من الصحافة الاميركية
تناولت الصحف الاميركية محاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التأثير على طالبان مشيرة إلى أن الكثيرين في أنقرة تعاملوا مع تصريحات المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، بنوع من الترقب.
ونقل موقع بلومبيرغ عن مجاهد قوله، إن تركيا وقطر تساعدان في جهود إعادة عمليات مطار كابول الدولي، لكن المتحدث باسم طالبان لم يقطع فيما إذا كانت قطر أو تركيا ستدير المطار، إلا أنه لم يستبعد هذا.
وبالنسبة لحكومة أردوغان، فإدارة المطار هي طريقة لبناء موطئ قدم لها في أفغانستان طالبان، بحسب “غوش”.
وعرضت أنقرة على الحركة حراسة محيط المطار، في الوقت الذي سرعت فيه إدارة بايدن عمليات الإجلاء من أفغانستان. ولم تبد طالبان أي رغبة في قبول العرض، بل وحذر مجاهد، في تموز/ يوليو، قائلا إن المقترحات التركية “ليست في محلها، وهي خرق لسيادتنا وكرامة أراضينا، وضد مصالحنا القومية”.
واعترف المسؤولون الأتراك بأن التصريحات تعتبر نكسة، وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو ،الأسبوع الماضي، أن الشركات الخاصة وليس القوات التركية قد تقدم الأمن للمطار.
وسيكون المطار على رأس الأجندة لو تابع أردوغان الأمر وقدم دعوة إلى قيادة طالبان لزيارة تركيا. وسواء تعاونت تركيا مع طالبان من خلال الرجال بالزي العسكري أو بزي الشركات، فإن أردوغان راغب بلعب دور رئيسي في إدارة البوابة الأساسية لأفغانستان على العالم. وستكون هذه الطريقة المؤكدة لبناء التأثير مع حكومة بقيادة طالبان، والتي لن تخدم مصالح تركيا القومية، بل وطموحات أردوغان الكبرى.
وفي وقت تتنافس فيه قطر وباكستان على دور الناصح لحركة طالبان، فإن تركيا تريد أن تهمس وإن بشكل عرضي في آذان حكام كابول الجدد.
وأكثر ما يقلق بال تركيا هو منظر خروج كبير للأفغان الفارين من الحكم الجديد، وعدم الاستقرار السياسي. وعادة ما تمضي غالبية اللاجئين الأفغان تجاه باكستان وإيران اللتين استقبلتا عددا كبيرا منهم خلال سنوات الحرب التي مضى عليها 40 عاما، إلا أن عددا لا يستهان به منهم يختار تركيا كوجهة له، على أمل الوصول إلى أوروبا”، وتعتبر تركيا من أكثر التجمعات في العالم للاجئين، وهناك أكثر من 3.7 مليون لاجئ في البلد، حسب إحصائيات المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا للصحفية كارين دي يونغ، أشارت فيه إلى أن حركة طالبان صمدت أكثر من الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات وعلى أرض المعركة، مشيرة إلى أن واشنطن أدركت متأخرا ضرورة اللجوء للمفاوضات.
وأشارت الصحيفة، إلى أن طالبان أدركت أهمية التفاوض مع بدء محادثات السلام مع إدارة نرامب في خريف 2018، وبعد أقل من 18 شهرا، مما وصفه ترامب بـ “مفاوضات ناجحة جدا”، أبرم برادار وخليل زاد اتفاقا لإنهاء الحرب التي استمرت 20 عاما في أفغانستان بالانسحاب الكامل للقوات الأمريكية.
وبعد عام ونصف آخر، بموجب نفس الاتفاقية ولكن بوجود رئيس أمريكي مختلف، قامت آخر القوات الأمريكية بخروج متسرع وفوضوي، وتركت طالبان في السيطرة الكاملة على البلاد.
لم تكن هذه هي النهاية التي أرادتها أمريكا. في أعقاب ذلك، تم تبادل اللوم السياسي بين الحزبين. الديمقراطيون والرئيس بايدن يتهمون ترامب بتوريطهم بصفقة سيئة. والجمهوريون وترامب يتهمون بايدن بإفساد الاتفاقية والتعجيل بالانسحاب. والحلفاء الدوليون مستاؤون، والخصوم متحمسون، والعديد من الأفغان يشعرون بالخيانة.
بينما يعتقد آخرون أن هذه النهاية كانت حتمية، فقال شخص مطلع على الأمور في المنطقة، تحدث بشرط عدم ذكر اسمه مثل كثير من المسؤولين الأمريكيين والأجانب الحاليين والسابقين الذين تمت مقابلتهم لهذا المقال: “سواء قمنا بتمديد الجدول الزمني، أو قمنا بتكثيف الجدول الزمني، أعتقد أن الاختلاف الوحيد هو وتيرة الأحداث.. كنا سنصل إلى نفس النتائج”.
وقال توماس روتيغ الخبير الألماني في شؤون طالبان، إن طالبان كانت تعلم منذ فترة طويلة أنها تلعب لعبة انتظار. وقال “هؤلاء ليسوا أفغان خارقين.. لكنهم كانوا أكثر اتساقا من أي شخص آخر”، وقد فهموا السياسة الغربية والحاجة إلى “تحقيق” شيء ما.
لقد استغرقت أمريكا ما يقرب من عقد من الزمن منذ بداية الحرب عام 2001 لتستنتج أن فرصة التوصل إلى حل تفاوضي أكبر بكثير من الحسم العسكري. لكن بعض حلفاء أمريكا فتحوا قنوات اتصال مبكرة مع طالبان. ساعدت المخابرات الألمانية، التي بدأت محادثات مبدئية في عام 2005، الأمريكيين أخيرا في إقامة اتصالات بعد خمس سنوات، عندما التقى المسؤول بوزارة الخارجية فرانك روجيرو وجيف هيز، مسؤول استخبارات الدفاع في مجلس الأمن القومي، بالمسلحين.
وعندما بدأت تلك الخطوات الصغيرة نحو المفاوضات، تحركت إدارة الرئيس باراك أوباما لتوسيع مشاركة أمريكا في الحرب نفسها. وبحلول نهاية عام 2009، بعد مراجعات داخلية مطولة، أعلن أوباما عن زيادة في عدد القوات من 36000 في بداية إدارته، إلى أكثر من 100000..
ووعد أوباما بأن “يصل بهذه الحرب إلى خاتمة ناجحة” من خلال بناء قدرة القوات العسكرية الأفغانية على تولي القتال، وقدرة حكومتها على إدارة البلاد بشكل فعال. وقال إن الوجود الأمريكي المتضخم لن يدوم إلى الأبد. ستبدأ الانسحابات الأمريكية في تموز/ يوليو 2011 وتكتمل في عام 2014، مع بقاء قوة غير محددة للتدريب ومكافحة الإرهاب.
وكما هو الحال مع العديد من الإعلانات الأمريكية، كان لدى طالبان تحليلها الخاص لما يعنيه الأمريكيون. قال روتيغ: “إنها زيادة في عدد الجنود، لكننا نخبركم متى سنغادر.. فسرت [طالبان] ذلك على أنه ضعف”.