من الصحافة الاسرائيلية
حذرت الصحف الاسرائيلية من الربط بين صفقة تبادل الأسرى المرتقبة مع حركة “حماس” وبين تسوية العلاقات معها في ظل استمرار حالة الهدوء مع قطاع غزة.
ورأت صحيفة يديعوت أحرنوت في مقالها الافتتاحي الذي أعده الكاتب الإسرائيلي شمعون شيفر، أنه من “المحظور على الحكومة الإسرائيلية أن تستسلم لمطالب منفذي العمليات”.
ونبهت إلى أن “المسؤولية الملقاة على القادة، هي ضمان أمن كل الإسرائيليين، حتى بثمن المس بالأفراد، وعليه، فإنه كان ممكنا التوقع من المسؤولين في الحكومة الحالية (براسة نفتالي بينيت) أن يقفوا أمام الجمهور ويقولوا ببساطة: جنودنا الأسرى لدى حماس لن يعودوا دون صفقة ستكلفنا تحرير مئات الأسرى”.
وأكدت الصحيفة، أن “تسوية العلاقات مع حماس ستطبق في مسار منفصل، ولا سبيل للربط بين الاتفاق بعد فترة من الهدوء الأمني وبين صفقة الأسرى”، مضيفا أنه “لا ينبغي دفع ثمن مقابل ذلك”.
ونقلت عن زعيم المعارضة ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، ما جاء في كتابه “الحرب ضد الإرهاب” الذي نشر في 2004، قوله: “تحرير الأسرى يصلب فقط مواقف الفصائل (أطلق عليهم لفظ الإرهابيين) لأنه يمنحهم إحساسا بأنه حتى لو ألقي القبض عليهم، فإن عقابهم سيكون قصيرا”.
وعلق كاتب المقال: “أنا صدقت نتنياهو، وهكذا خسرت في عدة مراهنات أدعيت فيها أنه لن يستسلم لمطالب الفصائل ولن يحرر أكثر من ألف أسير مقابل الجندي جلعاد شاليط”.
ونوهت “يديعوت” أن “مسألة فداء الأسرى تحظى ببحث معمق، فمنذ عهد “الهيكل الثاني” (المزعوم) وضع نظام، يبدو وحشيا، بموجبه لا ينبغي الاستجابة لمطالب الخاطفين بكل ثمن، لعدم تشجيع الأعداء على مزيد من الأسر”.
وقالت الصحيفة: “سجلوا أمامكم؛ الصفقة القادمة سيتحرر أيضا أسرى “جلبوع” الستة الذين تحرروا عبر نفق، فهم منذ الآن في القائمة التي تعدها حماس”.
مع زيادة الحديث الأميركي عن إمكانية استئناف العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما قيل عن ضغوط تمارسها إدارة الرئيس جو بايدن على رئيس الحكومة نفتالي بينيت بالعودة التدريجية إلى العلاقات مع السلطة الفلسطينية، تبدي المحافل اليمينية الإسرائيلية قلقها من عودة المطالبة الأمريكية بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويثير هذا المطلب الأمريكي لدى الإسرائيليين سلسلة من ردود الفعل الرافضة حول عودة اللاجئين، وانفصال فلسطينيي 48، وترسيخ الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
الأكاديمي الإسرائيلي شموئيل ترينيو ذكر في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم أنه “مع عودة موظفي الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إلى البيت الأبيض، تُسمع مرة أخرى تعويذة (’دولتان لشعبين‘)، رغم أن هذا الشعار يخفي كذبة، لأنه لم يحدد المقصود بالشعب الفلسطيني، وأي نوع من الشعب الفلسطيني يستحق دولة تسمى فلسطين”.
وتساءل الكاتب عن طبيعة “الفلسطينيين الذين سيكونون مواطني هذه الدولة المستقبلية، وهل يقتصرون على سكان المنطقة “أ” في الضفة الغربية، وإلى أي مدى سوف تتمتع السلطة الفلسطينية بالفعل بحكم شبه ذاتي فقط، دون الوصول إلى مشروع الدولة المستقلة، وهل يجب إضافة غزة لهذه الدولة، وماذا عن الخمسة ملايين لاجئ فلسطيني الذين ينتظرون منذ 73 عامًا للتمتع بحق العودة، لكن العودة لأي منطقة؟”.
ويستند اليمين الإسرائيلي في رفضه لحل الدولتين، على أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين سيكون داخل حدود عام1967، وفي الوقت ذاته، فإن هناك فرعًا آخر من الشعب الفلسطيني الذي يشكل 70% من سكان الأردن، وبالتالي فإن إلقاء نظرة على هذا المشهد يثير مشكلتين جيو-استراتيجيتين بالنسبة لإسرائيل، أولاهما كيف ستتواصل الضفة الغربية مع قطاع غزة، مع أن أي رابط بينهما سيقطع إسرائيل إلى قسمين، ويعرضها لخطر الاقتحام.
أكثر من ذلك فإن الذريعة الإسرائيلية تعتمد على فرضية مفادها بوجود 70 كيلومترا بين الأردن والبحر، ما يعني أنه إذا تم إنشاء الدولة الفلسطينية، فستعود إسرائيل إلى عمق استراتيجي يبلغ 15 كيلومترًا في المنطقة الوسطى، وهذه نقطة ضعفها، بحيث ستكون في مرمى نيران الصواريخ من الجبال.
مع اشتداد التوتر الإسرائيلي الإيراني حول البرنامج النووي، واقتراب الأخيرة من إنجاز اتفاقها مع القوى العظمى، تزداد التحذيرات الإسرائيلية مما تسميه تغير وجه المنطقة في حال دخل الإيرانيون النادي النووي، أو زاد نفوذهم الإقليمي، ما يشكل تحديا أو تهديدا جديداً لإسرائيل.
آخر هذه التحذيرات صدرت عن الجنرال غادي آيزنكوت رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق، في ظل التوترات القائمة مع طهران من جهة، وبعد مرور عام على توقيع اتفاقات أبراهام التطبيعية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقات اكتسبت مزيدا من الدعم والأهمية على خلفية التسابق الإيراني للقدرات النووية، وخروج الولايات المتحدة من أفغانستان، الذي اعتبره نذير شؤم لإسرائيل والمنطقة.
وأشار آيزنكوت الذي قدم مداخلة في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، نشرتها صحيفة إسرائيل اليوم، إلى أن “المنطقة تشهد صراعا كبيرا بين الإيرانيين وأعدائهم، لأنهم يريدون تحقيق هيمنة إقليمية، ويسعون لحيازة أسلحة نووية، وكل من يعيش في الشرق الأوسط يدرك أنه سيكون شرق أوسط مختلفا تمامًا إذا حققت طهران هيمنة إقليمية، أو امتلكت أسلحة نووية”.
وأضاف أن “إسرائيل لديها مصالح مشتركة مع الدول العربية “المعتدلة”، وبالتالي فإن الاتفاقيات الإبراهيمية تمتلك إمكانات كبيرة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، لاسيما أن هذه الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مثل هذه الأيام من العام السابق جاءت على خلفية حدثين مهمين للغاية: الأول هو التناقض الإيراني والسعي للحصول على قدرة نووية متطورة، والثاني -الذي لا يبشر بالخير- هو خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، وتقليل تورطها في الشرق الأوسط”.