نصرالله: عهد الدفاع والتحرّر وكسر الحصار
غالب قنديل
في مناسبة ذكرى عاشوراء واصل قائد المقاومة السيد حسن نصرالله قيادة معركة الوعي، وصياغة المهام، وصقل الإرادة الكفاحية في المواجهة المتواصلة بين معسكر المقاومة والتحرّر في المنطقة والحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي وأدواته العميلة من عصابات التكفير والتوحّش. ودائما تنطلق بوصلة قائد المقاومة من ذلك التناقض الرئيسي، الذي تنتظم حوله سائر القضايا والمشاكل الراهنة والملحّة.
أولا: شدّد قائد المقاومة على تثبيت معادلة القوة وكسر الحصار الاستعماري الخانق ورفع التحدّي العملي بالإعلان عن استقدام البواخر الإيرانية. وهذا ما شكّل تطويرا لفعل المقاومة ومحورها ضد الخنق الاقتصادي، بالدفاع عن حقّ الحياة، ورفض الخضوع للمشيئة الاستعمارية الصهيونية، بينما يصمم البلهاء، المنخلعون في ردودهم، على رفض هذا الخيار بتفاهات يردّدونها لاسترضاء أسيادهم ومعلميهم وأولياء نعمتهم، الذين يريدون خنق لبنان وإغراق شعبه في الفاقة والجوع. والرئيس سعد الحريري، الذي احتجّ على كلام السيد عن البواخر الإيرانية، لم يقل لنا لماذا لم يستقدم بواخر سعودية من ولي نعمته النفطي والمالي، الذي يكثر من بيانات الرياء والكذب، بينما لبنان يختنق وشعبه يجوع.
ثانيا: تأكيد حقيقة أن خطر عصابات التكفير الإرهابية المتوحّشة والدموية ما يزال راهنا ومقيما، ويستدعي توحيد الجهود واستمرار التصدّي له بجميع الوسائل السياسية والعسكرية في جميع الساحات، من خلال الجيوش الوطنية والقوى الشعبية المقاتلة، لتصفية عصابات التكفير الإرهابية، التي تمثّل خطرا وجوديا على بلدان المنطقة واستقرارها وتطورها، وهي تستنزفها أمنيا واقتصاديا وبشريا وسياسيا، مما يوجب العمل بسرعة لاستئصال أوكارها، وفضح التورّط الأميركي والغربي في دعم هذه العصابات، ومدّها بأسباب البقاء لاستنزاف بلداننا وشعوبنا.
ثالثا: توجيه إنذار صارم للكيان الصهيوني وللمستعمرين على أرض فلسطين المحتلة من أي مغامرة عدوانية أو تهديد، يمسّ بالسيادة اللبنانية وبسائر قوى المحور. فالردّ الرادع سيكون قاسيا وغير مسبوق، لسحق المغامرة الصهيونية في أي من الجبهات، والتأكيد على متانة المحور وترابط بلدان الإقليم وساحاته في أي حرب قد يبادر إليها العدو. وقد رفع قائد المقاومة هذا التحدّي الرادع في وجه الكيان الصهيوني لبناء سور الحصانة المعنوية القابلة للتحوّل إلى واقع عسكري قاهر. وستكون تردّداته في صفوف المستوطنين الغاصبين، كالعادة، ذعرا ورعبا، وربما هجرة معاكسة، إذا تمادى التحدّي، وهو ما خبره قادة العدو سابقا، لأن المعلومات ستقودهم إلى التثبّت من صحة وعود السيد الرّدعية وانذاراته القاطعة بيقين الانتصار على الكيان ومحوره الأميركي الرجعي وعملائه في المنطقة.
رابعا: التشديد على حقيقة أن العدو الرئيسي لشعوب المنطقة وجميع بلدانها، هو الولايات المتحدة الأميركية، والدعوة للوعي والتصرّف انطلاقا من هذه الحقيقة العليا، وفهم التناقض الرئيسي في الصراع ضد الهيمنة الاستعمارية حاضنة الكيان الصهيوني، ومحرّكة الفتن، وداعمة عصابات الإرهاب والتكفير، ومثيرة الصدامات والحروب، وهي نفسها، التي تفرض الحصار الاقتصادي الخانق والعقوبات الضارية على الدول الحرّة العاصية الرافضة للإذعان والخضوع. ومن هذا الموقع، ينبغي التعامل مع التطورات، بتشخيص التناقض الرئيسي ضد الهيمنة الأميركية وخططها الخبيثة ومشاريعها ومؤامرتها في المنطقة، التي تنهب خيراتها بمعونة الحكومات العميلة والتابعة.
خامسا: لم يَفُتِ السيد المبدئي الشريف، كقائد تحرّري في الشرق، أن يعلن التضامن مع أحرار اليمن والبحرين المقاومين. وهو بذلك، يجسّد مبدأً ركّز عليه دائما، وهو ترابط الساحات والبلدان، وشمولها بمعادلات القوة والردع في وجه الغطرسة الاستعمارية الصهيونية الرجعية، والوقوف بثبات، بكل ما ينبغي، لنصرة الأحرار وحركات التحرّر في كل رقعة مشرقية، تخوض معركة التحرّر، وتواصل الصمود والثبات في وجه الهيمنة والعدوان. وهذا عين ميزان السيد التحرّري، كما عرفناه على الدوام.