من الصحافة البريطانية
نشرت الصحف البريطانية تقريرا عن كابل وشكل الحياة اليومية فأشارت إيما غراهام-هاريسون في الغارديان بعنوان: “لا نساء في الشوارع” إلى أن شوارع كابل خلت من النساء يوم الاثنين، في أول يوم كامل من حكم طالبان في جميع أنحاء أفغانستان، فيما قام مسلحون من الحركة بدوريات في سيارات الشرطة التي استولوا عليها، وصادروا الأسلحة من حراس الأمن، وحثوا أصحاب المتاجر والموظفين الحكوميين على العودة إلى العمل.
لكن في باقي أنحاء المدينة كان الناس الذين شعروا بعدم وجود أمل في الفرار إلى الخارج، يفكرون في ما إذا كان ينبغي عليهم الاختباء، أو تقييم شكل حياتهم الجديدة في ظل حكم طالبان المتشدد، بحسب التقرير.
وأشار التقرير إلى أن قادة المتمردين – الحريصين على تقديم صورة لأنفسهم باعتبارهم الحكومة المنتظرة – زاروا شركة الكهرباء الوطنية والمستشفيات، وقالوا إن العاملات في الرعاية الصحية يجب أن يبقين في مناصبهن.
ونقل التقرير عن المتحدث باسم طالبان، سهيل شاهين، قوله إن على الناس البقاء وإعادة البناء. وقال شاهين: “بلدنا يحتاجهم. هذا بلدهم، بلد كل الأفغان”، مضيفا أن طالبان وعدت بأنه لا يوجد خطر على الأرواح. “نؤكد لهم أنه لا توجد مخاطر على حياتهم أو ممتلكاتهم أو شرفهم”.
لكن كثيرين كانوا مترددين في الوثوق بوعود من جماعة ارتكبت حتى في الأسابيع الأخيرة أعمال قتل انتقامية وفظائع أخرى، بما في ذلك ذبح جنود الحكومة المستسلمين، بحسب التقرير.
وأفاد صحفيون وصحفيات في كابل، في حديثهم مع الغارديان، بأن مسلحين من طالبان زاروهم وفتشوا منازلهم.
وقالت احدى الصحفيات المختبئات للصحيفة: “لا أحد يدعم الصحفيات في أفغانستان. نخشى من أنه إذا عثرت علينا طالبان فإنهم سيقتلوننا بالتأكيد”. وأضافت: “هناك شيء آخر يجب ذكره – حتى لو سمحوا لنا بالعيش فلن يسمحوا لنا بالعودة إلى العمل، وهو في الحقيقة تحدٍ مالي بالنسبة لي كامرأة تعيش بمفردها”.
وبقيت النساء في المنزل خوفا من التعرض للضرب لعدم تغطية أجسادهن، أو لخروجهن دون ولي أمر، بحسب مراسلي الغارديان. وأضافا أنه من عدة أجزاء من أفغانستان، وردت تقارير عن حصول زواجات قسرية بين نساء ومقاتلي طالبان في أعقاب استيلاء المسلحين على السلطة في الأسابيع الأخيرة.
وفي حديث للغارديان، قالت حياة، 24 عاما، التي خرجت لترى كيف تبدو مدينتها في ظل حكم طالبان: “لم تكن هناك نساء يمشين في الشوارع، لكن كانت هناك نساء في السيارات وكنّ يرتدين أقنعة وشعرهنّ محجوب”.
وأضافت: “التغيير الإيجابي الوحيد هو عدم وجود زحمة سير. لكنني لم أشعر بالأمان وبقيت أفكر أنهم سيطلقون النار عليّ الآن”.
وعلى الرغم من أن قيادة طالبان لم تضع قواعدها الجديدة لسكان كابل، إلا أن المقاتلين استخدموا مكبرات الصوت في أحد المساجد في غرب المدينة ليعلنوا أن على النساء ارتداء البرقع أو الحجاب الكامل، وبدأ مقاتلوهم في تطبيق قانون صارم في أجزاء أخرى من المدينة، بحسب التقرير.
وأخبرت سيدة أكبر سناً، خرجت لإحضار الطعام لأسرتها، الغارديان أنها رأت مسلحين يدفعون النساء ويرسلونهن إلى منازلهن لعدم ارتدائهنّ الزي المفروض عليهنّ. كما رأتهم يجرون الشابات بعيدا. ولذلك بقيت معظم النساء في المنزل.
وأشار التقرير إلى أن كثيرا من النساء في كابل ليس لديهنّ برقع ويحاولن الآن العثور عليه في المتاجر.
وقالت امرأة تُدعى نيجين للصحيفة: “بالنسبة لي، كان البرقع دائما علامة على العبودية. أنت مثل طائر محاصر داخل قفص. لم أتخيل قط أن أرتدي ذلك. لكن في الوقت الحاضر، إذا كنت أرغب في إنقاذ حياتي، أعتقد أنني بحاجة لأن أفعل ذلك”.
وأضافت: “ليس لدي منه، لا أعرف من أين أشتريه ولكن العديد من صديقاتي يبحثن عنه. النساء تشتريه لأنه ينقذ الأرواح ويزيل التهديدات ضدهن”.
نشرت التلغراف تقريرا لنائب محرر الشؤون الاقتصادية فيها، تيم واليس، بعنوان: “طالبان تفكر في إغراق الغرب بالهيروين لدعم الاقتصاد الأفغاني“.
ويقول واليس إنه وعلى الرغم من نجاح طالبان في الاستيلاء على السلطة وقيامهم بتشكيل حكومة لأول مرة منذ عقدين، فإنهم يواجهون أيضا أزمة اقتصادية تلوح في الأفق وخطر الوقف المفاجئ للمساعدات التي دعمت البلاد لسنوات.
ويشير التقرير إلى أن حقول الأفيون، التي لطالما كانت مصدرا مهما للنقد لطالبان، يمكن أن تصبح بديلا حيويا لتلك الأموال الدولية – ما يؤدي إلى وفرة في الهيروين في شتى أنحاء الغرب.
ونقل واليس جانبا من خطاب لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، في مؤتمر حزب العمال بعد أسابيع من الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، جاء فيه أن: “أكبر مخزون للمخدرات في العالم موجود في أفغانستان وتسيطر عليه حركة طالبان. 90٪ من الهيروين في الشوارع البريطانية مصدره أفغانستان”.
ويقول الكاتب إن القضاء على نبات الخشخاش كان على رأس جدول أعمال جنود التحالف.
وقال جوناثان غودهاند، الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، للتلغراف إن حكم طالبان يمكن الآن أن يعزز التجارة غير المشروعة بشكل أكبر.
وقال: “إذا كان هناك قدر من الاستقرار، فهناك احتمال للعودة إلى الوضع الذي رأيناه في منتصف التسعينيات عندما استولت طالبان على السلطة في المرة الأخيرة – لقد تم دعمهم من قبل المافيا التجارية الأفغانية التي كانت قلقة من تأثير أمراء الحرب على التجارة”.
وكانت فاندا فيلباب براون، من معهد بروكينغز، أخبرت مجلس اللوردات البريطاني العام الماضي أن “ما بين 20 في المئة و40 في المئة من تمويل طالبان يأتي من الأفيون”.
وقالت للتلغراف إنه ومع عودة طالبان إلى السلطة، يجب على الجماعة أن تحافظ على توازن بين إبقاء المؤيدين سعداء من خلال السماح لهم بزراعة الخشخاش وإرضاء المانحين الدوليين بأنها سوف تتخذ إجراءات صارمة ضد الهيروين.
وأضافت أنه “في المرة الأخيرة التي أجريت فيها محادثات مع كبار قادة طالبان، قبل عدة أشهر، ألمحوا إلى نواياهم لحظر اقتصاد الأفيون. لست متأكدة من إمكانية تصديق ذلك، لأن خشخاش الأفيون سيكون مصدر دخل بالغ الأهمية. أتوقع أن تشير هذه التصريحات إلى أنهم يريدون تقديم أنفسهم باعتبارهم ممثلا حكوميا مسؤولا يريد اعترافا دوليا”، مشيرة إلى أن روسيا وإيران تريدان بشكل خاص حملة لقمع المخدرات.
وتابعت أنه وفي حال بدأوا في فرض حظر على الخشخاش، فسيكون لذلك رد فعل سلبي كبير عليهم “بما في ذلك في المناطق الحيوية مثل هلمند وقندهار”، إذ أنّ المساومة الدولية ستكون مقيدة بردود الفعل المحلية.
ويشير التقرير إلى أن المساعدات المالية من الدول الغربية تعتبر، من الناحية المالية، أكثر أهمية من الخشخاش.
ويضيف أن الانخفاض الحاد في الدعم قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية، بعد سنوات ساهمت فيها المساعدات في تحقيق نمو، وذلك على الأقل إذا أصبح مئات الآلاف من الجنود والشرطة الذين يدفع لهم الغرب عاطلين عن العمل.
وأنهى الكاتب تقريره قائلا إنه بينما يتأقلم العالم مع عودة طالبان، فإنّ معركة منع تدفق الهيروين إلى الشوارع الغربية “قد بدأت للتو”.