من الصحافة الاسرائيلية
اجتمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين برئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت خلال زيارة سرية خاطفة أجراها الأخير إلى العاصمة الأردنية عمّان الأسبوع الماضي في أول لقاء يجمع ملك الأردن ورئيس حكومة إسرائيلية منذ أكثر من خمس سنوات، بحسب ما ذكرت تقارير صحافية.
جاء ذلك بحسب ما نقل المراسل السياسي لموقع “واللا” الإسرائيلي باراك رافيد نقلا عن مسؤول إسرائيلي سابق، لم يذكر اسمه، وأشار المصدر إلى أن الاجتماع عقد في “أجواء إيجابية للغاية”. وأفاد بأنه في بداية الاجتماع، أبلغ بينيت الملك عبد الله بـ”استعداده على الموافقة على صفقة بيع حصص مياه إضافية للأردن”.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي السابق أن “بينيت والملك عبد الله اتفقا على فتح صفحة جديدة في العلاقات والعودة إلى الحوار الطبيعي بين الطرفين”، وذلك في أعقاب التوتر الذي شاب العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين في السنوات الأخيرة، و”القطيعة طويلة الأمد بين الملك عبد الله ورئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو”، بحسب ما جاء في التقرير.
وفي وقت سابق اليوم، اتفق وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، مع نظيهر الإسرائيلي، يائير لبيد، على أن تبيع إسرائيل للأردن 50 مليون كوب مياه آخر سنويا. وسيتم إنهاء العمل على التفاصيل النهائية بواسطة فريقين مهنيين في الأيام المقبلة؛ وأشار رافيد إلى أن هذا الاتفاق تم بناء على التفاهمات بين بينيت والملك عبد الله.
وكان تقرير إسرائيلي قد أشار أمس، إلى أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة أجرت بالفعل العديد من التحولات في السياسة الخارجية والدبلوماسية الإسرائيلية، ولفت إلى أن بينيت يعمل على إصلاح العلاقات مع الأردن، التي تضررت بشدة خلال عهد نتنياهو.
ولفت التقرير إلى أن موافقة الحكومة الإسرائيلية “السريعة” على طلب كانت قد تقدمته به السلطات الأردنية، بتزويدها بحصص إضافية من مياه بحيرة طبرية، بموجب اتفاقية “وادي عربة”، على خلفية أزمة المياه في الأردن، جاءت في هذا السياق.
وكان بينيت قد وافق على بيع كميات من المياه للأردن، بحيث لا تتجاوز الكمية السنوية 50 مليون كوب، وذلك حتى نهاية العام 2022 المقبل. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن بينيت صادق على بيع هذه الكمية لمدة خمس سنوات، وأوعز لمجلس الأمن القومي بدراسة الطلبات الأردنية بهذا الخصوص وفقا للظروف في كل سنة.
وجاءت المصادقة على طلب الأردن على خلفية موقف المسؤولين المهنيين في سلطة المياه الإسرائيلية بأن الوضع في بحيرة طبرية يسمح بالاستجابة للطلب. وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن الأردن ستدفع الثمن الكامل مقابل المياه، بحيث أن “هذه اللفتة الحسنة لن تكلف دافع الضرائب الإسرائيلي شيئا”.
قال كاتب إسرائيلي إنه “رغم توقيع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة السابق على اتفاقيات التطبيع، وإقامة علاقات مع دول في أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، إلا أنه أثار أيضا معارضة العديد من الزعماء الذين كرهوه، ومع بديله، أتيحت الفرصة لتحسين العلاقات مع الحلفاء والقادة المهملين”.
وأضاف ليزر بيرمان في مقاله على موقع “زمن إسرائيل” أنه “خلال فترة حكم نتنياهو الـ12 عاما، اتخذت إسرائيل خطوات مهمة على الساحة الدولية، لكن الكثير من الإسرائيليين يعتقدون أن رحيله قد يؤدي لإنجازات لا تقل عن ذلك، فإسرائيل الآن في قلب تحالف طاقة ناشئ في شرق البحر المتوسط، مع شراكات عربية وأوروبية، التي وقعت مع إسرائيل سلسلة من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية”.
وأشار إلى أنه “في أوروبا الوسطى والشرقية حصل تحول دراماتيكي باتجاه إسرائيل، وعارضت دول فيها القوى الأوروبية التي ضغطت لإدانتها، وحافظت على حوار استراتيجي وتكتيكي مثمر مع روسيا، التي دخلت قواتها إلى سوريا المجاورة، ونظمت الولايات المتحدة بقيادة ترامب تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وإبرام الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية”.
أحد كبار مستشاري نتنياهو قال إنه “أوصل تحالفات إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة، بما في ذلك توقيع أربع اتفاقيات تطبيع تاريخية مع الدول العربية، لكنه في الوقت نفسه عمل على تفتيت علاقات إسرائيل مع أكثر شراكاتها حيوية إلى حد كبير خلال فترة حكمه، وفي بعض الحالات، ظهر هو نفسه مصدر توتر متزايد في علاقات إسرائيل الخارجية، واليوم بعد أن أصبح في المعارضة، فإن هناك فرصا جديدة لإسرائيل في الساحة الدولية”.
دانيال بلاتكا الكاتب البارز في أبحاث السياسة الخارجية والأمن بمعهد AEI في واشنطن، يرى أن “الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستستفيد من عدم وجود نتنياهو، لكن من يتوقعون أن يرسم بينيت- لابيد مسارًا جديدًا بشأن قضايا مثل إيران أو الفلسطينيين فسيجدون أنفسهم محبطين، باستثناء بعض الإيماءات الصغيرة حول القضية الفلسطينية، مثل تغيير اللهجة“.
غيل مورسيانو مدير معهد “ميتفيم” للسياسات الخارجية الإسرائيلية يرى أنه عندما توجد حكومة مستقطبة أيديولوجيًا، فلا يمكن فعل الكثير، ولا اتخاذ إجراءات صارمة، يرجح أن يحدث تغيير على المستوى المهني، وليس على المستوى الأيديولوجي”.
وأوضح أن “العديد من القادة الدوليين رأوا في نتنياهو أنه اختار جانبا يمينياً في علاقاته الخارجية، فالديمقراطيون اعتبروه حليفا للحزب الجمهوري وترامب، والقادة الأوروبيون راقبوه وهو يقيم علاقات ودية مع القادة المناهضين لليبرالية مثل المجري فيكتور أوربان والبرازيلي جايير بولسونارو، ما جعله شخصية مثيرة للجدل داخل الساحة الأوروبية”.
ولفت إلى أن “أحد التوقعات الرئيسية أن إسرائيل ستحرز تقدما في القضية الفلسطينية، لا أحد يتوقع اتفاقا دائما في المستقبل القريب، لكن هناك رغبة حقيقية باتخاذ تدابير لبناء الثقة، من خلال تحسين الظروف في الضفة الغربية، وإعادة إعمار غزة، باعتبارهما مفتاح تعزيز التحالفات المهمة لإسرائيل، لأن رئيس الولايات المتحدة يريد أولا وقبل كل شيء تهدئة المنطقة من أجل تجنب الانغماس فيها مرة أخرى، والحفاظ على الهدوء”.
ناثان زاكس رئيس مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز بواشنطن، قال إننا “نرى بالفعل في واشنطن رغبة في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية بعد سنوات نتنياهو، صحيح أن بينيت أبعد من نتنياهو عن إدارة بايدن، لكن الأخير لا يخطط لاستئناف المفاوضات حول تسوية دائمة، لذلك فقد تحتل الخلافات حول هذه القضية مكانة أقل مركزية، بقدر ما تسمح به التطورات على الأرض”.
وأكد أن “العلاقات مع فرنسا التي كانت شريكًا إشكاليًا لإسرائيل في عهد نتنياهو، قد تتغير في ظل الحكومة الجديدة، ويبدو أن لابيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقدران بعضهما، فقبل أيام من انتخابات أبريل 2019، التقيا في باريس، كخطوة بدأها ماكرون لمساعدة لابيد على الفوز في الانتخابات، واعتبره لابيد صديقًا، ودعمه في انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2017”.