فيصل كرامي وفرصة الإنقاذ
غالب قنديل
بعد المسار الدرامي لمخاض التكليف والاعتذار الحريري في ظروف الانهيار الاقتصادي والمالي الخطير تشير المعلومات المتداولة إلى تقدّم اسم الوزير فيصل كرامي من بين الترشيحات المقترحة لرئاسة الحكومة، التي ليست غنيمة ولا مكسبا في الظروف الحاضرة، بل هي دعوة لحمل المسؤولية في الوضع الأخطر اقتصاديا وماليا وسياسيا، الذي يجتازه لبنان. والأكيد أن الوزير كرامي، المعروف بخطّه السياسي الوطني والعربي، سيكون جديرا بحمل المسؤولية في هذا الزمن الصعب، وهو مؤهّل لهذا الدور القيادي في ظروف شديدة الصعوبة، وهي لحظة يتساوى فيها التهديد بالفرصة، ويظهر معدن القادة والزعماء الجديرين بحمل المسؤولية.
أولا: ندعو سائر الأطراف والقوى الحية في البلاد إلى مساندة هذا الترشيح، والتشاور العاجل قبل التكليف وبعده حول برنامج عمل انقاذي واقعي، يسمح بإخراج البلد من عنق الزجاجة الخانق، ومن غير الخضوع المسبق للوصفات الجاهزة، التي تعمّمها بعض السفارات الأجنبية، والتفاهم مع الوزير كرامي على مسودة خطة عمل اقتصادية سياسية إدارية قابلة للتحول إلى أجندة عمل لحكومة جديدة فور صدور التكليف الدستوري عن رئاسة الجمهورية، وعدم إضاعة المزيد من الوقت في هراء السيناريوهات الافتراضية والحرتقات السخيفة والأوهام.
ثانيا: يتطلّب التصدّي للانهيار الخطير الاقتصادي والمالي أن تكون الحكومة فريق عمل سياسي ديناميكي بمستوى التحديات، وبعيدا عن هلوسة البحث عن خبراء منتدبين، تختارهم وترشّحهم الصناديق والشركات الأجنبية والدولية المختلفة. فهؤلاء هم الأنسب لمهام منتدبي الوصاية الأجنبية على البلد المنكوب، وليس لتشكيل فريق الإنقاذ الوطني، الذي نتمنى أن ينبثق برئاسة فيصل كرامي، وينجح في مهمته الصعبة والدقيقة عبر وقف الانهيار ومباشرة الانتقال إلى مرحلة جديدة من إعادة البناء الوطني والانتعاش الاقتصادي عبر إحياء القطاعات المنتجة وحمايتها ودعمها وتوفير كل الدعم المطلوب تشريعيا وسياسيا لتمكين الحكومة الإنقاذية من القيام بمهمتها التاريخية الدقيقة.
ثالثا: ليس الإنقاذ مستحيلا، وبقليل من الشجاعة والمرونة والفطنة يمكن لفريق العمل الحكومي ابتكار الحلول، وتوفير الإمكانات عبر التقاط الفرص المتاحة، وملاقاة العروض والفرص الشرقية في موسكو وطهران وبكين، وعبر التحصّن برؤية وطنية واضحة في تصحيح العلاقة مع الغرب بعيدا عن تقاليد الانخلاع والارتهان. وهذا يتطلب مناعة وطنية وصلابة لدى الشخصيات المنتدبة إلى مواقع المسؤولية، وخصوصا في رئاسة الحكومة العتيدة، بما تمثّله في معادلة السلطة التنفيذية وقرارها ورسم سياساتها العليا. وينبغي بالواقع السياسي ألا يضيّع المزيد من الوقت، كما على قوى الثامن من آذار والتيار الوطني الحر التحرّك بأقصى سرعة ممكنة لحسم الموضوع، ومباشرة مسيرة الخلاص فور تشكيل الحكومة.