من الصحافة الاسرائيلية
ذكرت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم انه خلال الأسبوع الحالي اتصالات جرت تبدو وكأنها حثيثة من أجل ترسيخ التهدئة بين إسرائيل والفصائل في قطاع غزة، تمثلت بزيارة رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، لإسرائيل الاتفاق على إدخال المنحة المالية القطرية إلى القطاع، من دون دفع رواتب موظفي حكومة حماس عدم رد إسرائيل على قذيفة صاروخية أطلقها ناشط في الجهاد الإسلامي من القطاع باتجاه بلدة سديروت وموافقة إسرائيل على إدخال بضائع، بينها مواد بناء، إلى القطاع عن طريق معبر كرم أبو سالم.
إلا أنه لا يبدو أن تهدئة طويلة المدى، لعدة سنوات على الأقل، هي غاية إسرائيل، التي ترفض تغيير سياستها تجاه غزة بذريعة أن حماس تحكم القطاع. وأمام الحصار على القطاع، يبدو أنه لا مفر أمام غزة سوى مقاومته، من خلال مسيرة الغضب المتوقعة غدا، السبت، وربما استمرار إطلاق البالونات الحارقة.
ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة “معاريف” طال ليف رام فإنه “على ما يبدو أن الجهود من أجل استقرار الوضع الأمني في الجنوب وصلت إلى مرحلة الحسم – تهدئة، أو تصعيد محتمل في الفترة القريبة. وإذا لم يحدث أي تقدم بين إسرائيل وحماس، بعد زيارة كامل لإسرائيل، ليس مستبعدا أن يؤدي استئناف إطلاق البالونات الحارقة إلى غارات يشنها سلاح الجو الإسرائيلي في القطاع وأن تكون احتمالات الرد باستئناف إطلاق قذائف صاروخية من القطاع مرتفعة”.
وأضاف ليف رام أنه بعد ثلاثة أشهر على انتهاء العدوان على غزة “يرصدون في إسرائيل في الأسبوع الأخير فرصة لاستقرار مؤقت للوضع الأمني في الجنوب” لكنه أردف أنه “لا توجد هنا أوهام حيال فترة هدوء طويلة وتسوية مع حماس في قطاع غزة، والحديث يدور عن خطوات صغيرة بهدف شراء هدوء لعدة أشهر”.
وأشار ليف رام إلى أن قرار إسرائيل بعدم الرد على القذيفة الصاروخية التي أطلِقت باتجاه سديروت، يمكن أن يدل على أنه في إسرائيل يريدون الامتناع عن مواجهة عسكرية أخرى في القطاع، وذلك لعدة أسباب. “انتشار كورونا الواسع وفترة الأعياد اليهودية القريبة لا تثير رغبة خفية لدى رئيس الحكومة ووزير الأمن بمعركة عسكرية في نهاية الصيف. وإيران في مقدمة اهتمامات جهاز الأمن، كما أن انعدام الاستقرار في لبنان من شأنه أن يؤدي إلى تسخين محتمل في الجبهة الشمالية”.
ورأى ليف رام أن الامتحان الذي سخضع له رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت ووزير الأمن، بيني غانتس والحكومة الجديدة “سيكون في الأشهر المقبلة، وسيختبرون بقدرتهم على إنشاء واقع أمني مختلف لسكان الجنوب، وبوضع سياسة واضحة تكون فيها إسرائيل هي التي تقود الأحداث وليست مبتزة من جانب حماس”.
وأضاف أنه “طالما أن الحكومة الحالية تطرح سياسة واضحة، وتبادر ولا تنجر وراء حماس، وتضع خطوطا حمراء أمام الإرهاب من غزة إلى جانب محاولة دفع عملية سياسية عميقة وشجاعة، فإن الرصيد الذي ستحصل عليه إثر اتخاذها قرارات معقدة سيكون أكبر. ومن الجهة الأخرى، إذا فقدت الحكومة الطريق بأدائها مقابل القطاع، فإنه يتوقع أن ينعكس ذلك على جبهات أخرى وعلى ثقة الجمهور بالحكومة، الموجودة أصلا في وضع معقد جدا بسبب تركيبتها السياسية المميزة”.
وشدد ليف رام على أن العدوان الأخير على غزة، في أيار/مايو الماضي، “لم يغير بشكل جوهري صورة الوضع مقابل القطاع وحماس. وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على انتهائه، تواجه إسرائيل صعوبة في إخراج إنجازات سياسية إلى حيز التنفيذ. وعمليا، انتهت العملية العسكرية من دون نظام إنهاء، ويبدو الآن أنها تشكل فصلا مرحليا وحسب باتجاه مواجهة أكبر مقابل حماس في غزة، والتي بموجب موقف جهاز الأمن الإسرائيلي باتت اقرب من تهدئة واستقرار أمني طويل المدى”.
وصف محللون إسرائيليون الانسحاب الأميركي من أفغانستان بأنه “انطواء”، وعلى خلفية تخوف إسرائيل من انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، فإنها تتوقع انسحابا مماثلا من العراق ومن نقاط الاحتكاك في المنطقة بعد انسحابها من شمال سورية وأفغانستان.
ورأى المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع أن إسرائيل وحكومتها ستتأثر “بالانطواء الأميركي”، وأن هذه القضية ستخيم على اللقاء بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، في البيت الأبيض، يوم الخميس المقبل.
واعتبر برنياع أن “إسرائيل هي الدولة الوحيدة بين البحر المتوسط والخليج الفارسي التي بإمكان أميركا الاعتماد عليها”، بادعاء أن “إسرائيل لن تخون ولن تنهار، وإدارة بايدن تتعامل الآن بتشكك مع حلفاء قدامى مثل السعودية، قطر ومصر. ولديه انتقادات تجاه إسرائيل أيضا، لكن لا يوجد شريك له في المنطقة، قوي ومخلص، مثلها”، أي أن إسرائيل هي السوط الأميركي في المنطقة.
وحسب برنياع، فإنه خلال المداولات التمهيدية لزيارة بينيت إلى واشنطن “جرى الحديث كثيرا عن قطر. فالمفاوضات بين إدارة ترامب وقادة طالبان بدأت بمبادرة قطر. كما أنها أدت دور الوسيط واستمرت في تأدية هذا الدور مقابل بايدن وإدارته أيضا”.
وأضاف برنياع أن “القناعة في إسرائيل هي أن قطر ضللت الأميركيين. وحسب مسؤولين إسرائيليين، فإنها تلعب لعبة مشابهة مع إيران أيضا: لديها قاعدة عسكرية أميركية في أراضيها، لكنها تمول في الخفاء عمليات الحرس الثوري الإيراني الإرهابية، وقطر تضخ المال إلى غزة، وهذه المساعدات المالية تنقذ غزة من الجوع لكنها تعزز قوة حماس، وتمول تعاظم قوة حماس وتمنح شرعية لقطر في المنظومة الدولية”.
وأشار برنياع إلى أن لقاء بايدن وبينيت سيتناول القضية الفلسطينية، لكن “بينيت سيحاول أن يركز النقاش على حلول عملية: سيوضح أن الفترة الحالية ليست ناضجة، لا في الجانب الإسرائيلي ولا في الجانب الفلسطيني، لخطوات سياسية كبيرة. وبالإمكان تنفيذ الكثير من الخطوات الميدانية الصغيرة والمدروسة. وستكون الرسالة بين السطور لبايدن أنه إذا أردت استمرار ولاية حكومة التغيير (حكومة بينيت – لبيد)، لا تمارسوا ضغوطا علينا”.
وتابع برنياع أنه “بإمكان بينيت، طبعا، أن يلقي الخطاب الذي كان سيلقيه لو بقي في المعارضة: ما حدث في أفغانستان ينبغي أن يوضح للعالم أنه يحظر على إسرائيل الموافقة أبدا على قيام دولة فلسطينية، ويحظر عليها إخلاء دونم واحد في الضفة. وبمجرد انسحاب إسرائيل، ستنهار السلطة الفلسطينية، وستختفي قواتها العسكرية، وستسيطر حماس، مع القوانين الإسلامية، ومع الإرهاب… لكن بايدن الذي تلقى ضربة معنوية ليست بسيطة في أفغانستان يتوقع بشائر جيدة وليس وعظا”.
واعتبر المحلل العسكري في القناة 13 التلفزيونية، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة “معاريف”، أن “الانهيار الفوري للسلطة الأفغانية مقابل طالبان ينبغي أن يكون درسا لجميع مؤيدي فكرة ’تدمير حكم حماس’ بيننا. وبإمكان الجيش الإسرائيلي أن يحتل غزة خلال بضعة أيام من دون صعوبة بالغة. وأن يديرها ويقيم فيها حكما يستند إلى حرابنا، لكن هذه ستكون مهمة مع أثمان شديدة وطويلة ومع احتمالات نجاح ضئيلة“.
وفيما يتعلق بأفغانستان، أشار بن دافيد إلى أنه “يترددون في إسرائيل حول ما إذا كانت المشاهد من أفغانستان هي دليل آخر على أن الولايات المتحدة لن تحرك ساكنا مقابل إيران القريبة من سلاح نووي، أم أن المس بصورة أميركا ستجعلهم يظهرون حزما أكثر. وجدير أن نتبنى الفرضية الأولى: أن هذه الإدارة سترتدع عن ممارسة القوة العسكرية، وأننا سنقف أمام مصيرنا لوحدنا ضد إيران، التي تقترب يوميا من كونها دولة عتبة نووية”.