش في الأيام الأولى من الثورة”، وفق ما ينقل الموقع عن الباحث الكبير في “المجلس الأطلسي”، كاميرون هيدسون.
ويضيف هيدسون “قد يفتح احتمال خسارة البرهان لرئاسة مجلس السيادة الباب أمام تجريد الجيش من ممتلكاته المالية الكبيرة داخل البلاد”، قاطعًا أن هذا هو الدافع وراء الانقلاب للاستيلاء على السلطة.
ووافق الوزير ساتي على أنّ خشية الضباط من المحاكمات هي “أحد مسبّبات الانقلاب”، منتقدًا جهات مدنية في الحكومة الانتقالية قائلا إنها بالغت في تقدير قوّتها.
قال الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، إن على الجميع انتهاز الفرصة، لأن هناك شيئا ما في الجو يعيد تشكيل قطع الشطرنج بقوة على الرقعة في الشرق الأوسط، القطع التي تجمدت في مكانها لسنوات.
وقال في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” لقد كانت “أكبر قوة تحركها هي قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان، وإرسال رسالة للمنطقة تقول أنتم وحدكم، إذا كنتم تبحثون عنا، سنكون في مضيق تايوان. راسلونا واستمروا في إرسال النفط. وداعا”.
وأضاف فريدمان: “لكن هناك عامل آخر يزيد من ضغوط مغادرة أمريكا، الطبيعة، تظهر نفسها في موجات الحر والجفاف والضغوط الديموغرافية وانخفاض أسعار النفط على المدى الطويل وارتفاع حالات كورونا”.
وتابع: “في الواقع، يمكنني أن أزعم أننا بصدد الانتقال من شرق أوسط شكلته قوى عظمى إلى شرق أوسط تشكله الطبيعة. وسيجبر هذا التحول كل قائد على التركيز أكثر على بناء المرونة البيئية لاكتساب الشرعية بدلا من اكتسابها من خلال مقاومة الأعداء القريبين والبعيدين. ما زلنا في بداية هذا التحول النموذجي من المقاومة إلى المرونة، حيث بدأت هذه المنطقة في أن تصبح شديدة الحرارة، ومكتظة بالسكان، ومتعطشة للمياه بدرجة لا تسمح لها بالحفاظ على نوعية الحياة”.
وعودة إلى بايدن. “لقد كان على حق، كان الوجود الأمريكي في أفغانستان والضمانات الأمنية الضمنية في جميع أنحاء المنطقة يعملان على تحقيق الاستقرار وتمكين الكثير من السلوك السيئ المقاطعة والاحتلال والمغامرات المتهورة والتدخلات الوحشية”.
وقال إن “دعمنا القوي للحلفاء التقليديين، سواء كانوا يتصرفون بشكل سيئ أو جيد، شجع الناس على تجاوز قدرتهم، دون خوف من العواقب. وأنا أتحدث عن التدخل السعودي والإماراتي في اليمن ومقاطعتهم لقطر، وتركيا في ليبيا، والرفض الغبي للحكومة الأفغانية التي سقطت الآن للتفاوض مع طالبان وتوسيع إسرائيل المستوطنات في عمق الضفة الغربية”.
كان انسحاب الرئيس باراك أوباما من المنطقة ورفض الرئيس دونالد ترامب الانتقام من إيران بعد أن أرسلت موجة من الطائرات بدون طيار لمهاجمة منشأة نفطية سعودية رئيسية في عام 2019 علامات التحذير على أن أمريكا قد سئمت من التدخل والتحكيم في الحروب الطائفية في الشرق الأوسط. وجعل بايدن ذلك رسميا.
والآن، حسنا، كما تقول الأغنية: أفضل ما في الانفصال هو التصالح.
في الأشهر الأخيرة بدأت السعودية في إصلاح علاقاتها المقطوعة مع إيران وقطر، وتقليص مشاركتها في اليمن، وانسحبت الإمارات من الصراعات في ليبيا واليمن، وأصلحت علاقاتها مع إيران وقطر وسوريا.
وكان العراق يتوسط بين إيران والسعودية. وتدرك كل من الإمارات والسعودية أنه مع انسحاب أخيهم الأكبر الأمريكي، لا يمكنهم تحمل الأعمال العدائية مع إيران الأكبر، ويدرك الإيرانيون أنه مع استمرار تعرض بلادهم للعديد من العقوبات، فإنهم بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من الانفتاح على العالم. أقامت كل من البحرين والإمارات علاقة مفتوحة مع إسرائيل، وأقامت السعودية علاقة سرية. وفي نفس الوقت تعمل مصر وإسرائيل معا لنزع فتيل التوتر مع حماس في غزة.