من الصحافة الاميركية
تحدثت الصحف الاميركية الصادرة اليوم عن رحيل أميركا الذي تأخر من أفغانستان والذي كان يظل فوضويا، وذلك بسبب عقدين من سوء الإدارة والاحتلال الضال.
كتب محرر الشؤون الرقمية جيمس داوني، في صحيفة واشنطن بوست مقالا قال فيه إن الجمهوريين يحاولون استخدام انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، والدعوة لحروب جديدة.
وقال: “جاء فيه أن رحيل أمريكا الذي تأخر من أفغانستان، كان وسيظل فوضويا، وذلك بسبب عقدين من سوء الإدارة والاحتلال الضال”.
وتابع: “تم تنفيذ الانسحاب بطريقة رثة، يجعل إدارة جوزيف بايدن تواجه مشاكل قصيرة وطويلة الأمد. فعلى المدى القصير، تواجه الولايات المتحدة معضلة إجلاء آلاف الأمريكيين الذين لا يزالون في البلاد، والترحيب بأكبر قدر من اللاجئين الأفغان. أما على المدى البعيد، فيجب على البيت الأبيض مقاومة من يريدون استخدام هذا الانسحاب، والدعوة لسياسة خارجية صدامية في أماكن أخرى”.
وقال إن الجمهوريين يحاولون الترويج للكذبة التي تقول إن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يقوض قوة أمريكا في أماكن أخرى.
ففي تصريحات لبرنامج “صاندي مورنينغ فيوتشرز” على قناة “فوكس نيوز”، قال توم كوتن، السناتور الجمهوري عن أركنساس: “رأيت أن دولا مثل الصين تهدد تايوان وتقول إن أمريكا لن تسارع للمساعدة”، أما ليز تشيني، النائبة الجمهورية عن وايومينغ فقد أخبرت شبكة “أن بي سي” بأن “الضرر على أمريكا ليس في أفغانستان فقط، ولكن على المستوى العالمي”.
وفي حوارات الأحد، تبدو هذه التعليقات جانبية، إلا أنها تشي بالطريقة التي سيقوم من خلالها الجمهوريون بالتعامل مع النقاش المتعلق بالسياسة الخارجية، بمرحلة ما بعد أفغانستان، وهي أن الرئيس بايدن كان ضعيفا، وعلى الولايات المتحدة إظهار أن أحدا لا يمكن أن يلوي ذراعها في مكان آخر.
ولا شك في دعوة بعض الدوائر في البيت الأبيض لإظهار القوة، تماما كما تحول الديمقراطيون إلى صقور في مرحلة ما بعد أحداث 9/11.
ولكن الصحيفة قالت إنه “يجب رفض هذا المسار لأسباب منها، أن الأمريكيين وإن شعروا بالقلق حول كيفية سحب القوات من أفغانستان إلا أن استطلاع شبكة سي بي أس أظهر أن 63% من الأمريكيين مع سحب القوات، ولا يوجد ما يدعو إلى دعم نفس النسبة الحرب في مكان آخر لأن عملية الانسحاب كانت فوضوية”.
والأهم من هذا بحسب الصحيفة، أن محاولة إعادة صورة أمريكا القوية لم تكن دائما عبر المواجهة كما يرى الداعمون لها.
فعندما قال رئيس هيئة الأركان، الجنرال إريك شينسكي إن الحرب في العراق تحتاج إلى مئات الآلاف من الجنود في مرحلة ما بعد الغزو. رفض جورج دبليو بوش هذا التقييم لأنه كان يعرف أن الرأي العام لن يقبل هذا الرقم.
واعتبر نائب وزير الدفاع في حينه، بول وولفويتز، كلام الجنرال بأنه “مفرط”، إلا أن الأحداث أثبتت صحة كلام شينسكي.
ويجب تذكر موقف الرأي العام الأمريكي حول التدخل الأمريكي الطويل عندما يدعو جمهوريون مثل كوتن وتشيني إلى إظهار القوة المفرطة من الشرق الأوسط إلى مضيق تايوان. وعلى الولايات المتحدة الترحيب باللاجئين والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم. ولكن على قادة أمريكا الاعتراف بمحدودية العدوانية والسياسة الخارجية الداعية للتدخل، وليس لأن الرأي العام لا يدعمها بل ولأن عقودا من التدخل في الخارج أظهرت أنها نادرا ما تنجح.
وختمت بالقول: “يجب أن يكون التعاون وليس المواجهة هو الحل. كما أن جذور هذا الانسحاب الكارثي هذا الشهر نابعة من أكبر نقاد الإدارة، واتباع نصيحتهم يعني تكرار الكارثة”.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا للصحفية مورين داود، تنتقد فيه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وقالت: “لقد فعل بايدن الشيء الصحيح بإخراجنا من هناك. لكنه فعل ذلك بشكل سيئ”.
وأعرب الحلفاء عن شعورهم الغاضب بالخذلان، مع احتدام المشرعين البريطانيين ضد بايدن في البرلمان، وقال أحدهم إن المسار الأحادي المفاجئ لبايدن كان “يلقي بنا وكل شخص آخر في النار”.
وعلقت الصحيفة بالقول: “لقد كان درسا صعبا آخر في العلاقة مع أمريكا بالنسبة للبريطانيين، الذين مكّنوا جورج بوش الإبن وديك تشيني ودونالد رامسفيلد من تنفيذ احتلالهم غير الشرعي والضعيف للدول الإسلامية”.
وقالت: “ليس لدى الأمريكيين البنية اللازمة لاحتلال البلدان الإقطاعية تحت أشعة الشمس الحارقة في آخر العالم. حتى البريطانيين اضطروا إلى مواجهة حماقة ذلك منذ زمن بعيد، لا سيما في عام 1842 عندما قُتل حوالي 17000 جندي بريطاني وهندي وزوجاتهم وخدمهم أثناء محاولتهم التراجع عبر الجبال المكسوة بالثلوج إلى جلال آباد”.
وكانت الفكرة القائلة بأننا سنحول العراق وأفغانستان إلى نماذج مصغرة من ديمقراطية جيفرسون دائما سوء تقدير متعجرف، مدفوعا بالغطرسة الرجولية، وليس الأمن القومي، بحسب الصحيفة.
وتابعت: “فإذا قضينا قرنا من الزمان – نقوم بتنصيب الدمى الفاسدة والسارقة، والاستماع إلى الجنرالات يكذبون حول تجاوز المنعطف، والاندفاع، وإهدار التريليونات – لا يمكننا فعل ذلك”.
وتساءلت الصحيفة: “كيف لنا أن نترك عشرات الآلاف من الأفغان الذين ساعدونا ووثقوا بنا تحت رحمة طالبان الرقيقة؟”.
وبدا لويد أوستن وزير الدفاع مرتبكا عندما ضغطت عليه هيلين كوبر من نيويورك تايمز بشأن سبب عدم وجود خطة جيدة لإنقاذ الأفغان الذين يحاولون الوصول إلى المطار.
وسألته كوبر: “هل يعتمد أعظم جيش على وجه الأرض الآن على الدبلوماسية مع طالبان، لإنقاذ الأشخاص الذين خاطروا بحياتهم لمساعدتنا؟”.
وعلقت الصحيفة بأنه “يبدو أن أوستن والجنرال ميلي فشلا تماما. ولم يلهما الثقة في المؤتمر الصحفي الذي تم بثه حتى مع فرار بعض الأفغان في الجيش من بلادهم على متن طائرات أمريكية واستيلاء طالبان على بنادق وطائرات هليكوبتر وشاحنات أمريكية”.
وكان بإمكان دونالد ترامب جعل المرور الآمن والمنظم جزءا من صفقته عندما تفاوض بشأن “اتفاقية الاستسلام” لعام 2020، كما وصفها مستشار الأمن القومي السابق إتش آر ماكماستر في مقابلة مع باري ويس.
وقالت: “نعلم جميعا أن ترامب صانع صفقات سيئ. كان بإمكان بايدن أن يخبر طالبان بأنه لا يلتزم بصفقة ترامب المعيبة القاتلة، وأن يعيد التفاوض بشأنها لتجنب هذه الفوضى المعيبة”.
لكن ترامب وبايدن تعجلا الخروج، واندمجت أخطاؤهما في الروتين الخانق، بحسب الصحيفة.
وأضافت: “تباطأت وزارة الخارجية لشهور في الحصول على تأشيرات للحلفاء الأفغان، وعندما استولت طالبان على المدن والبلدات وعواصم المقاطعات، أهملت التخطيط للطوارئ لإجلاء محتمل”.
ومع ذلك، من المثير للغضب مشاهدة العديد من الحمقى يتأنقون على محطات التلفاز -مراسلين وجنرالات وثرثارين- نفس الأشخاص الذين أوقعنا تشجيعهم في الغرق في 20 عاما من الرمال المتحركة في العراق وأفغانستان، وفق الصحيفة.
وقالت: “لم نكن نعلم أن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر قادمة، على الرغم من أنه كان ينبغي لنا أن نعلم. لم نكن نعلم أن يوم 6 كانون الثاني/ يناير قادم، رغم أنه كان يجب علينا أن نعلم. لم نكن نعرف أن حكومة أفغانستان التي دعمناها لمدة عقدين ستنهار في ثانيتين، على الرغم من أنه كان ينبغي أن نعلم.