صدور الطبعة العربية من كتاب “أصوات من سورية”
صدرت في دمشق اليوم الترجمة العربية لكتاب المؤلف الكندي مارك تاليانو “أصوات من سورية” من ترجمة إبراهيم علوش وبسمة قدور في 212 صفحة عن دار دلمون الجديدة، والكتاب ترجمة للطبعة الثانية المزيدة والمنقحة للكتاب الصادرة بالإنكليزية العام الفائت.
من مقدمة المترجمين للطبعة العربية:
في كتاب “أصواتٌ من سورية”، الذي نضعه بين يدي القارئ السوري والعربي هنا، نكتشف جبهةً إعلاميةً كاملة في الغرب كان كاتبه مارك تاليانو وآخرون، كثيراً ما يحدثنا عنهم تاليانو ويقتطف منهم، وهم يخوضون على مدى سنواتٍ معركة دفاعٍ عن سورية أمام الرأي العام الغربي في مواجهة آلةٍ إعلامية طاغية يديرها أعداء سورية.
“أصواتٌ من سورية” موجهٌ لجمهورٍ غربي، ويخاطب حساسياته، ولكنه يستهل خطابه بلسان السوريين، مورداً شهاداتٍ لهم عن تجربتهم المريرة في الحرب على أيدي الإرهاب المدعوم غربياً، وعن صمودهم واستبسالهم تحت الحصار والإرهاب الاقتصادي.
وربما يتبادر لذهن القارئ وهو يقلب الصفحات الأولى لـ”أصوات من سورية” أن مؤلفه مارك تاليانو يخاطب قلب الغربيين ووجدانهم فحسب، ليكتشف سريعاً، وهو يغوص بين دفتي الكتاب، أن تاليانو سرعان ما ينتقل بعد شهادات السوريين، وفي خضمها، إلى تأطيرٍ نظري للحرب على سورية يربطها بالاستراتيجيات الدولية لمشروع الهيمنة الإمبريالية على العالم وأدوات حروب الجيل الرابع، وفي ذلك السياق بالذات يقدم تاليانو سورية كحالةٍ دراسيةٍ ضمن إطارها الأوسع كجزءٍ من الحرب العالمية ضد الدول والحركات المستقلة المطلوب إخضاعها، مسلطاً الضوء على الروافع الاقتصادية-الاجتماعية لتلك الحرب في المنظومة الغربية ذاتها: رأس المال المالي الدولي والشركات الكبرى العابرة للحدود، وآلية عمل تلك المنظومة في الدول المستقلة، ووكلاء تلك الروافع في الإقليم الذي تقع سورية في قلبه، سواءٌ كانوا أنظمةً أم جماعاتٍ تكفيريةً أم منظماتٍ غيرَ حكومية.
متنقلاً بين السياق العام والسياقات الخاصة للحرب على سورية، يشرع مارك تاليانو بتفكيك منظومة المقولات الإعلامية التي وظِفت لتبرير مشروع “تغيير النظام” في سورية واحدةً تلو الأخرى، ابتداءً من مزاعم “إطلاق النار على المتظاهرين السلميين” و”الأسد يقتل شعبه” والطفل عمران و”صور قيصر” وشرق حلب ودرعا والأسلحة الكيميائية إلخ… وصولاً إلى ما يسمى “الحرب على الإرهاب” ومزاعم الغرب عن الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان واللاجئين السوريين، وانتهاءً بالدعم المباشر وغير المباشر الذي يقدمه الغرب وحلفاؤه للإرهابيين في سورية والذي يوثقه تاليانو جيداً.
يربط تاليانو في هذا المضمار بين سياقات حصار العراق وليبيا وغزوهما والحروب الأمريكية المباشرة وغير المباشرة في العالم، من جهة، وبين ما جرى في سورية من جهةٍ أخرى، ليخلص في المحصلة إلى صورة مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي يمثل الكيان الصهيوني محوره، وهو في هذا أكثر تقدماً وعمقاً من كثيرٍ من التقدميين الغربيين الذين ينتقدهم تاليانو بمرارة على ليبراليتهم وانسياقهم خلف الدعاية الإمبريالية وتحولهم إلى واجهةٍ لها فعلياً.
يقدم تاليانو هنا نموذجاً يسارياً غربياً مختلفاً ومنفتحاً على حضارتنا وثقافتنا، هو في الحقيقة نموذجٌ يوظف أدواته التحليلية المتمكنة في قراءة تناقضات الواقع العالمي الحقيقية واقتصاده السياسي كما هي، وهو ما يجعله يصطف معنا بقناعة العارف الواثق بثباتٍ مبدئيٍ مثيرٍ للإعجاب، وما يجعله يعرض وجهة نظره بشكلٍ منهجيٍ مترابط ٍ وموثقٍ جيداً، كما يستطيع أن يرى من يقرأ الكتاب، مستنداً في ذلك إلى مصادر أوليةٍ متنوعةٍ يعرضها كما هي من دون أي تدخلٍ في كثيرٍ من الأحيان، وهو ما يضفي مسحةً عفويةً أيضاً على الكتاب، ولكنه لا يقتصر على تلك المصادر، بل يغوص عميقاً في الوثائق الغربية، لا سيما الاستخباراتية منها التي تم نشرها رسمياً أو تسريبها عبر وثائق ويكيليكس.
في الذكرى العاشرة لبدء الحرب الكونية على سورية، نقدم لكم الترجمة العربية للطبعة الثانية المزيدة والمنقحة لكتاب مارك تاليانو “أصواتٌ من سورية” التي ستصدر بالإنكليزية بالترافق مع العربية، وكانت الطبعة الإنكليزية الأولى قد صدرت عام 2016، كما سيلحظ القارئ الكريم من النص.
أخيراً، لو أردنا التعريف بالكتاب، استناداً إلى فقرةٍ واحدةٍ منه، فإننا سنقتطف لكم الفقرة التالية من فصله الثالث:
إن هناك أدلةً قاطعةً تثبت، وقد أثبتت لسنوات، بأن الحرب هي غزوٌ من قبل الوكلاء الغربيين، بما في ذلك “داعـ.ش” و”القاعـ.دة / جبهة النصـ.رة”. لا يوجد “معتدلون“.
فالانتفاضات التي جرت منذ بداية الأحداث شابتها أعمال عنفٍ ارتُكبت ضد الأبرياء والجنود والشرطة بدعمٍ من الخارج. وقد تمت مصادرة الاحتجاجات الشعبية السلمية من قبل تلك العناصر المجرمة المدعومة من الخارج – دوماً بشكلٍ متناسبٍ مع “الحرب الهجينة” كما طورها أندرو كوريبكو في كتاب “الحروب الهجينة: مقاربة للتكيف غير المباشر لتغيير الأنظمة“.
إن العقوبات غير القانونية التي يفرضها الغرب، بالترافق مع الممارسات الإرهابية في سرقة الموارد وحجب المساعدات الإنسانية، هي المسؤولة عن التجويع. وهو الأمر الموثق جيداً في الشهادات المذكورة في هذا الكتاب.
المترجمان
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=4774050299278834&id=100000217333066