سورية القوة الصاعدة رغم الحصار والحرب
غالب قنديل
تواصل سورية مسار التعافي من ندوب الحرب العدوانية التي استهدفتها بزلزال مدمّر خلال العشرية الأخيرة وما صاحبها وتبعها من تدابير الحصار والخنق الاقتصادي والعقوبات، وهي تشقّ مسار نهوضها بعزم شديد وبثبات رغم الصعوبات والعراقيل المستمرة، وتثبت مكانتها كقلعة للتحرّر ونموذج خاص ومميز في البناء الاقتصادي التحرّري المنتج والتقدمي، بينما تستمر في تعزيز قدرات جيشها العظيم الذي أظهر بسالة نادرة وقدرة هائلة في ملحمة وطنية وقومية غير مسبوقة.
أولا: تشير المعلومات والوقائع المتراكمة إلى قيادة الدولة السورية لمسيرة وطنية لإعادة البناء الاقتصادي بعد العدوان، تؤسس لمرحلة جديدة وطموحة من النمو الاقتصادي الاستقلالي المتقدم والمتطور. وتشير الوقائع والمعلومات إلى تحريك حملة وطنية لإزالة آثار الحرب العدوانية في مجالات عديدة بدءا من البنية التحتية المتميزة والمتقدمة، التي كانت فريدة من نوعها في البلدان النامية، ومفخرة إنجازات الحركة التصحيحية بقيادة الزعيم الخالد الرئيس حافظ الأسد. وليس من الفراغ أن مرافق الكهرباء والمياه وشبكات الطرق الحديثة والمستشفيات والمدارس والجامعات كانت في مقدمة أهداف خطط التخريب والتدمير، وقد ألحق فيها خراب ودمار كبيران، وتعرضت للنهب معداتها وتجهيزاتها الحديثة لأن المخطّطين الاستعماريين أدركوا أهمية هذه الصروح في تفتّح القوة السورية.
مجددا تحشد الدولة الوطنية مقدراتها ومؤسساتها، وهي تجنّد مساهمات الشركاء والحلفاء، وفقا للخطط الوطنية السورية لإزالة آثار العدوان واستئناف دورة الإنتاج الاقتصادي المعرّضة للضغوط والحصار والمندفعة مجددا في مسار التحدي التاريخي الاستقلالي الذي يميز البناء السوري.
ثانيا: تقدم التجربة السورية في الظروف الصعبة والمركبة نموذجا مثيرا للإعجاب في القدرة على التقدم وتحدي المصاعب، وفقا لأولويات وطنية واضحة. والديناميكية الهائلة لنهج القيادة ومؤسسات الدولة تحقق إنجازات سريعة ومثيرة في ازالة آثار الزلزال واحتواء النتائج الاقتصادية والاجتماعية للأحداث الخطيرة التي عاشها السوريون، بينما عيونهم مفتوحة على استعادة سيطرة الدولة الوطنية في المناطق الباقية تحت سيطرة عصابات الإرهاب والعمالة على الأرض السورية، إضافة إلى جيوب الاحتلال والغزو. وهذا النموذج السوري، هو حالة نادرة ومميزة من عمليات التحرّر الوطني والمقاومة والبناء في تزامن وتفاوت، تبعا لظروف المناطق السورية، وهي تشمل ضمنا تفكيك العصابات الإرهابية وتحقيق المصالحات الوطنية لاسترجاع الكتل المتورّطة وإعادة إدماجها في المسيرة الوطنية.
إن توسّع دوائر التعافي المجتمعي في سورية يمثل أهم ملامح التحول الراهن، وهو ما يقلّص مساحة أوكار التخريب وبؤر الاستنزاف الباقية.
ثالثا: لا حدود للطموحات السورية اقتصاديا وحضاريا، والدولة الوطنية ترمي بثقل مؤسساتها وقدراتها في إعادة البناء وتخطي العوائق والضغوط والمصاعب. ويتقدم القطاع العام السوري في طريق التعافي والنمو، كما يتأهّب لدور أوسع واهم في قيادة النهضة المقبلة، وما ينطلق من برامج ومشاريع في مرافقه المتعددة يشير إلى تحضير سورية لوثبة نوعية حضارية هائلة في جميع المجالات. وقد اقتربت ساعة ولادة صين المشرق العربي، التي بشّر بها العديد من الخبراء المعجبين بالفرصة السورية وتميزها، لكونها تحمل صدفة اجتماع الموارد الهائلة والقوة المنتجة المؤهلة في الزراعة والصناعة، وبدرجات مثيرة من نسب التأهيل العلمي والتقني المتقدم لقوة منتجة فتية. ولذلك يتوقع العديد من الخبراء والمراقبين وثبات سريعة في التعافي والنمو السوري بعد الحرب، ومن خلال تنوّع الموارد، سيكون الاقتصاد الوطني غنيا بموارده وفروعه ومنتجاته، لأنه يستند إلى بنية أساسية راسخة، ويتسم بقوة بشرية منتجة مؤهلة علميا وتقنيا وبتقاليد وخبرات حرفية عريقة، ستكون ملهمة لابتكارات وابداعات جديدة مثيرة في مخرجاتها المتعددة. وستكشف الوقائع المقبلة أن سورية هي ظاهرة اقتصادية مثيرة في العالم المعاصر، ونموذج فريد لشعب منتج ومبدع وقيادة واعية، ترعى الابتكار، وتضع الخطط الطموحة بحزم وعناد، بينما تبني قدرات دفاعية جبّارة بحجم المشرق لأنها قلبه النابض.