جيوب الاحتلال الأميركي – التركي في سورية
غالب قنديل
تُظهِر مسارات الوضع في المنطقة، على إيقاع التفاعلات السورية، أن طرد واقتلاع قوات الاحتلال الأميركية والتركية من سورية هو شرط لا بدّ منه لانعتاق الشرق برمّته وتخلصه من أخبث المستعمرين وأشد الغزاة لؤما، إلى جانب المعتدين الصهاينة.
أولا: رغم المواقف المبدئية الداعمة لسيادة سورية واستقلالها، والرافضة لاحتلال الأراضي السورية، التي تعلنها موسكو وطهران بكلّ وضوح. إلا أن التعامل السياسي الروتيني البارد مع هذه القضية يجري على موجة طويلة، ويترك المدى رحبا للغزاة المعتدين ناهبي الثروة الوطنية السورية، وغاصبي السيادة السورية، وهم يسعون لإدامة الأمر الواقع، وتكريس نتائج الغزو، وعرقلة نهوض سورية وتعافيها من خلال اقتطاع أراض سورية، والاستيلاء على جزء هام من موارد الثروة النفطية. والأنكى محاولة العبث بالديمغرافيا السورية. وقد سُجّلت في المناطق السورية المحتلة عمليات مشبوهة إحلالية واستيطانية خطيرة، ولم تلق إثارة السلطات الوطنية السورية للموضوع الأصداء وردود الفعل المرتقبة نظريا، وهذا يعيب جميع الحكومات المقصّرة في المنطقة والعالم، والصديقة منها بالذات.
ثانيا: الشراكة الأميركية – التركية في استهداف سورية انطلقت من أول لحظات العدوان. وقد انتقلت واشنطن وأنقرة معا، وتحت القيادة الأميركية العليا للعدوان، الذي تدرّج من نمط الحرب بالواسطة إلى الغزو والاحتلال المباشر، بعد انهيار الواجهات والعصابات العميلة تحت ضربات الجيش العربي السوري، والقوى المقاتلة الحليفة، ولاسيما حزب الله. والآن يتصدى الجيش العربي السوري للمهمة منفردا في معظم الأراضي السورية، باستثناء مناطق الانخراط الروسي المباشر، الذي تطور أحيانا فتعدّى نطاق الخبراء إلى مشاركة وحدات قتالية خاصة، تمّ استقدامها جوا في بعض الحالات، وخاضت معارك مشرّفة إلى جانب قوات من حزب الله والجيش العربي السوري. وتسعى واشنطن بوضوح، لتكريس الأمر الواقع، الذي فرضه حلف العدوان على الأرض، لتأخير اكتمال سيطرة الجيش العربي السوري على كامل ترابه الوطني، واستعادة السيادة الوطنية التامة في كل أنحاء سورية بدون استثناء.
ثالثا: إن خنق الجيوب الأميركية والتركية واستئصالها من الأرض السورية، هو شرط موجب، ورافعة لا تحتمل التأخير لتعافي الإقليم وانتعاشه اقتصاديا واستقراره. وتتعدى العمليات العسكرية بمفاعيلها حدود سورية إلى سائر الأنحاء في جوارها الإقليمي. واقتصاديا يمثّل تحرير الثروات المنهوبة في المناطق السورية المحتلة عنصر إنعاش وازدهار اقتصادي، يعاكس وجهة التخطيط الاستعماري الغربي بتعجيل خطوات إعادة البناء الاقتصادي، وحشد موارد الثروة الوطنية في لإعادة بناء الاقتصاد، وإنهاض فروعه التي دمرها العدوان. ويقينا إن قوات الجيش العربي السوري تقف على أهبة الاستعداد لإتمام المهمة.
الحسم السريع في سورية يتطلب اقتلاع المعاقل الأميركية والتركية وتصفيتها وطرد الغزاة نهائيا، وهي مهمة عاجلة لا تحتمل التأخير والاستمهال، وهي ملحّة بقدر الحاجة التاريخية قوميا لاسترجاع حيوية دور سورية، ومساهمتها النوعية في بناء معادلة القوة الراعية لمحور المقاومة والتحرّر في الشرق العربي. وما بعد اكتمال العقد السياسي الاقتصادي الجديد في المنطقة ستكون انطلاقة تاريخية لمسارات نمو وازدهار وإخاء، تطوي عقودا من نهب واحتلال واستباحة واستنزاف.