بقلم الدكتور منذر سليمان
أفغانستان: مأزق أميركي دام 20 عاماً توّج بانسحاب تحت جنح الليل د. منذر سليمان وجعفر الجعفري
رفض الرئيس الأميركي جو بايدن الرد على أسئلة الصحافيين حول أفغانستان خلال احتفاله بعيد الاستقلال، 4 تموز/يوليو الجاري، متفادياً التطرّق أيضاً إلى ترتيبات عسكرية تجريها واشنطن مع أنقرة لتتسلّم مهام “حماية أمن مطار كابل” بديلاً عمنها، بالتزامن مع تحذير قائد القوات الأميركية في أفغانستان، سكوت ميللر، من “نشوب حرب أهلية” بعد خروج الحامي الأميركي لحكومة تفقد السيطرة على البلاد بوتيرة متسارعة، وإعلان خصمها “طالبان” سيطرته على 218 مديرية من أصل 370 في أفغانستان.
لرفض بايدن المذكور أسباب “وجيهة”، نظراً إلى تجدّد شبح فيتنام والتذكير بهروب السفير الأميركي “فجأة” من سايغون، نيسان/إبريل 1975، ثبّتتها وسائل الإعلام بصورة تثبت الإهانة التي تلقّتها واشنطن، وإلقائها المتعاونين معها من الفيتناميين أرضاً من سطح مبنى السفارة.
واشارت إحدى كبريات الصحف اليومية إلى أولئك المتعاونين “الذين ترُكوا وحيدين ليواجهوا مصيرهم في بلدانهم”، وإجلاء البنتاغون موظّفيه من الكرد العراقيين بعد تجدد المواجهات مع الجيش العراقي في العام 1996، ومن ثم “قتل العديد من العراقيين (المتعاونين مع واشنطن) خلال سيطرة القوات الأميركية على العراق” حتى عام 2011 (يومية “واشنطن بوست”، 25 حزيران/يونيو 2021).
كما حذّر الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس من تجدّد ذكريات تصفية الموالين لواشنطن في حرب فيتنام، والذي “لا ينبغي أن يعيد (التاريخ) نفسه” لنحو 1000 مترجم محلي في أفغانستان (مقال على موقع “وكالة بلومبيرغ”، 22 حظيران/يونيو 2021).
إتمام الانسحاب الأميركي “المذِلّ” من أفغانستان، وامتداداً العراق، استغرق نحو 8 سنوات منذ العام 2011، سعت واشنطن خلالها إلى شراء مزيد من الوقت عبر التفاوض البطيء مع “طالبان” لتفادي مظاهر غير مريحة للمشاهد الأميركي، حدّدت نهايته في 11 أيلول/سبتمبر المقبل، وردت عليه “طالبان” بأن الانسحاب ينبغي أن يستكمل في الأول من أيار/مايو الماضي، وفق الاتفاق المبرم مع إدارة الرئيس ترامب. أما بقاء القوات الأجنبية بعد ذلك التاريخ، فيعد انتهاكاً للاتفاق مع واشنطن.
قرار الانسحاب جاء ثمرة مراجعات مكثّفة لدوائر القرار السياسي الأميركي، من سياسيين وعسكريين على السواء، عقب تيقّنهم من حقيقة سياسة الصين في عهد رئيسها الجديد، شي جينبينغ، بتأكيده تخصيص موارد متعددة لتعزيز القوات العسكرية في مواجهة الأساطيل الأميركية. أما روسيا، الخصم الدائم لأميركا، فقد حذّرت واشنطن بشدة من تنامي قوتها العسكرية، كما رأت وثيقة “استراتيجية الأمن القومي” في العام 2017، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
استعاد البنتاغون خطاب حقبة الحرب الباردة في مواجهة الصين وروسيا، ما شكّل مؤشراً على محاور جديدة لبؤر الصراع المحتمل بين القوى العظمى، أبرزها “أوكرانيا وتايوان” كأولوية، بدلاً من المواجهة في أفغانستان وسوريا والعراق، توطئةً لمزيد من الاستثمار في القوة العسكرية الأميركية، تشمل “تحديث الأسلحة النووية وبناء غواصات هجومية وقاذفات صواريخ بعيدة المدى”، واكبها أيضاً استحداث قيادتي القوات الفضائية والالكترونية الأميركية.
الانسحاب من أفغانستان، ضمن الأبعاد الاستراتيجية الأميركية في المدى المنظور، كان ضرورياً لتوجيه الموارد الأميركية نحو الصين وروسيا وإيران، علاوةً على التماشي مع النبض الشعبي الأميركي وعدم حماسته لمزيد من الانخراط العسكري في ساحات بعيدة، بعدما شاهد الأميركي بأمّ عينه شرائط فيديو حديثة لقوات “طالبان” في مسيرة احتفالية بأسلحة أميركية استولت عليها.
وأوضح الرئيس بايدن توجهات بلاده مؤخراً، مشدداً على “الحاجة إلى إعادة توجيه اهتمام الولايات المتحدة وقدراتها إلى أولويات السياسة الخارجية الأميركية الأكثر إلحاحاً، وعلى رأسها المنافسة الشديدة” مع الصين، ومواجهة التحديات الناجمة عن مبادرة “الحزام والطريق” (“ذي أتلانتيك”، 25 حزيران/تموز 2021).
إبعاد إيران عن التأثير في المشهد الأفغاني، على الرغم من نحو 1000 كلم من الحدود الطويلة المشتركة والعلاقات المتداخلة لأزمنة طويلة، هو هدف ثابت لواشنطن سعت للقفز عليه بتوظيف الدور التركي لمهام “حماية مطار كابل” بعد انسحابها.
واشنطن أخذت علماً بمبادرة طهران إلى استضافة ممثلين عن حكومة كابول وحركة “طالبان” لتقريب وجهات النظر، بهدف إبعاد شبح الحرب الأهلية، فيما الدوائر الأميركية قلقة من إمكانية انضمام أفغانستان إلى محور إيران في مرحلة لاحقة، وخصوصاً بعد إعلان “طالبان” سيطرتها على معبر “إسلام قلعة”، أهم معبر حدودي مع إيران. يشار إيضاً إلى أعفاء كابول من عقوبات واشنطن والسماح لها باستيراد الوقود والغاز من إيران (موقع “قناة الحرة”، 9 تموز/يوليو 2021).
راهن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على تجاوز بلاده تباينات سياساتها مع واشنطن، على خلفية معارضة الأخيرة شراء منظومة “أس-400” الروسية للدفاع الجوي، عارضاً مع الرئيس الأميركي جهوزية بلاده لاستكمال الدور الأمني الموكل إليها في الإقليم تحت سقف حلف الناتو، لحماية مطار كابول بعد انسحاب القوات الأميركية، باعتبارها “فرصته الثمينة للحصول على موطيء قدم” في بلدٍ محاذٍ لجمهوريات آسيا الوسطى وأصولها التركمانية.
لا يخفي أردوغان نياته بإحياء “الخلافة العثمانية” كمظلة سياسية للتمدّد في أراضي الغير والسيطرة على مواردها، بما فيها أفغانستان، “الغنية بالذهب والحديد والكوبالت واليورانيوم والمعادن النادرة” التي تستثمر استخراجها شركات صينية راهناً.
النفوذ التركي المباشر في أفغانستان يعود إلى نحو 20 عاماً، مع بدء العدوان الأميركي على البلاد، وتوكيل أنقرة القيام ببعض المهام “لبناء مؤسسات الدولة”، نجم عنها تدريبها نحو 15،000 عنصر من القوات العسكرية والأمنية الأفغانية في تركيا. تجدد واشنطن رغبتها في دور تركي في أفغانستان يمثل غطاءً سياسياً لاستمراره، توظّفه أنقرة في تليين مواقف واشنطن، كما رأت يومية “وول ستريت جورنال”، في 2 تموز/يوليو 2020.
جرت مكالمة هاتفية بين وزيري دفاع البلدين، خلوصي أكار ولويد أوستن، اتفقا فيها على مناقشة التفاصيل “اللوجستية والسياسية والمالية” المتعلقة بذلك، عقب لقاء رئيسي البلدين في قمة الأطلسي الأخير. كلفة “العرض التركي” تقدر بنحو 130 مليون دولار سنوياً، ويعتقد أن واشنطن ستعوّض أنقرة مباشرة عن ذلك (19 حزيران 2021).
سارعت حركة “طالبان” إلى إعلان رفضها وجود أي قوات عسكرية أجنبية، معتبرة أن “القوات التركية هي قوات احتلال”، ما سيعرضها لهجمات مسلّحة. وقد تتسع رقعة الاشتباكات مع القوات التركية وتستدرج فيها باكستان، الحليف الأميركي الموثوق، لفترة قريبة، في سياق مواجهة أوسع ترمي منها كل من أنقرة وواشنطن “إلى تقسيم أفغانستان” لتفادي حدة الصراع المفتوح، وإبقاء طهران بعيدة عن ممارسة نفوذها، وخصوصاً بعد أن استثنتها واشنطن لها من المشاركة في مفاوضات الدوحة مع حركة “طالبان” (صحيفة “واشنطن بوست”، 10 تموز/يوليو 2021).
يواجه أردوغان تبلور معارضة متجدّدة من عدة أحزاب لإرسال قوات عسكرية خارج البلاد، بعد أن منحته تفويضاً سابقاً بذلك في إرسال قوات عسكرية إلى سوريا والعراق وليبيا تحت ذريعة “الأمن القومي”.
على الرغم من رسائل الطمأنة المتبادلة بين حركة “طالبان” وأنقرة، على أرضية عدم حساسية الأولى من طرف يشاطرها العقيدة الدينية بخلاف ما خبرته من موسكو وواشنطن، فإنّ تقدمها المتسارع في السيطرة على الأراضي الأفغانية لا يشكّل عاملاً مشجّعاً لتقاربها مع تركيا، مكتفيةً بتصريحات عبّرت فيها عن رغبتها في “إقامة علاقات طيبة مع تركيا مستقبلاً”.
ستواجه أنقره صعوبة ملحوظة في تليين حركة “طالبان” أو إقناعها بأنّ مهمة قواتها ليست بموازاة أجندة أميركية أو أطلسية، إذ بادرت الأولى إلى توظيف علاقاتها الطيبة مع باكستان وقطر لدعم وجهة نظرها.
الكلمة الفصل ستبقى في أيدي الأفغان أنفسهم، بمن فيهم حركة “طالبان”، والذين لا يبدون أي حماسة في استبدال احتلال عسكري غربيّ، ليحلّ احتلال آخر يتدثر بعباءة الدين بدلاً منه.
لرفض بايدن المذكور أسباب “وجيهة”، نظراً إلى تجدّد شبح فيتنام والتذكير بهروب السفير الأميركي “فجأة” من سايغون، نيسان/إبريل 1975، ثبّتتها وسائل الإعلام بصورة تثبت الإهانة التي تلقّتها واشنطن، وإلقائها المتعاونين معها من الفيتناميين أرضاً من سطح مبنى السفارة.
واشارت إحدى كبريات الصحف اليومية إلى أولئك المتعاونين “الذين ترُكوا وحيدين ليواجهوا مصيرهم في بلدانهم”، وإجلاء البنتاغون موظّفيه من الكرد العراقيين بعد تجدد المواجهات مع الجيش العراقي في العام 1996، ومن ثم “قتل العديد من العراقيين (المتعاونين مع واشنطن) خلال سيطرة القوات الأميركية على العراق” حتى عام 2011 (يومية “واشنطن بوست”، 25 حزيران/يونيو 2021).
كما حذّر الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس من تجدّد ذكريات تصفية الموالين لواشنطن في حرب فيتنام، والذي “لا ينبغي أن يعيد (التاريخ) نفسه” لنحو 1000 مترجم محلي في أفغانستان (مقال على موقع “وكالة بلومبيرغ”، 22 حظيران/يونيو 2021).
إتمام الانسحاب الأميركي “المذِلّ” من أفغانستان، وامتداداً العراق، استغرق نحو 8 سنوات منذ العام 2011، سعت واشنطن خلالها إلى شراء مزيد من الوقت عبر التفاوض البطيء مع “طالبان” لتفادي مظاهر غير مريحة للمشاهد الأميركي، حدّدت نهايته في 11 أيلول/سبتمبر المقبل، وردت عليه “طالبان” بأن الانسحاب ينبغي أن يستكمل في الأول من أيار/مايو الماضي، وفق الاتفاق المبرم مع إدارة الرئيس ترامب. أما بقاء القوات الأجنبية بعد ذلك التاريخ، فيعد انتهاكاً للاتفاق مع واشنطن.
قرار الانسحاب جاء ثمرة مراجعات مكثّفة لدوائر القرار السياسي الأميركي، من سياسيين وعسكريين على السواء، عقب تيقّنهم من حقيقة سياسة الصين في عهد رئيسها الجديد، شي جينبينغ، بتأكيده تخصيص موارد متعددة لتعزيز القوات العسكرية في مواجهة الأساطيل الأميركية. أما روسيا، الخصم الدائم لأميركا، فقد حذّرت واشنطن بشدة من تنامي قوتها العسكرية، كما رأت وثيقة “استراتيجية الأمن القومي” في العام 2017، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
استعاد البنتاغون خطاب حقبة الحرب الباردة في مواجهة الصين وروسيا، ما شكّل مؤشراً على محاور جديدة لبؤر الصراع المحتمل بين القوى العظمى، أبرزها “أوكرانيا وتايوان” كأولوية، بدلاً من المواجهة في أفغانستان وسوريا والعراق، توطئةً لمزيد من الاستثمار في القوة العسكرية الأميركية، تشمل “تحديث الأسلحة النووية وبناء غواصات هجومية وقاذفات صواريخ بعيدة المدى”، واكبها أيضاً استحداث قيادتي القوات الفضائية والالكترونية الأميركية.
الانسحاب من أفغانستان، ضمن الأبعاد الاستراتيجية الأميركية في المدى المنظور، كان ضرورياً لتوجيه الموارد الأميركية نحو الصين وروسيا وإيران، علاوةً على التماشي مع النبض الشعبي الأميركي وعدم حماسته لمزيد من الانخراط العسكري في ساحات بعيدة، بعدما شاهد الأميركي بأمّ عينه شرائط فيديو حديثة لقوات “طالبان” في مسيرة احتفالية بأسلحة أميركية استولت عليها.
وأوضح الرئيس بايدن توجهات بلاده مؤخراً، مشدداً على “الحاجة إلى إعادة توجيه اهتمام الولايات المتحدة وقدراتها إلى أولويات السياسة الخارجية الأميركية الأكثر إلحاحاً، وعلى رأسها المنافسة الشديدة” مع الصين، ومواجهة التحديات الناجمة عن مبادرة “الحزام والطريق” (“ذي أتلانتيك”، 25 حزيران/تموز 2021).
إبعاد إيران عن التأثير في المشهد الأفغاني، على الرغم من نحو 1000 كلم من الحدود الطويلة المشتركة والعلاقات المتداخلة لأزمنة طويلة، هو هدف ثابت لواشنطن سعت للقفز عليه بتوظيف الدور التركي لمهام “حماية مطار كابل” بعد انسحابها.
واشنطن أخذت علماً بمبادرة طهران إلى استضافة ممثلين عن حكومة كابول وحركة “طالبان” لتقريب وجهات النظر، بهدف إبعاد شبح الحرب الأهلية، فيما الدوائر الأميركية قلقة من إمكانية انضمام أفغانستان إلى محور إيران في مرحلة لاحقة، وخصوصاً بعد إعلان “طالبان” سيطرتها على معبر “إسلام قلعة”، أهم معبر حدودي مع إيران. يشار إيضاً إلى أعفاء كابول من عقوبات واشنطن والسماح لها باستيراد الوقود والغاز من إيران (موقع “قناة الحرة”، 9 تموز/يوليو 2021).
راهن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على تجاوز بلاده تباينات سياساتها مع واشنطن، على خلفية معارضة الأخيرة شراء منظومة “أس-400” الروسية للدفاع الجوي، عارضاً مع الرئيس الأميركي جهوزية بلاده لاستكمال الدور الأمني الموكل إليها في الإقليم تحت سقف حلف الناتو، لحماية مطار كابول بعد انسحاب القوات الأميركية، باعتبارها “فرصته الثمينة للحصول على موطيء قدم” في بلدٍ محاذٍ لجمهوريات آسيا الوسطى وأصولها التركمانية.
لا يخفي أردوغان نياته بإحياء “الخلافة العثمانية” كمظلة سياسية للتمدّد في أراضي الغير والسيطرة على مواردها، بما فيها أفغانستان، “الغنية بالذهب والحديد والكوبالت واليورانيوم والمعادن النادرة” التي تستثمر استخراجها شركات صينية راهناً.
النفوذ التركي المباشر في أفغانستان يعود إلى نحو 20 عاماً، مع بدء العدوان الأميركي على البلاد، وتوكيل أنقرة القيام ببعض المهام “لبناء مؤسسات الدولة”، نجم عنها تدريبها نحو 15،000 عنصر من القوات العسكرية والأمنية الأفغانية في تركيا. تجدد واشنطن رغبتها في دور تركي في أفغانستان يمثل غطاءً سياسياً لاستمراره، توظّفه أنقرة في تليين مواقف واشنطن، كما رأت يومية “وول ستريت جورنال”، في 2 تموز/يوليو 2020.
جرت مكالمة هاتفية بين وزيري دفاع البلدين، خلوصي أكار ولويد أوستن، اتفقا فيها على مناقشة التفاصيل “اللوجستية والسياسية والمالية” المتعلقة بذلك، عقب لقاء رئيسي البلدين في قمة الأطلسي الأخير. كلفة “العرض التركي” تقدر بنحو 130 مليون دولار سنوياً، ويعتقد أن واشنطن ستعوّض أنقرة مباشرة عن ذلك (19 حزيران 2021).
سارعت حركة “طالبان” إلى إعلان رفضها وجود أي قوات عسكرية أجنبية، معتبرة أن “القوات التركية هي قوات احتلال”، ما سيعرضها لهجمات مسلّحة. وقد تتسع رقعة الاشتباكات مع القوات التركية وتستدرج فيها باكستان، الحليف الأميركي الموثوق، لفترة قريبة، في سياق مواجهة أوسع ترمي منها كل من أنقرة وواشنطن “إلى تقسيم أفغانستان” لتفادي حدة الصراع المفتوح، وإبقاء طهران بعيدة عن ممارسة نفوذها، وخصوصاً بعد أن استثنتها واشنطن لها من المشاركة في مفاوضات الدوحة مع حركة “طالبان” (صحيفة “واشنطن بوست”، 10 تموز/يوليو 2021).
يواجه أردوغان تبلور معارضة متجدّدة من عدة أحزاب لإرسال قوات عسكرية خارج البلاد، بعد أن منحته تفويضاً سابقاً بذلك في إرسال قوات عسكرية إلى سوريا والعراق وليبيا تحت ذريعة “الأمن القومي”.
على الرغم من رسائل الطمأنة المتبادلة بين حركة “طالبان” وأنقرة، على أرضية عدم حساسية الأولى من طرف يشاطرها العقيدة الدينية بخلاف ما خبرته من موسكو وواشنطن، فإنّ تقدمها المتسارع في السيطرة على الأراضي الأفغانية لا يشكّل عاملاً مشجّعاً لتقاربها مع تركيا، مكتفيةً بتصريحات عبّرت فيها عن رغبتها في “إقامة علاقات طيبة مع تركيا مستقبلاً”.
ستواجه أنقره صعوبة ملحوظة في تليين حركة “طالبان” أو إقناعها بأنّ مهمة قواتها ليست بموازاة أجندة أميركية أو أطلسية، إذ بادرت الأولى إلى توظيف علاقاتها الطيبة مع باكستان وقطر لدعم وجهة نظرها.
الكلمة الفصل ستبقى في أيدي الأفغان أنفسهم، بمن فيهم حركة “طالبان”، والذين لا يبدون أي حماسة في استبدال احتلال عسكري غربيّ، ليحلّ احتلال آخر يتدثر بعباءة الدين بدلاً منه.