من الصحافة الاميركية
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا للصحفيين نجم رحيم وثوما غيبسون نيف، قالا فيه إنه عندما سيطرت طالبان على منطقة الإمام صاحب في شمال أفغانستان في حزيران/ يونيو أرسل قائد المتمردين الذي يحكم المنطقة الآن رسالة إلى رعاياه الجدد، بما في ذلك بعض موظفي الحكومة: استمروا في العمل، وافتحوا محالكم، وحافظوا على نظافة المدينة.
أعيد تشغيل المياه وأصلحت شبكة الكهرباء، وقامت شاحنات القمامة بجمع القمامة، وأُصلح إطار سيارة حكومية مثقوب، كل ذلك تحت إشراف طالبان.
إمام صاحب واحدة من عشرات المناطق التي هاجمتها طالبان عسكريا، واستولت بسرعة على أكثر من ربع مناطق أفغانستان، العديد منها في الشمال، منذ بدء الانسحاب الأمريكي في أيار/ مايو.
كل هذا جزء من استراتيجية طالبان الأوسع نطاقا لمحاولة إعادة إخراج أنفسهم على أنهم حكام قادرون، بينما هم يشنون هجوما قاسيا للاستيلاء على الأراضي في جميع أنحاء البلاد. هذا المزيج هو إشارة صارخة إلى أن المتمردين يعتزمون بشكل كامل محاولة الهيمنة الشاملة على أفغانستان بمجرد انتهاء الانسحاب الأمريكي.
قال سراج الدين حقاني، نائب قائد طالبان ورئيس الجناح الأكثر عنفا في الحركة، في بث إذاعي حديث لمقاتلي طالبان: “إن الوضع يمثل فترة اختبار بالنسبة لنا. إن كل الممارسات تتم مراقبتها.. تصرفوا بطريقة جيدة مع عامة الناس”.
لكن الدلائل على أن طالبان لم تتغير للأفضل تتضح بشكل متزايد؛ فحملة الاغتيال ضد موظفي الحكومة وقادة المجتمع المدني وقوات الأمن مستمرة. وهناك القليل من الجهد للاستمرار في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، على الرغم من الالتزامات التي تم التعهد بها لأمريكا. وفي المناطق التي سيطر عليها المتمردون، تُجبر النساء على ترك الوظائف التي فيها تعامل مع الجمهور، وتخرج الفتيات من المدارس، ما يقوض الكثير من المكاسب التي تحققت خلال عشرين عاما الماضية من الوجود الغربي.
بالنسبة للكثير من الجمهور الأفغاني، المرعوبين والمنهكين، كانت مكاسب طالبان مسببة للذعر. وهناك خوف واسع النطاق من أن الأسوأ قادم، حيث إن طالبان تقوم بالفعل بمحاصرة العديد من عواصم المناطق المهمة.
بدأت المجموعات الإقليمية في حشد المليشيات للدفاع عن أراضيها، متشككة في قدرة قوات الأمن الأفغانية على الصمود في غياب داعميها الأمريكيين، في تكرار مؤلم لاشتعال الحرب الأهلية المدمرة في البلاد في التسعينيات.
في الأماكن التي يحكمونها الآن، فرضت طالبان قواعدها الإسلامية المتشددة، مثل منع النساء من العمل أو حتى الخروج من منازلهن دون مرافق، وفقا لسكان في المناطق التي تم الاستيلاء عليها مؤخرا. الموسيقى محظورة، ويُطلب من الرجال التوقف عن حلق اللحى. من المفترض أيضا أن يوفر السكان الطعام لمقاتلي طالبان.
تظهر الوثائق والمقابلات مع قادة المتمردين ومسؤولي طالبان أن النجاحات الأخيرة للجماعة لم تكن متوقعة، وأن قادة طالبان يحاولون بشكل عشوائي الاستفادة من مكاسبهم العسكرية والسياسية المفاجئة.
لم يتم الاستيلاء على المناطق دائما من خلال القوة العسكرية المحضة. سقط البعض بسبب سوء الإدارة، والبعض الآخر بسبب التنافس بين رجال محليين أقوياء وتدني الروح المعنوية بين قوات الأمن.
داخليا، الرسالة من قيادة طالبان إلى مقاتليها هي أنه على الرغم من أنهم شهدوا زيادة في الخسائر، إلا أنهم ينتصرون في معركتهم ضد الحكومة الأفغانية مع رحيل القوات الدولية.
على بعد أكثر من 1000 ميل في قطر، لم تحرز محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وممثلي طالبان سوى القليل من التقدم، حيث نادرا ما يجتمع الجانبان.
في الوقت الحالي، تركز طالبان طاقتها على تحسين صورتها في الأماكن التي سيطرت عليها. النجاح ليس مضمونا، فسجل حكم الحركة خلال فترة وجودها في السلطة قبل عام 2001 كان ضعيفا. تأخرت الخدمات، وانتشرت الوحشية في الأماكن العامة، وتفشى الخوف.
في إحدى مناطق شمال أفغانستان، ذهب حاكم طالبان الجديد للمنطقة مباشرة إلى بيت القصيد، محاولا إقناع السكان بأن يأمنوا على أرواحهم.
وروى نجيب الله، أحد السكان المحليين، والذي طلب استخدام اسمه الأول فقط لحمايته، قول القائد في ساحة البلدة: “حياة الجميع آمنة”. لكن نجيب الله أضاف: “الناس خائفون، وهم غير مرتاحين”.
صوّر السكان الخطاب بالهواتف الذكية -التكنولوجيا التي حظرتها حركة طالبان ودمرتها في بعض المناطق- مع صدى أبواق السيارات في الخلفية، ترحيبا بقيادة المناطق الجديدة، لقد سلط الاستقبال الحار إلى حد ما الضوء فقط على التعقيدات المستمرة للحرب.
وأوضح محمد نسيم مدابر، عضو البرلمان من مقاطعة بغلان الذي ذهب إلى الخطوط الأمامية للمساعدة في استعادة أجزاء من المقاطعة، أن المنطقة سقطت بسبب الخلافات الداخلية بين السياسيين المحليين وقادة المليشيات التي تركت الأمن ضعيفا، وانفتح السكان المحليون على فكرة سلطات حاكمة جديدة، وهي الظروف التي استغلتها حركة طالبان بسهولة.
مع تقدم طالبان على الأرض، أصبح لدى المقاتلين توجيهات لمعاملة جنود الحكومة الأسرى بعناية وإطلاق سراحهم في النهاية، كما طُلب منهم فرض حصار على عواصم المقاطعات الأكبر القريبة منهم، لكن لا يدخلوها. في أماكن مثل إمام صاحب، يُسمح لبعض موظفي الخدمة المدنية بالعودة إلى العمل -باستثناء النساء- للمساعدة في استمرار عمل البلدات والمدن، رغم أنه من غير الواضح من يدفع لهم.
تهدف هذه التوجيهات بوضوح إلى تجنب الدعاية السيئة -المنازل المدمرة والمدنيون القتلى والأشغال العامة المتضررة- ويبدو على الأقل أنها تلتزم بالاتفاق بين أمريكا وطالبان المبرم في عام 2020، حيث حدد الاتفاق بعض التكتيكات العسكرية التي يجب أن يمتنع الطرفان عنها، بما في ذلك مهاجمة عواصم المقاطعات.
لكن يبدو أن الالتزام بالاتفاق قد تم تجاهله عندما لم يدخل مقاتلو طالبان عاصمة واحدة فقط، بل عدة عواصم إقليمية في الأسابيع الأخيرة، ومع أنباء عن اندلاع قتال في الشوارع ومقتل وإصابة عشرات الجنود والمدنيين، وتدمير كميات لا حصر لها من الممتلكات.
كما ظهرت تقارير عن قيام المقاتلين المتمردين بالانتقام من السكان المحليين، ما يشير إلى القدرة المحدودة لقادة طالبان على التحكم في تشكيلاتهم من القادة الميدانيين – جميعهم من أعراق مختلفة، وولاءات متباينة ومستويات غير واضحة من الالتزام بهيكل قيادة المجموعة.
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للمديرة التنفيذية لمنظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” التي أنشأها جمال خاشقجي، سارة لي ويتسون، طالبت فيه إدارة بايدن بكشف ما تعرفه عن جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقالت ويتسن إن هناك كشفين حديثين عن مقتل خاشقجي بما في ذلك أن أربعة أعضاء من فريق الاغتيالات التابع لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والمعروف باسم “فرقة النمر”، تلقوا تدريبات شبه عسكرية في أمريكا، وأن مصر متهمة بتقديم السم القاتل الذي استخدم لقتل خاشقجي، هما مجرد قمة جبل الجليد من المعلومات التي لا تزال مخفية.
وتساءلت: من أيضا من خارج السعودية متورط في هذه الجريمة؟ ماذا يعرف المسؤولون الأمريكيون، ومتى، عن خطط قتله؟ ماذا تعرف إدارة بايدن أيضا ولا تخبرنا؟ هل سيستجوبون الأمير خالد بن سلمان، السفير السعودي السابق لدى أمريكا ونائب وزير دفاعها الحالي، خلال لقاءاتهم معه عندما يأتي إلى واشنطن هذا الأسبوع، حول دوره في جريمة القتل، بما في ذلك السجلات الهاتفية لاتصالاته مع خاشقجي؟
وكان تقرير الأمم المتحدة الذي أعدته المقررة الخاصة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القانون، أغنيس كالامارد، قد كشف في وقت سابق أن الطائرة التي استخدمها عدد من أعضاء فريق الاغتيال السعودي توقفت في القاهرة في طريق عودتهم من إسطنبول بعد مقتل خاشقجي، لكن الدليل على أن الفريق توقف في القاهرة في طريقه إلى جريمة القتل لأخذ السم لم يظهر إلا هذا الشهر.
وكشف تحقيق أجرته “ياهو نيوز” أن الطائرة توقفت في القاهرة في طريقها إلى جريمة القتل في إسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، بناء على معلومات من تطبيق Plane Finder، وهو تطبيق يتتبع مسار الرحلات من خلال أرقام ذيلها. وكشفت “ياهو نيوز” أيضا عن بيان المدعي العام السعودي، المسجل في ملاحظات مسؤول تركي من محاكمة الرياض السرية لأعضاء فريق الاغتيال من المستوى الأدنى، أنهم توقفوا في القاهرة من أجل أخذ السم. الطائرة نفسها كانت مملوكة لشركة Sky Prime Aviation، وهي شركة استولى عليها ولي العهد السعودي في عام 2017 وهي مملوكة الآن لصندوق الثروة السيادي للمملكة، الذي يرأسه. ومن المؤكد أن التوقف في القاهرة يدعم كميات الأدلة على أن السعوديين خططوا لقتل خاشقجي منذ البداية، على الرغم من أن الجهة التي نسقت تسليم السم في الحكومة المصرية لا تزال غير معروفة.
نعلم الآن أيضا بسبب التقارير التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز أن مجموعة (تاير1)، وهي شركة مقاولات أمنية أمريكية (يعمل بها مسؤولون عسكريون أمريكيون سابقون) ومملوكة لشركة الأسهم الخاصة “سيربيروس كابيتال مانجمنت” (التي يعمل بها حاليا بعض الحلفاء والمسؤولين البارزين في إدارة ترامب) قدموا تدريبات عسكرية، بموافقة الحكومة الأمريكية، لأربعة من أفراد من فرقة النمر قبل عام واحد فقط من القتل.
قال لويس بريمر، أحد كبار التنفيذيين في شركة “سيربيروس” والذي كان عضوا في مجلس إدارة “تاير1″، لمجلس الشيوخ العام الماضي خلال جلسة الاستماع الفاشلة لتأكيد وظيفة في البنتاغون إنه “لم يكن على علم” بأن شركته دربت أعضاء فرقة الاغتيال، على الرغم من أن أسماءهم كانت معلنة في ذلك الوقت، لكنه أكد فيما بعد تدريبهم في شهادة مكتوبة أخفتها إدارة ترامب عن الكونغرس، في محاولة واضحة للتستر أكثر على محمد بن سلمان. كما أن الرئيس التنفيذي لشركة “سيربيروس”، ستيفن فينبرغ، الذي حاول ترامب أيضا تعيينه في وظيفة استخباراتية رفيعة العام الماضي، قدم أكثر من 3.2 ملايين دولار إلى لجان العمل السياسي المؤيدة لترامب، وقام مؤخرا بتعيين المسؤول السابق في إدارة ترامب والمدافع عن السعودية، برايان هوك، نائبا لرئيس شركة “سيربيروس”.
تحدث الرئيس بايدن بشكل مقنع حول محاسبة قتلة خاشقجي حتى أنه وعد خلال حملته بإنهاء مبيعات الأسلحة إلى السعودية. ولكن لم ترفض إدارته فقط معاقبة محمد بن سلمان -المهندس الرئيسي لعملية القتل- واستمرت في بيع الأسلحة تحت اسم “الأسلحة الدفاعية”، بل يبدو الآن أنها تحجب المعلومات الهامة عن مقتل خاشقجي.