من الصحافة الاسرائيلية
توقع محللون إسرائيليون في الصحف الصادرة اليوم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستسعى خلال زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت لواشنطن، التي وصلها اليوم إلى التعرف على طبيعته وإذا كان بالإمكان الاعتماد عليه، وأن بايدن سيعتني ببينيت بقفازات من حرير في أعقاب “فشل” الولايات المتحدة في أفغانستان.
وأشار المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع إلى أن “ثمة أهمية بالنسبة لكبار المسؤولين في الإدارة، بدءا من الرئيس، الاطلاع على طبيعة الضيف، ماذا يريد، ماذا يساوي هل بالإمكان الاعتماد عليه، وخاصة كم سيكون عمره السياسي. وواشنطن تتحدث بلغة القوة. والنوايا الطيبة تستحق التقدير، لكن العمل يُنفذ مع من بمقدوره تزويد البضاعة”.
وأضاف برنياع أن اللقاء مع بينيت في البيت الأبيض هو نوع من امتحان قبول، “ولا أحد سيبلغ بينيت بعدد النقاط التي حصل عليها في الامتحان، لكنه سيشعر بذلك عاجلا أو آجلا”. وفيما يوصف بينيت بأنه “نقيض” رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، فإن “السؤال هو هل التغيير هو حقيقي وتوجد بشرى فيه”.
واعتبر برنياع أن “واشنطن ليست سعيدة” في هذه الفترة. “لا يوجد نقاش في الولايات المتحدة حول فراق أفغانستان. فبعد عشرين عاما من الفشل، أنهار الدم وتريليونات الدولارات، الرأي العام الأميركي موحد حول الرغبة في الانسحاب. لكن ما يعتبر أنه فقدان سيطرة في الطريق لتنفيذ الانسحاب يثير أزمة سياسية حقيقية. ووزير الدفاع أوستن، وزير الخارجية بلينكن، ومستشار الأمن القومي سوليفان، المسؤولون الذين سيلتقيهم بينيت، موجودون في عين العاصفة. فقد تحطمت تقديراتهم المتفائلة. ويواجهون صعوبة في الإجابة على أسئلة عملانية بسيطة، مثل كم عدد الأميركيين الذين بقيوا في الخلف”.
ولفت برنياع إلى أن “مسألة أفغانستان تنعكس على قضايا تقلق إسرائيل، وأولها إيران. والدول العربية كانت الأولى التي أدركت إلى أين تهب الرياح، وبدأت بمفاوضات مع الإيرانيين. وبينيت سيقترح على بايدن إعادة النظر في القرار بالعودة إلى الاتفاق النووي. وسيقول إنه الآن، فيما إيران تلامس عتبة النووي، لا توجد أي فائدة من العودة للاتفاق”.
وتوقع برنياع أن بايدن لن يتراجع عن قراره بشأن الاتفاق النووي، وأن يسأله بينيت إذا كانوا “متأكدين من أن إيران، التي يحكمها الآن الحرس الثوري أكثر من السابق، معنية بالعودة إلى الاتفاق. وحان الوقت لبلورة إستراتيجية مشتركة ضد إيران نووية”.
ورأى برنياع أن “أميركا لن ترغب بفتح جبهة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، بعد العراق وأفغانستان، لكن ربما تنفذ عمليات سرية. وربما يصرح بايدن، مثل الرئيسين السابقين، بأنه لن يسمح لإيران بالوصول إلى القنبلة. لكنه لن يلجم البرنامج النووي بالتصريحات”.
واعتبر الخبير في الشؤون الأميركية بروفيسور أبراهام بن تسفي، في صحيفة “اسرائيل اليوم”، أن توقيت زيارة بينيت إلى واشنطن، في أعقاب “التراجيديا الافغانية”، كان من حظ بينيت، “لأن ظل الإجلاء الأميركي المهين من كابل سيخيم هذا الأسبوع على البيت الأبيض حتى لو لم يذكر صراحة أثناء المداولات. وهذه السحابة ستلزم الرئيس بايدن بأن يذهب بعيدا في جهوده من أجل إقناع بينيت بأن العلاقات المميزة مع إسرائيل ما زالت صلبة، وأنه لا ينبغي الحكم على أحداث افغانستان بأنها ستنعكس في السياق الإيراني”.
وتوقع بن تسفي أن “يدعي بايدن أنه حتى لو تم تحقيق اتفاق نووي مع طهران، فإنه لن يكون على حساب الشريك الإسرائيلي والمس بأمنه”.
واعتبر بن تسفي أن عدم اتباع بينيت نهجا صداميا تجاه الإدارة الأميركية، كالذي اتبعه نتنياهو، “من شأنه أن يسهم في الأجواء الهادئة والمتصالحة، التي ستميز الزيارة بكل تأكيد. ولذلك فإن الأوامر التي وُجهت لمساعدي الرئيس هي أن يتعاملوا مع بينيت بحذر وبقفازات من حرير في أي قضية سياسية وإستراتيجية مطروحة، وأخذ الطبيعة الهشة للحكومة الإسرائيلية الحالية بالحسبان”.
وأشار بن تسفي إلى أن إحدى غايات زيارة بينيت “ترميم علاقات إسرائيل مع الحزب الديمقراطي بعد أكثر من عقد، ركزت خلاله اهتمامها كله في قاعدة التأييد لها في المعسكر الجمهوري، ومن خلال إهمال نسيج العلاقات التقليدي مع المعسكر الديمقراطي” خلال ولاية نتنياهو.
ورجح بن تسفي أنه “إلى جانب مجمل الموضوع الإيراني، الذي سيكون مركزيا خلال زيارة بينيت وتركيز الجهد الأميركي على تهدئة مخاوف إسرائيل واقتراح تعويض عليها وضمانات وتعويضات مسبقة، فإن الوضع الإقليمي، الناجم مباشرة عن فك ارتباط الولايات المتحدة الأحادي الجانب عن الشرق الأوسط، سيناقش بتوسع”.
وأضاف أنه “في هذا السياق، يبدو أنه ستجري عملية تنسيق توقعات كامل بين واشنطن وإسرائيل. إذ أنه في العصر الذي تتخلى فيه الدولة العظمى الوحيدة عن بُعد القوة العظمى العسكرية والوجود الفعلي كأساس لنشاطها الإستراتيجي، تتزايد أهمية الشراكة الإستراتيجية في المعسكر الموالي للغرب كوسيلة وحيدة، بدعم ومساعدة أميركية عن بعد، من أجل لجم الجبهة الراديكالية الممتدة من كابل وحتى دمشق وبيروت”.
وصف تقرير إسرائيلي موجة الاحتجاجات الحالية في الضفة الغربية ضد السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، بأنها غير مسبوقة من حيث شدتها ومطالبها، قياسا بموجات احتجاج سابقة. واعتبر التقرير، الصادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل ابيب، أن “الأداء الخاطئ” لأجهزة الأمن الفلسطينية إلى جانب المواجهات المتصاعدة بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وسقوط شهداء فلسطينيين خلالها، “لن يؤدي إلى سقوط ابو مازن”، لكن على إسرائيل “الاستعداد وإنشاء ظروف تساعد على منع تطور سيناريو كهذا“.
وحسب التقرير، فإنه “بعد ثلاثة أشهر من عملية “حارس الأسوار” العسكرية (العدوان الأخير على غزة)، يبدو أن مكانة أبو مازن والسلطة الفلسطينية تواصل التدهور. الغضب الشعبي يتزايد، التعبير عن انعدام الثقة به وبأجهزة السلطة الأمنية مستمر، اتهامات السلطة بالفساد تتفاقم وترافقها تعابير ساخرة، كما تتزايد النزاعات العنيفة بين الحمائل، فيما أجهزة أمن السلطة تخشى التدخل”.
وأضاف التقرير أنه “لم يعد الأمر متعلقا بانتقادات تهدف إلى إحداث تغيير في السياسة أو إلغاء قرار كهذا أو ذاك، وإنما هناك ملل، وعدم اكتراث من استمرار وجود السلطة بشكلها الحالي، ووجوب تفككها وإعادة بنائها من جديد على أسس أخرى”.
وأشار التقرير إلى أن “قرار إلغاء الانتخابات التشريعية، في نيسان/أبريل الماضي، الذي كان المحرك الأساسي لعملية “حارس الأسوار” العسكرية كشف أمام أنظار الجمهور الفلسطيني عدم فائدة السياسة التي يقودها أبو مازن منذ انتخابه للرئاسة، في العام 2005، إلى جانب التنسيق الامني مع إسرائيل والامتناع عن أي احتكاك مع الجنود الإسرائيليين والشرطة الإسرائيلية، إضافة إلى الاعتماد على المجتمع والمؤسسات الدولية كمركز ضغط على إسرائيل”.
وتابع التقرير أن “أبو مازن قاد خطا جعل الكفاح المسلح ضد إسرائيل غير شرعي تقريبا، ووصف التنسيق الأمني أنه ضروري لسيطرة السلطة، وألغى عمليا المظاهرات الحاشدة تحسبا من فقدان السيطرة وتزايد المستهدفين في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. وتعتبر هذه السياسة اليوم بنظر الجمهور الفلسطيني ضعيفة واستسلامية، وعدا ذلك فإنها تحرر إسرائيل من أي عبء أمني، وتسلب من الفلسطينيين التهديد بعمليات كوسيلة ضغط أساسية على إسرائيل”.
واعتبر التقرير أن “هذه هي الخلفية لانعدام الهدوء السائد في مناطق الضفة الغربية منذ ’حارس الأسوار’. والاحتجاجات ضد أبو مازن والسلطة الفلسطينية مستمرة، ويتم تغذيتها بين حين وآخر بواسطة أعمال فاشلة تنفذها أجهزة أمن السلطة. ومثال على ذلك هو موت الناشط نزار بنات، في 24 حزيران/يونيو الماضي، خلال تحقيق في معتقل لأجهزة الأمن، والذي زاد الغضب”.
ورأى التقرير أن “تزايد الاحتكاك بين الفلسطينيين وبين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، ينطوي على قدر من التحدي والاحتجاج تجاه السلطة الفلسطينية. وهذا الاحتكاك يومي تقريبا وهو مقرون بجرحى وقتلى (فلسطينيين) كثيرين نسبيا قياسا بمعطيات سنوات سابقة خلال رئاسة ابو مازن. وحسب تقارير الجيش الإسرائيلي، قُتل أكثر من 40 شخصا في هذه المواجهات، وموتهم يغذي الغضب المنتشر في أنحاء الضفة الغربية”.
ولفت التقرير إلى أن سكان بلدة بيتا يمارسون في احتجاجاتهم ضد إقامة البؤرة الاستيطانية “إفياتار” على أراضيهم من خلال عمليات الإرباك الليلي، بإيحاء من حماس، وأن “سيطرة أجهزة أمن السلطة ضعفت في جنين”، كما أن المصادقة على مشاريع بناء في المستوطنات تعزز التوتر. واعتبر التقرير أن حركة حماس “تمثل اليوم القضية الفلسطينية بشكل حقيقي أكثر من السلطة”.