من الصحافة الاميركية
تطرقت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير نشرته إلى تداعيات الوضع الاقتصادي “المنهار” في لبنان، الذي فاقمه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإقتصاد اللبناني “ربما لن يعود إلى ما كان عليه من قبل”، حيث عمقت كارثة انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا قبلها الإنهيار الإقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019.
وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار المواد الأساسية بأكثر من 700 في المئة.
وأشارت الصحيفة إلى أن انقطاع التيار الكهربائي أصبح متكررا لدرجة أن المطاعم تخصص ساعاتها وفقا لجدول الكهرباء من المولدات الخاصة، وتندلع المشاجرات في المحلات حيث يندفع المتسوقون لشراء الخبز والسكر وزيت الطهي قبل نفادها أو ارتفاع أسعارها.
وغادرت الكوادر الطبية إلى خارج البلاد، فيما تضرب البلاد موجة جديدة من الإصابات بكوفيد-19، وارتفعت حوادث السرقة والقتل.
ويشير إلى أن البنك الدولي قال في أيار الماضي، إن الأزمة الإقتصادية في البلاد يمكن أن “تصنف ضمن الأزمات الثلاث الأولى في العالم خلال الـ 150 عاما الماضية”.
ويصنف البنك الدولي أزمة لبنان على أنها أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت في عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضا عن اضطرابات واسعة النطاق.
وما يحدث في لبنان اليوم “لم يحدث حتى أثناء الحرب الأهلية التي استمرت لسنوات، ومع استيعاب ملايين اللاجئين من الدول المجاورة، والصراعات المتكررة مع إسرائيل، والاغتيالات السياسية”.
استنتج الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقال رأي بصحيفة نيويورك تايمز أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تتخذ نهجاً أكثر حرصاً ونجاحاً في العراق بعد الانسحاب السريع والفوضوي للقوات القتالية من أفغانستان.
وعلى حد تعبير إغناتيوس، يبدو أن الرئيس بايدن قد عثر على “البقعة الجميلة” في العراق: قوة أمريكية صغيرة ومستمرة يمكنها تدريب الجيش العراقي، وتزويده بالمعلومات الاستخبارية وحمايته ضد الجيران الأقوياء، بدعم من معظم الفصائل السياسية العراقية، وقال:” إنها طريقة منخفضة التكاليف ومستديمة للحفاظ على قوة الولايات المتحدة على طول خط الصدع الاستراتيجي، لبعض الوقت على الأقل.
قصة العراق توضح أن هناك طريقة أفضل لحل الحروب “اللانهائية” من أسلوب الانسحاب في أفغانستان، والمكونات الأساسية لذلك هي شريك قوي وجيش مستعد وقادر على القتال واستراتيجية إقليمية يساعد فيها الجيران في بناء الاستقرار بدلاً من تقويضه، ووجود عسكري أمريكي مستمر
وفي المقابل، كما يضيف الكاتب، تعيش أفغانستان في حالة من الفوضى بعد المغادرة المتسرعة لآخر القوات القتالية الأمريكية في يوليو، حيث غادرت الولايات المتحدة بدون حكومة مستقرة في كابول، أو اتفاق بين الفصائل المتحاربة أو دعم إقليمي لأمن أفغانستان.
وأشار إغناتيوس إلى تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص زلماي خليل زاد في منتدى آسبن يوم الثلاثاء الماضي بأن “الوضع مقلق للغاية”.
وقد يكون الاختلاف الحاسم هو وجود شريك ذكي لبايدن في العراق يتمثل في رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي زار واشنطن، الأسبوع الماضي، وخرج بسلسلة من الاتفاقيات التي ستربط العراق بشكل أقوى بجيرانه العرب وأوروبا والولايات المتحدة- دون إثارة قطيعة مع إيران.
وكان محور زيارة الكاظمي هو ما أسماه “شراكة إستراتيجية” مع واشنطن، حيث ستسحب الولايات المتحدة ما تبقى من قواتها القتالية مع الحفاظ على قوة يمكنها المساعدة في التدريب وتبادل المعلومات الاستخبارية وأنشطة الدعم الأخرى.
وكشف إغناتيوس أن الكاظمي قد أخبره في بغداد، الشهر الماضي، بأنه يريد مثل هذا الاتفاق، على الرغم من اعتراضات بعض المليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ولكن المفاجأة بالنسبة للكاتب كانت الاستقبال الحار للفصائل العراقية بالاتفاق عندما عاد الكاظمي إلى الوطن.
وأشار المقال إلى تصديقات الأسبوع الماضي من مقتدى الصدر والعديد من رؤساء الوزراء السابقين وحتى زعماء المليشيات الشيعية كما قيل إن القيادة الدينية الشيعية بقيادة آية الله السيستاني في النجف مسرورة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وعراقيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران تعارض أي وجود عسكري إيراني من حيث المبدأ، ولكن يبدو أن طهران مستعدة لتحمل دور الولايات المتحدة التدريبي والاستشاري المحدود والمستمر.
وكشف إغناتيوس أيضاً أن بعض المصادر قد أخبرته بعد رحلة الكاظمي بأن طهران قد أصدرت تعليماتها لوكلائها العراقيين بوقف الهجمات على القوات الأمريكية، وقد احتجت المليشيات الشيعية على ذلك ولكن ليس بصوت عال.
وبحسب ما ورد، فإن طهران ترغب في حالة من الاستقرار، حيث أدى إبراهيم رئيسي اليمين يوم الثلاثاء كزعيم جديد للبلاد، ووعد “برفع العقوبات الاستبدادية” التي فرضتها الولايات المتحدة، وهو ما يعني على الأرجح أنه سيعود إلى المحادثات النووية في فيينا قريباً، وسيحضر الاحتفال الرسمي العشرات من المسؤولين من 73 دولة، من بينهم ممثل عن الاتحاد الأوروبي، وهذا إقبال كبير بشكل مدهش بالنسبة لشخص متشدد، على حد تعبير الكاتب.
وأشار الكاتب إلى أن الكاظمي يحاول إمالة العراق قليلاً نحو جيرانه العرب المعتدلين، بعيداً عن إيران، وقد تجسد هذا التحول الدقيق في العديد من الاتفاقيات التي نوقشت خلال زيارة الكاظمي لواشنطن، حيث يخطط العراق لشراء الكهرباء من الأردن، وربط الشبكة مع دول الخليج عبر الكويت، بهدف التوقف عن حرق الغاز الطبيعي بحلول عام 2025 وتقليص اعتماد بغداد على طهران لتوليد الكهرباء.