من الصحف الاسرائيلية
قال مسؤول إسرائيلي إن “الدعاية الإسرائيلية لم تترافق مع ضربة البداية للحرب الدائرة في غزة، بل إنها كالعادة تأخرت بضعة أيام، الأمر الذي أعطى زخما أكبر للمظاهرات والاحتجاجات بالقرب من المؤسسات الإسرائيلية“.
وأضاف نحمان شاي عضو الكنيست والناطق العسكري السابق بمقال على صحيفة يديعوت أحرونوت أن “الإسرائيليين بهذه اللحظة يمتلئون بالغضب ويسألون عن تفسير تأخر وصول هذه المواد الدعائية عن الحرب، لأن المعلومات جزء من عملية صنع القرار، ولأنه عندما يذهب صناع القرار السياسي والعسكري للموافقة على الخطط القتالية، فيجب أن ينضم إليهم صوت واحد آخر وهو مرسل المعلومات“.
وأشار إلى أن “الحديث عن كيفية التأثير الإسرائيلي على الرأي العام في العالم عن حرب غزة، مهم لتوجيه ردود فعلهم نحوها، خاصة ما سيقال ويكتب على وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل إلقاء نظرة على تغطية الحرب على غزة من داخل الولايات المتحدة، يظهر بوضوح أن المتابعين الأمريكيين العاديين لا يملكون معلومات حالية وموثوقة عما يحصل في غزة، ولا توجد تفسيرات مقنعة لماذا شنت إسرائيل حربا ضد قطاع غزة“.
وأكد شاي أن“إسرائيل لجأت في أيام لاحقة من الحرب على غزة إلى توزيع صور لاعتداءات واغتيالات وتدمير في غزة، على افتراض أنها ستهدئ من غضب الرأي العام الإسرائيلي من الداخل، وستخلق التأثير الرادع المطلوب على الجانب الفلسطيني، خاصة لحماس لكن الحقيقة أن الجمهور المهم بالنسبة لنا في الوقت الحالي هو الجمهور الدولي، لأن الضغط الذي يمارسه يحد من طول العملية العسكرية في غزة”.
وأوضح أنه “مع اشتداد الاحتجاجات في عواصم العالم، ونفاد الساعة الرملية أمام استمرار الحرب على غزة، فإنه يختصر الوقت المتاح للجيش الإسرائيلي لاستنفاد العملية، كما أن المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ولجنة جنيف لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية في لاهاي، تابعت مؤخرًا الصور الخارجة من غزة، صحيح أنه رأينا في هذه المنظمات معروف، لكن نفوذها ومكانتها في العالم لا يزالان كبيرين، وهي قادرة على تهديد إسرائيل، والإضرار بها“.
وختم بالقول: “ربما تبحث إسرائيل عن صورة انتصار في غزة أمام حماس، وهي تبدو حريصة ألا تمنى بانتكاسات سياسية ودبلوماسية حول العالم، بما في ذلك فقدان الشرعية لعملياتها العسكرية“.
تبحث إسرائيل عما تصفها بـ”صورة انتصار” في عدوانها على غزة، من أجل أن تلوّح بصورة كهذه عندما توافق على وقف إطلاق نار،ويعتبر الإسرائيليون أن “صورة انتصار” حققتها حركة حماس منذ بداية العدوان عندما أطلقت مقذوفات باتجاه القدس في “يوم القدس” الإسرائيلي وتسببت بتفريق مسيرة المستوطنين وإخلاء باحة حائط البراق ومنعت استمرار الاحتفال بذكرى احتلال القدس الشرقية.
وفي اليوم التاسع للعدوان، اليوم الثلاثاء، “باتت المعركة بين إسرائيل وحماس موجودة عميقا في مرحلة التوحل”، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل. “ورسميا توصف لنا الصورة التالية: الجيش الإسرائيلي مستعد لمواصلة الهجوم، ولا تزال لديه قائمة طويلة من الأهداف التي يعتزم قصفها في قطاع غزة حماس تتوق لوقف إطلاق نار، إسرائيل ترفض بحث ذلك، لأن ثمة ما يمكن فعله في غزة“.
وأضاف هرئيل أنه “فعليا، الظروف مختلفة تماما. دائما توجد أهداف أخرى لمهاجمتها، لكن في الجيش يرصدون أنه وصلنا إلى مرحلة الإنتاج الهامشي الآخذ بالانخفاض، الذي فيها تراكم إنجاز تكتيكي آخر يتراكم ليس مفيدا بالضرورة لتغيير نتائج المعركة. وستكون إسرائيل سعيدة بإنهاء القتال، لأن العمليات العسكرية حققت معظم ما سعت إلى تحقيقه وهي ليست معنية بدخول بري إلى أراضي القطاع“.
واعتبر هرئيل أن “المتغير الأساسي هي حماس. لأنه ليس واضحا تماما إذا كان قادتها، بلوروا موقفا موحدا حيال مسألة وقف إطلاق النار”. وأشار في هذا السياق إلى أن إسرائيل لا يمكنها أن توافق على مطلب حماس بشأن تغيير الترتيبات في المسجد الأقصى، وأن من شأن هذا المطلب أن “يُعقد المفاوضات، بوساطة مصر والأمم المتحدة. وأضاف أن اغتيال إسرائيل للقيادي العسكري في الجهاد الإسرائيلي، أمس، قد يدفع هذه الحركة إلى اتخاذ أجندة مستقلة حيال وقف إطلاق النار.
ولفت هرئيل إلى أن “إسرائيل خرجت، أو استدرجت، إلى معركة هدفها الردع، وليس الحسم. والأمل بأن هجمات مفاجئة أخرى، واغتيالات مؤلمة أخرى، ستُحسن بشكل جوهري توازن الردع وتطيل المدة التي ستطلبها غزة لنفسها حتى المعركة القادمة، لا يلغي المخاطر المقرونة باستمرار القتال“.
ورأى أنه “عاجلا أم آجلا سيتشوش شيء ما. إما أن تسجل حماس إنجازا هجوميا مفاجئا يقوض المعنويات لدى الجمهور الإسرائيلي، أو اختطاف جندي إسرائيلي، أو أن يرتكب الجيش الإسرائيلي خطأ يتسبب بقتل جماعي لمواطنين فلسطينيين ويثير انتقادات دولية. والآن أيضا، عدد المواطنين الذين قُتلوا بالهجمات يرتفع بسرعة. نصف القتلى من المدنيين. ويتوقع أن يزيد عدد القتلى المدنيين على القتلى المسلحين كلما استمر القتال. وهذه المعطيات بدأت تثير عدم ارتياح في قسم من الدول الأوروبية وكذلك في وسائل الإعلام والإدارة والكونغرس الأميركيين“.
وأشار هرئيل إلى أن هجمات كتلك التي استهدفت برج الجلاء، حيث مقرات وسائل إعلام عالمية، “تقلص الرصيد الدولي لإسرائيل، الذي تراكم بالأساس بقصف حماس لتل أبيب ووسط البلاد. وفي قنوات غير رسمية، يبدو أن الولايات المتحدة تحث إسرائيل على الإنهاء، إثر العدد المرتفع للقتلى والجرحى. ولاحقا، سيصبح هذا المطلب علنيا“.
وحذر هرئيل من الغليان في الضفة الغربية، بسبب العدوان على غزة، وأشار إلى أن “رئيس السلطة، محمود عباس، يخضع لضغط بالغ إثر التأييد المتزايد لحماس في الضفة. وإذا بدأت موجة عمليات فلسطينية في الضفة، فمن الجائز أن تفضل أجهزة الأمن الخاضعة له ألا تتدخل. ونقلت السلطة رسائل إلى إسرائيل، بموجبها أنها معنية، بعد التوصل إلى وقف القتال في القطاع، ببادرات نية حسنة تجاه القدس، وخاصة بما يتعلق بالترتيبات في جبل الهيكل (الأقصى)، بهدف تحسين مكانتها هناك وبذلك مساعدتها في وضعها لدى الجمهور الفلسطيني“.
واعتبر المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، أن ثلاثة أمور يمكن أن تقود إلى “نصر” إسرائيلي على حماس: “الأول هو اغتيال قياديين كبار مثل محمد الضيف، يحيى السنوار أو مروان عيسى. والثاني هو مهاجمة أهداف هامة، مثلما حدث في عملية “جنوب أزرق” (تدمير أنفاق) التي نجحت جزئيا وكان يفترض أن تؤدي إلى مقتل مئات المخربين. والثالث هو اجتياح بري الذي على ما يبدو أنه ليس مطروحا“.