من الصحافة الاميركية
سلطت الصحف الاميركية الضوء على الخلافات الحادة بشأن التطورات الأفغانية الأخيرة، وتحديدا في ما يتعلق بسيطرة حركة طالبان على كابول وانسحاب الولايات المتحدة منها بعد سنوات عديدة من القتال.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إنه “مع اقتراب نهاية أطول حرب خاضتها أمريكا، لا تزال الخلافات الحادة قائمة، حول أهدافها واتجاهها ونجاحها”.
وأضافت الصحيفة: “إننا كأمريكيين نحب أن نخدع أنفسنا ونريد أن نصدق أن هناك حربا جيدة وحربا سيئة”، موضحة أن “الحرب العالمية الثانية كانت حربا جيدة ومطلية بطلاء التاريخ، بينما كانت فيتنام حربا سيئة، وطغت الروايات الثقافية الشعبية على واقعها”، وتابعت: “ذات مرة وفي العقد الذي تلا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كانت أفغانستان هي الحرب الجيدة، والعراق السيئة، لأنها كانت حرب الاختيار وليست الضرورة”، مستدركة بالقول: “الآن كلاهما سيئ”.
وأكدت أن “حقيقة الحرب الغامضة والنصر المحدد لا تروق لنا، لأن الحفاظ على الوضع الراهن لا يبرهن هذا النصر”، مشيرة إلى أن “هناك العديد من الأشياء التي حدثت بشكل خاطئ في أفغانستان”.
وبينت الصحيفة أن هذه الأخطاء تتمثل في “الاستراتيجية الضعيفة والعدو الصامد”، في إشارة إلى إصرار حركة طالبان على مدار السنوات الماضية على مواصلة القتال ضد القوات الحكومية الأفغانية والجيش الأمريكي المتواجد في بلادهم.
قالت وكالة “بلومبيرغ” إن الصين تواجه صعوبات في إقناع الأوساط الصينية المختلفة بإمكانية الشراكة مع حركة طالبان الأفغانية مستقبلا، بعد سيطرة الأخيرة على البلاد.
ولفتت الوكالة في تقرير لها إلى أن انتقادات حادة تقف في وجه المحاولات الإعلامية والدبلوماسية لتقديم طالبان على أنها خيار للشعب الأفغاني.
وحاولت متحدثة باسم وزارة الخارجية، التخفيف من حدة الرسائل الرسمية في مؤتمر صحفي، الخميس، مشيرة إلى تعليقات أجنبية تصف طالبان بأنها أكثر وضوحا وعقلانية، مما كانت عليه خلال فترتها الأولى في السلطة قبل 20 عاما.
وركزت المتحدثة الصينية الحديث على فشل أمريكا في فرض الديمقراطية على الأفغان، في حين نشرت صحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي شريط فيديو قصيرا لطالبان، دون الإشارة إلى صلتها بـ”الإرهاب”، بحسب “بلومبيرغ”.
وصوّر المقطع طالبان كحركة تأسست خلال الحرب الأهلية من طلاب في مخيمات اللاجئين وتوسعت بدعم الفقراء وأنها في حرب مع أمريكا منذ 20 عاما.
وأثار منشور الصحيفة الصينية، الذي حذف فيما بعد، ردود فعل عنيفة من المعلقين الصينيين الذين تساءلوا عن سبب محاولة الصحيفة تبييض صورة الحركة المتشددة.
نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا للزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بلال وهب أشار فيه إلى أن التطورات في أفغانستان تثير قلق العراقيين خشية من مصير مشابه.
وقالت المجلة في تقرير إنه حتى قبل أن يتحول الانسحاب الأمريكي إلى انهيار كامل للدولة الأفغانية واستيلاء طالبان الكامل على السلطة، كان العديد من العراقيين، قلقين للغاية مما قد يعنيه الانسحاب الأمريكي الوشيك للعراق، هل ستنهي أمريكا وجودها العسكري البالغ 2500 جندي في العراق أيضا؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل سيؤدي إلى استيلاء الميليشيات الإيرانية على السلطة، أو عودة تنظيم داعش، أو حرب أهلية محتملة؟
أثارت المشاهد اليائسة في مطار كابول شعور “ديجافو” والهواجس بين العراقيين، وذكرهم كيف أنه في عام 2014، ذاب الجيش والشرطة العراقيان اللذان دربتهما وسلحتهما أمريكا وفقدوا ثلاث محافظات لصالح تنظيم الدولة.
وكما هو الحال في أفغانستان الحكومة العراقية والجيش غير مستعدين للوقوف في وجه الميليشيات الجامحة التي تهدد سيادة العراق واستقراره وتهاجم العراقيين. وكما هو الحال في أفغانستان فإن الأمر لا يتعلق بالقدرة ولكن بالإرادة السياسية – حيث يشكو المسؤولون الأمريكيون من أن بغداد تتولى قيادة جهاز مكافحة الإرهاب الأول في المنطقة، لكنها توظفه فقط ضد تنظيم داعش وليس ضد الميليشيات الأخرى.
ويخشى الكثيرون أيضا أن تجد مناقشة الانسحاب في بغداد – التي تحفزها إيران – ترحيبا في واشنطن، لأسباب ليس أقلها أن الفريق الذي انسحب من العراق في عام 2011 عاد إلى البيت الأبيض. ويشعر العراقيون بالقلق من أن إدارة بايدن قد تتعايش مع حكومة عراقية بقيادة الميليشيات إذا أوقفوا الهجمات على المصالح الأمريكية.
ويخشى العديد من العراقيين تداعيات الموعد النهائي للإدارة الأمريكية لسحب القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول نهاية عام 2021. ومن المؤكد أن أولويات واشنطن المتغيرة والتعب من العراق ليسا مجرد موقف للحزب الديمقراطي. كانت إدارة ترامب هي التي هددت بإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد بعد زيادة هجمات الميليشيات على العسكريين والموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين. علاوة على ذلك، فإن التقلبات السياسية والسياسة الحادة في واشنطن تربك أصدقاءها وشركاءها في العراق، الذين بدأ العديد منهم في البحث عن رعاة أجانب بدل أمريكا – على سبيل المثال، أنقرة أو أبو ظبي – لمواجهة نفوذ طهران.