من الصحافة الاميركية
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا أشارت فيه إلى أنه مع اندلاع الحرب في شمال إثيوبيا، واتجاه المنطقة بشكل حثيث إلى أسوأ مجاعة منذ عقود، وصل مبعوث أمريكي كبير إلى العاصمة الإثيوبية الشهر الماضي على أمل إقناع رئيس الوزراء آبي أحمد بإخراج بلاده من دوامة مدمرة يخشى الكثيرون أنها قد تمزقها.
وقالت الصحيفة في تقرير إن آبي اصطحب ضيفه الأمريكي مبعوث إدارة بايدن للقرن الأفريقي، جيفري دي فيلتمان، في جولة مرتجلة مدتها أربع ساعات في أديس أبابا، قاده رئيس الوزراء عبر متنزهات المدينة الجديدة الذكية وساحة مركزية تم تجديدها، حتى أنه ذهب به بشكل غير متوقع إلى حفل زفاف حيث وقف الرجلان لالتقاط الصور مع العروس والعريس.
كانت محاولة آبي تغيير الصورة، وإبراز التقدم الاقتصادي في حين أن أجزاء من بلاده تحترق، وهذه مجرد أحدث علامة على مسار مضطرب حير المراقبين الدوليين الذين يسألون أنفسهم كيف أخطأوا فهمه إلى هذا الحد.
منذ وقت ليس ببعيد كان آبي الذي يواجه الناخبين الإثيوبيين يوم الاثنين في انتخابات برلمانية طال انتظارها أملا مشرقا للبلد والقارة. وبعد وصوله إلى السلطة في عام 2018، شرع في زوبعة من الإصلاحات الطموحة: إطلاق سراح السجناء السياسيين، والترحيب بالمنفيين من الخارج، والأكثر إثارة للإعجاب، إبرام اتفاق سلام تاريخي مع إريتريا، العدو القديم لإثيوبيا، في غضون أشهر.
انبهر الغرب، المتلهف لقصة نجاح باهرة في أفريقيا، وفي غضون 18 شهرا، مُنح آبي، وهو ضابط مخابرات سابق، جائزة نوبل للسلام.
ولكن في غضون تسعة أشهر فقط، تحطمت هالة آبي، وأصبحت الحرب الأهلية التي اندلعت في منطقة تيغراي الشمالية في تشرين الثاني/ نوفمبر مثالا على الفظائع ضد المواطنين الإثيوبيين.
واتهمت قوات آبي بارتكاب مذابح واعتداءات جنسية وتطهير عرقي. وفي الأسبوع الماضي أعلن مسؤول كبير في الأمم المتحدة أن تيغراي تعاني من ويلات مجاعة – وهي الأسوأ في العالم منذ وفاة 250 ألف شخص في مجاعة في الصومال قبل عقد من الزمن، على حد قوله.
وفي أماكن أخرى من إثيوبيا أودى العنف العرقي بحياة المئات وأجبر مليوني شخص على الفرار من ديارهم. وتحول نزاع حدودي دفين مع السودان إلى مواجهة عسكرية كبيرة.
الكولونيل سهراب عظيمي نجل جنرال أفغاني وضابط ذو سجل أكاديمي مبهر، اشتهر بجرأته العسكرية وتلقى تدريبه في الولايات المتحدة، وكان قائدا ميدانيا في القوات الخاصة الأفغانية، وقد اقترن اسمه بعمليات الإنقاذ واستعادة المواقع الأمامية من قبضة حركة طالبان ورمزا “لأفضل أمل” تمتلكه أفغانستان في دحر “المتمردين” فيما بدأت القوات الأميركية انسحابها من البلاد.
بهذه العبارات استهلت باميلا كونستابل -المراسلة الدولية لصحيفة واشنطن بوست تقريرا لها عن الوضع الميداني في أفغانستان، معتبرة أن مقتل عظيمي (31 عاما) وكامل فريقه المكون من 22 شخصا الأربعاء الماضي على يد قوات طالبان -بعد أن تمت محاصرتهم وهم ينتظرون تعزيزات لم تأت خلال دفاعهم عن قاعدة بمقاطعة فارياب الشمالية- قد أطلق العنان لفيض من مشاعر الحزن والخوف والغضب عبر مواقع التواصل الأفغانية.
وذكرت الصحيفة أن هذه المشاعر المختلطة سببها أن كثيرين رؤوا أن مقتل عظيمي يشير بوضوح إلى أنه حتى المدافعين الأكثر مهارة عن أفغانستان سوف يتم النيل منهم بسبب ضعف القيادة العسكرية وانسحاب حليف الأفغان العسكري الرئيسي.
وخلال حفل تأبين أقيم خارج مستشفى عسكري في العاصمة كابل، قال وزير الخارجية الأفغاني السابق رانجين دادفار سبانتا -مخاطبا جمعا من الحاضرين معظمهم يرتدون الزي العسكري ومنهم والد عظيمي الجنرال المتقاعد- “هذا هو الثمن الذي ندفعه للدفاع عن استقلال بلادنا وحريتنا وكرامتنا.. لن يُسمح لأحد باحتلال أرضنا أو نزع حريتنا”، قبل أن يتعانقا هو ووالد القتيل -وهو زميل سابق له في الدراسة- ويذرفا الدموع معا.
ويؤكد مسؤولون أفغان -بحسب الصحيفة- أن وتيرة هجمات حركة طالبان ازدادت منذ أن أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل/نيسان الماضي أن جميع قوات بلاده المتبقية في أفغانستان ستنسحب بحلول 11 سبتمبر/أيلول المقبل، كما اضطرت القوات الأفغانية إلى الاستسلام في بعض المناطق بعد وساطات قبلية، فيما دمرت القوات الأميركية المنسحبة من مناطق أخرى قواعدها أو جردتها من أي شيء يمكن للحركة استخدامه.
ويشير تقرير واشنطن بوست إلى أن العديد من الأفغان يرون أن تقليص الضربات الجوية الأميركية تسبب في خسارة فادحة للقوات البرية، ويشير البعض إلى أن تلك الضربات كانت ستنقذ عظيمي ورفاقه.
نشرت صحيفة واشنطن بوست افتتاحية تحت عنوان “بايدن أعطى محمد بن سلمان علامة نجاح أو براءة، وها هم ضحاياه يتراكمون“.
وقالت في “عندما قرر الرئيس بايدن في فبراير عدم محاسبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، رغم نتيجة سي آي إيه أنه هو الذي صادق على الجريمة، كنا من بين الذين حذروا من النتيجة، وأنها تعني ضحايا جددا، وهو ما حصل للأسف”.
وأشار إلى أن “النظام السعودي قبل قرار بايدن أفرج عن عدد من الناشطين السياسيين، بمن فيهم مواطنون أمريكيون وناشطة حقوقية بارزة. ومنذ مارس، أصدر أحكاما على مزيد من الناشطين، وحكم عليهم مددا طويلة في السجن، وأعاد فتح التحقيق في عدد آخر”.
وتوصل تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” صدر قبل فترة، إلى زيادة “القمع للمعارضين وناشطي حقوق الإنسان والنقاد المستقلين”، وأنه “مستمر بقوة”.
ومن بين هؤلاء عبد الرحمان السدحان، 37 عاما، العامل في مجال الإغاثة، والمواطن الأمريكي الذي اعتقل في عام 2018 بعد عملية تجسس سعودية على “تويتر”، وكشفت أنه الشخص المجهول وراء تغريدات تنتقد النظام.
وفي فبراير أخبر السدحان عائلته في مكالمة هاتفية أنه سيفرج عنه قريبا، وبدلا من ذلك جر إلى المحكمة بعد قرار بايدن وصدر عليه حكم بالسجن لمدة 20 عاما.
وتقول الصحيفة، إن قصصا كهذه تدعو على القلق في ضوء الكشف الجديد عن حالة خاشقجي، ففي بودكاست للمحقق الاستقصائي لمايكل إيسكوف بموقع “ياهو”، كشف فيه أن الفريق الذي أرسل إلى إسطنبول لقتل خاشقجي في 2 أكتوبر 2018، قام برحلة جانبية إلى القاهرة، حيث أخذوا مادة مخدرة لاستخدامها في عملية القتل.
وقالت الصحيفة: “وهو ما يورط في العملية نظام عبد الفتاح السيسي، لكن النظام المصري هذا لم يتعرض للأذى من إدارة بايدن، رغم التعهدات أثناء الحملات الانتخابية، بأنه لن تكون هناك صكوك مفتوحة لديكتاتور ترامب المفضل”.
وجاء الكشف عن الدور المصري في ضوء المحاكمات المغلقة عام 2019، في الرياض، لبعض المتورطين في جريمة القتل. وتم تقديم ملاحظات كتبها دبلوماسيون أتراك سمح لهم بحضور المحاكمة إلى محكمة في إسطنبول.