هآرتس: عباس نادم على دعوته للانتخابات وقد يلغي إجراءها
قالت صحيفة هآرتس إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يعاني بشدة من الندم، على قرار إجراء الانتخابات، ومن المحتمل أن يقدم على إلغائها.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الفعل قد يحمله عليه اعتبارات لها علاقة بالسلطة وبالأنا، مسنودة بإسرائيل وإدارة جو بايدن، لكن بالنسبة للفلسطينيين يعتبر إنكار حقهم في الانتخابات وإخماد صوتهم لمنعهم من اختيار ممثليهم، قرارا متسلطا وظالما.
وفي النص الكامل للمقال قالت الصحيفة انه بعد خمسة عشر عاماً من التأجيل والتسويف، لم يكن أحد يظن أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيحدد تاريخاً لإجراء الانتخابات العامة.
إلا أن المرسوم الذي أصدره في يناير/ كانون الثاني الماضي فاجأ وحير الفلسطينيين والمراقبين على حد سواء، وذلك على الأقل لأن الأخطار الثلاثة التي كانت تحدق بالوضع القائم – الهجوم الكاسح الذي كان يشنه ترامب على القضية الفلسطينية، وقرار إسرائيل ضم الأراضي، وتجاوز العرب للفلسطينيين – كانت حينها في تراجع.
والآن يبدو أن عباس يعاني بشدة من ظاهرة “ندم البائع” لدرجة أن من المحتمل أن يقدم على إلغاء الانتخابات. تحمله على فعل ذلك اعتبارات لها علاقة بالسلطة وبالأنا، ويحظى في ذلك بمساندة إسرائيل وإدارة بايدن. ولكن بالنسبة للفلسطينيين، يعتبر إنكار حقهم في الانتخابات الديمقراطية، وإخماد أصواتهم حتى لا يتمكنوا من اختيار ممثليهم، قراراً متسلطاً وظالماً وخطيراً.
تضافرت التخمينات والحكايات التي يتبادلها الناس لتقدم تفسيراً للقرار الذي اتخذه الثمانيني عباس – والذي تشبت بمنصبه لاثني عشر عاماً بعد انتهاء فترة رئاسته – لإطلاق العملية الديمقراطية الفلسطينية، إما خضوعاً للضغط الذي مارسه عليه الاتحاد الأوروبي أو سعياً لإرضاء الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة بايدن.
والآن، تشير نفس تلك الإدارة على عباس بإرجاء الانتخابات. وبهذا تكون قد تراكمت الأسباب التي تحفزه على إلغاء هذه المقامرة، وعلى التمسك بالسلطة مع تجنب الانتخابات وما تجلبه من متاعب.
كانت لدى عباس فرصة نادرة لإصلاح فتح وتوسيع إطارها، والتعويض عما ارتكب من أخطاء، وإنعاش العلاقات مع قاعدة فتح. كانت لديه فرصة لتجنب إعادة ما جرى في انتخابات 2006 عندما انقسمت فتح إلى لائحتين وكلفها ذلك الكثير. ولكن في التنافس الحاصل بين تنفيذ استراتيجية الحفاظ على بقاء فتح من جهة والأنا لدى عباس، كانت الغلبة دوماً لمصالح ملك المقاطعة.
ولذلك عمد عباس بدلاً من ذلك إلى تهديد كل من يشذ عن الخط الرسمي لحركة فتح أو يقف في صف أي من اللوائح المنشقة بأنه سيوقف بالقوة، بل وقد يتعرض للقتل. ولكن ما لبث عباس أن أدرك أنه لا يستطيع فرض شرطه بأن يكون صاحب الحق الحصري.
من المفارقة أن عباس نفسه هو الذي أثار شهية البعض نحو الانشقاق، وذلك بسبب الأسلوب الذي تم بموجبه تشكيل لائحة فتح الرسمية، إذ كان ذلك نموذجاً طبق الأصل من المحسوبية وإيثار المعارف والتلاعبات وعدم التسامح مع المخالفين. وبذلك تم إقصاء أو تجاهل العديد من الشخصيات البارزة التي اعتبرت ناقدة لعباس أو غير موالية له كما يريد. ومنح آخرون مواقع لا قيمة لها في ذيل اللائحة.
أثار ذلك تظلمات وأذكى الانقسامات الداخلية ودفع بتسعة من زعماء فتح للتخلي عن اللائحة بعد أن تم الإعلان عنها بشكل رسمي. بادر كل من ناصر القدوة ومروان البرغوثي – وهما اثنان من أكبر منافسي عباس ويتمتعان بدعم عدوه اللدود محمد دحلان – بتوحيد صفوفهما في لائحة واحدة يقودها بالشراكة القدوة وزوجة البرغوثي، فدوى – وذلك احتجاجاً على سلوك عباس واختياراته غير اللائقة.
غدا عباس محقاً في الشعور بالقلق إزاء ذلك إضافة إلى لائحة “تيار الإصلاح” التابعة لدحلان خشية أن يخسر أمامهم كتلة كبيرة من الناخبين، وخاصة في غزة حيث ينظم خصومه حملات كبيرة.