من الصحف الاميركية
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للصحفي إيشان ثارور قال فيه إن من المقرر أن يفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصبه في الأيام المقبلة، لكنه بعد أن بقي على المسرح السياسي لمدة ربع قرن، “لن يذهب دون قتال“.
ففي الأيام الأخيرة، شن نتنياهو ومساعدوه جولة بعد جولة من الهجمات ضد خلفائه المحتملين. والمستهدف الرئيس لتلك الهجمات هو نفتالي بينيت -السياسي اليميني المتطرف الذي كان ذات يوم حليفا وثيقا لنتنياهو-، ولكن من المقرر أن يصبح رئيسا للوزراء للعامين المقبلين كجزء من اتفاق تقاسم السلطة مع الائتلاف المناهض لنتنياهو.
ونتنياهو غاضب مما اعتبره خيانة بينيت له، وأصر على أن مدير مكتبه السابق باع الناخبين اليمينيين في إسرائيل لصالح الائتلاف “الخطير” و “اليساري” – بالرغم من أن معظم أعضائه ينتمون إلى أحزاب الوسط أو اليمين.
وأضاف ثارور أن نتنياهو اتهم وبلغة تشبه تلك التي استخدمها صديقه المقرب، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خصومه بأنهم مهندسو “احتيال القرن”، وصور نفسه ضحية لمؤامرات “الدولة العميقة” لإسرائيل.
وشابت هذه الديماغوجية الواضحة خطاب نتنياهو السياسي في السنوات الأخيرة، بينما سعى إلى التهرب من تهم الفساد، وأغرق البلاد في دوامة لا نهاية لها على ما يبدو من أربع انتخابات في غضون عامين، ولا تزال محاكمته بتهم رشوة وسائل الإعلام جارية.
وفي الوقت ذاته، أصدر رئيس الشاباك، جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، تحذيرا نادرا من “الخطاب العنيف جدا والتحريضي” الذي يستهدف المشرعين المعارضين لنتنياهو. وقال مسؤول في الشاباك لموقع “Vice News” إن الوكالة، التي تركز عادة بشكل أكبر على التهديدات التي تواجه إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، تشعر بالقلق من احتمال وقوع اضطرابات داخل اليمين الإسرائيلي.
وقال المسؤول: “نشهد تهديدات وانشقاقات داخل الجماعات المتطرفة تحتاج إلى مراقبتها عن كثب؛ بسبب مخاوف من أن المتطرفين قد يتصرفون بعنف“.
بعبارة أخرى، فإن نتنياهو يؤسس لسيناريو لا يختلف عما حدث في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني/ يناير في أمريكا.
وكتب ألون بينكاس في صحيفة “هآرتس” اليومية الإسرائيلية ذات الميول اليسارية: “مع خروج صديقه ترامب من السلطة، والذي لا يزال يتمتم ويشكو حول كيف سرقت الانتخابات منه من الديمقراطيين ووسائل الإعلام، ولدى نتنياهو صفحة أخيرة ينسخها من كتاب قواعد اللعب الخاص بترامب: 6 كانون الثاني/ يناير الخاص به.. نتيجة للتحريض والتضليل، ليتلقى بعدها القضاة والمدعون العامون والآن أيضا قادة المعارضة حماية إضافية بعد أن هدد أنصار نتنياهو حياتهم“.
وحث بينبت خلال عطلة نهاية الأسبوع، نتنياهو، على التراجع ووقف حملة “الأرض المحروقة”. وغرد بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي وشخصية قيادية أخرى في الائتلاف المناهض لنتنياهو، على “تويتر”: “إذا قرر نتنياهو “حرق النادي”، فسوف يضر بالدولة ويضر بإرثه.. أدعوه إلى قبول النتائج الديمقراطية واحترام العملية الديمقراطية كما فعلنا دائما، حتى عندما كانت صعبة للغاية على قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي“.
ويبدو أن نتنياهو وأنصاره مصرون على موقفهم. وقالت شيرا روبين، مراسلة “واشنطن بوست”، في تقرير لها، إن “المتظاهرين خارج منازل ومكاتب بينيت ولبيد وآخرين كثيرين أصدروا تهديدات مبطنة بالقتل، ورفعوا لافتات تحمل شعارات وصورا تذكر بتلك التي شوهدت في الفترة التي سبقت اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في عام 1995. وقتل رابين برصاص مستوطن يهودي متطرف، اعتبر أن اتفاقات السلام التي أبرمتها الحكومة اليسارية مع الفلسطينيين ترقى إلى الخيانة“.
ويسود الآن جو مماثل. على التلفزيون الإسرائيلي، حيث قامت ماي غولان، عضوة الكنيست من حزب الليكود بزعامة نتنياهو، بوصف بينيت وزعماء آخرين في الحكومة الجديدة المحتملة بأنهم “إرهابيون” و”مفجرون انتحاريون“.
ولجأ نتنياهو نفسه إلى القناة 20 الإسرائيلية، وهي شبكة شبيهة ببعض القنوات الأمريكية اليمينية التي كررت مزاعم ترامب الكاذبة بشأن انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، للتذمر من المؤامرات المفترضة ضده والهجوم على وسائل الإعلام الإسرائيلية الأخرى.
وبعد تعليق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنجل رئيس الوزراء، يائير نتنياهو، مؤقتا، عندما حث أنصاره على الاعتصام أمام منزل أحد النواب المعارضين، اعتبر مسؤولو الليكود أنفسهم ضحايا “رقابة” شركات التكنولوجيا الكبرى.
وقال المؤرخ في جامعة “ييل” تيموثي سنايدر: “الرئيس ترامب كذب كذبة كبيرة بأن الانتخابات مزورة.. وهذا يخوله والآخرين السعي وراء السلطة بطرق غير ديمقراطية. تم إضفاء الطابع المؤسسي على الكذبة من خلال تشريعات الولايات التي تمنع التصويت، وهذا يعطي المجالس التشريعية في الولاية نفسها الحق في تقرير كيفية تخصيص الأصوات الانتخابية في الانتخابات الرئاسية “.
ويقول ثارور إنه “إذا فشلت مناورة نتنياهو الأخيرة ولم يتمكن من عزل المنشقين اليمينيين عن ائتلاف خصومه، فسيظل قوة سياسية بارزة كزعيم لليكود. وليس هناك ما يضمن أن الائتلاف الجديد -الذي كان مبدأه الموحد الوحيد هو الإطاحة بنتنياهو- سيكمل ولايته الكاملة، والتي من المتوقع خلالها أن يتنازل بينيت عن منصب رئيس الوزراء للزعيم الوسطي يائير لابيد“.
وحتى لو استمرت، فمن المحتمل أن الحكومة الإسرائيلية القادمة ستواصل الكثير من إرث نتنياهو -ليس أقلها نهج رئيس الوزراء تجاه الفلسطينيين- لكن حنق ناخبي الليكود والفصائل اليمينية الأخرى التي تُركت في العراء سيستمر.
وكتب الصحفي في صحيفة هآرتس أنشل بفيفر أن فرص بينيت في “الفوز بعدد كاف من المقاعد في انتخابات مستقبلية للعودة كرئيس للوزراء ضئيلة للغاية.. زعيم حزب صغير يعمل كرئيس للوزراء هو حدث غريب لن يتكرر”.
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن أماكن قليلة في القدس الشرقية تبرز الصراع على المدينة بشكل أكثر وضوحا من منزل من أربعة طوابق يقع في زقاق ضيق في حي سلوان.
ناصر الرجبي، فلسطيني يسكن مع عائلته في الطابق السفلي والطابق الثالث وجزء من الثاني. بوعز تنامي، مستوطن إسرائيلي، يعيش مع عائلته في الطابق الأول والباقي في الطابق الثاني. كلا العائلتين تدعي الحق في العيش هناك. وكلاهما يريد الأخرى أن تخلي المنزل.
وقضت محكمة إسرائيلية بأن صندوقا يهوديا يمتلك المبنى وأمرت بإخلاء الرجبي، لكن الحكم قيد الاستئناف. القضية ليست مجرد نزاع على عقار واحد: إنها جزء من جهد المستوطنين اليهود لتعزيز السيطرة اليهودية على القدس الشرقية، وهي عملية يرى العديد من الفلسطينيين أنها شكل بطيء من التطهير العرقي. أدى نزاع مماثل في حي الشيخ جراح القريب، والذي قد يؤدي إلى إخلاء الفلسطينيين هناك لإفساح المجال للمستوطنين، إلى احتجاجات واشتباكات وأخيرا نشوب حرب في الشهر الماضي بين إسرائيل وحماس، مما أسفر عن مقتل أكثر من 240 شخصا.
احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 ولا تزال الكثير من دول العالم تعتبرها أرضا محتلة، كما أنها لا تزال نقطة انفجار مستمرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ومثل الشيخ جراح، قد يتحول حي سلوان إلى بوتقة صهر. فعلى مدى 17 عاما، كانت عائلتا رجبي وتانامي تتقاسمان المنزل بصعوبة.
ولا تكاد العائلتان تتحدثان إلى بعضهما البعض، إلا عندما تقوم عائلة تانامي بطريق الخطأ بإلقاء الملابس أو الألعاب من شرفتهم على شرفة منزل عائلة الرجبي في الطابق السفلي، مما يجبر العائلتين على التفاوض بشأن عملية تسليم غير مريحة.
قام تانامي بتركيب أضواء النيون على شكل نجمة داود ضخمة على شرفته، على ارتفاع 10 ياردات فقط فوق شرفة الرجبي. رد الرجبي بتركيب أضواء النيون على شكل هلال.
في إحدى الليالي الأخيرة، نظر الرجبي من شرفته ليرى تانامي على شرفته، وهو يرسل رسالة نصية على هاتفه، والشاشة تضيء وجهه. وتساءل الرجبي، (48 عاما): “كيف أتحدث معه؟.. هل هو جار؟ أو شخص يسكن في بيت ليس من حقه؟“.
ورفض تانامي عدة طلبات لإجراء مقابلات.
أما كيف انتهى الأمر بالعائلتين في نفس المنزل فهو أمر معقد.
قام أقارب الرجبي ببناء المنزل واشترته عائلته منهم في عام 1975، على حد قول محاميه. في الثمانينيات قسمت الأسرة المنزل إلى قسمين وباعوا شقة في الطابقين الأول والثاني لعائلة فلسطينية. باعتها تلك العائلة فيما بعد لمالك فلسطيني ثالث.
وقالت المنظمة إن المالك الثالث باع الشقة لمنظمة استيطانية في عام 2000. لكن بحسب الرجبي، باع المالك الثالث الشقة له في عام 2004.
في آذار/ مارس 2004، قبل أيام قليلة من تخطيط رجبي لنقل بعض أفراد عائلته إلى الشقة، استولت مجموعة من المستوطنين على الشقة في وقت متأخر من إحدى الليالي، ومنعوا الرجبي من دخولها، وسمحوا لتانامي بأخذ مكانه.
وقضت المحاكم الإسرائيلية بأن المستوطنين اشتروا الشقة بشكل قانوني.
في حكم منفصل، قالت محكمة إن الصندوق اليهودي له أيضا الحق في المبنى بأكمله لأن الأرض كانت ملكا للصندوق قبل إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948. وكان الصندوق نائما لسنوات. ولكن في عام 2001، عينت محكمة ثلاثة أمناء جدد لإدارة أصوله، مما أدى بشكل أساسي إلى إحياء المنظمة.
تطالب المنظمة التي تم إحياؤها بجميع الأراضي التي كانت في حيازة الصندوق في القرن التاسع عشر، ولا تريد الاستيلاء على ممتلكات الرجبي فحسب، بل على الحي بأكمله.
وقد انتقل المستوطنون اليهود بالفعل إلى خمسة منازل أخرى في زقاق الرجبي أو بالقرب منه. وهم يضغطون الآن من أجل إخلاء أكثر من 80 عائلة أخرى، يبلغ عددهم حوالي 700 شخص، وهي خطوة من شأنها أن تحول حي سلوان الفلسطيني إلى حي يهودي.
ووافقت المحاكم بالفعل على إخلاء ستة منازل أخرى في قضايا قيد الاستئناف أيضا.
تقول عطيرت كوهانيم، وهي مجموعة من المستوطنين قادت إحياء المنظمة والمدافعين عن السكان مثل تانامي، إن لليهود الحق في العيش على الممتلكات لأنهم عاشوا هناك ليس فقط خلال القرن التاسع عشر، ولكن أيضا في العصور القديمة.
قال دانيال لوريا، المتحدث باسم عطيرت كوهانيم: “لقد وعدنا الله بهذه الأرض، وبقينا في المنفى لمدة 2000 عام، والآن عدنا إلى الوطن.. لم يكن هناك شعب فلسطيني هنا أبدا. لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا أبدا“.
“في أواخر الثلاثينيات، تم التخلي عن الموقع. تظهر الوثائق أن السلطات البريطانية، التي حكمت فلسطين آنذاك، قامت بإجلاء السكان اليهود خشية تعرضهم لانتفاضة عربية. بعد مغادرة البريطانيين واحتلال الأردن للضفة الغربية عام 1948، انتقلت العائلات الفلسطينية إلى الأرض غير المأهولة“.
استولت إسرائيل على الضفة الغربية من الأردن في عام 1967، ثم ضمت القدس الشرقية لاحقا، وهي مطالبة لا تعترف بها معظم الدول، والتي تعتبرها أرضا محتلة مثل باقي الضفة الغربية.
في جميع أنحاء القدس الشرقية، تتابع مجموعات المستوطنين، المدعومة في كثير من الأحيان بالقانون الإسرائيلي، معارك الإخلاء في مناطق استراتيجية.
يعيش حوالي 3000 فلسطيني في 200 عقار في القدس الشرقية تحت تهديد الإخلاء، وفقا لمنظمة السلام الآن، وهي جماعة مناهضة للاحتلال. وتقدر أيضا أن نحو 20 ألف منزل فلسطيني مهددة بالهدم لأن أصحابها بنوها دون الحصول على إذن تخطيط، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.
كما يسمح القانون الإسرائيلي لليهود باستعادة الممتلكات في القدس الشرقية التي كانت مملوكة لليهود قبل عام 1948. ولا يوجد حق مماثل لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم في ذلك العام.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن نقل اليهود إلى القدس وإخراج الفلسطينيين منها يتعارض مع القانون الدولي الذي يحكم الأراضي المحتلة. وتقول إسرائيل إن القدس الشرقية غير محتلة وبالتالي لا ينطبق عليها القانون.
الهدف كما يقول قادة المستوطنين، هو إقامة وجود يهودي كبير بما يكفي في القدس الشرقية لضمان ألا تصبح أبدا عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية.
قال أرييه كينغ، نائب رئيس بلدية القدس وزعيم المستوطنين، “إن طريقة القيام بذلك هي وضع طبقات حول” بلدة القدس القديمة. “طبقات ماذا؟ طبقات اليهود. لماذا؟ لأنه من خلال وضع الطبقات، قد نتجنب في المستقبل أي تقسيم للمدينة، وأي طريقة لإعطاء جزء من القدس لعدونا”.