توماس فريدمان في نيويورك تايمز: هذا ما شهِدته أنا وبايدن في أفغانستان بعد الغزو
قال الكاتب الصحفي الأميركي توماس فريدمان في مقال له نشرته صحيفة نيويورك تايمز الاميركية إنه لم يتفاجأ بأن الرئيس جو بايدن قرر أخيرا سحب القوات من أفغانستان مستندا في تقييمه إلى تجربة مشتركة جمعتهما معا عام 2002 حين دعاه بايدن -الذي كان آنذاك يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ- لمرافقته في أول زيارة له لأفغانستان بعد الغزو (الأميركي).
وذكر فريدمان أنه كان من المعقول في تلك السنة التفكير بأن الغزو الأميركي الذي كان يستهدف الإطاحة بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وحلفائه من حركة طالبان قد يمتد لمساعدة أبناء أفغانستان في جعل بلدهم مكانا لائقا وأكثر استقرارا وتسامحا وأقل عرضة لاستضافة الجماعات الجهادية.
لكن وبنفس القدر كان من المنطقي أيضًا الخوف منذ البداية من أن محاولة زرع ثقافة سياسية غربية في بيئة وثقافة أصولية وقبلية مثل بيئة وثقافة أفغانستان كانت “مهمة حمقاء” خاصة بالنظر لقدر العداء الذي تكنه باكستان المجاورة لمساعي واشنطن وتخوفها من أن تتسبب هذه الجهود في إخراج أفغانستان من مدار نفوذها الثقافي والجيوسياسي.
وأكد فريدمان أن بايدن كان ممزقا بين تلك الآمال والمخاوف منذ البداية، وأن أفكاره وتصوراته بشأن واقع ومستقبل أفغانستان كانت إلى حد كبير شبيهة بأفكاره هو، وهي لا تزال من نواح كثيرة قائمة حتى يومنا هذا.
وقال “جهد الأمة الأميركية هناك كان يستحق المحاولة، كان جنودنا ودبلوماسيونا يحاولون تحسين الوضع لكن لم يكن واضحا أبدا إن كانوا يعرفون كيف وإن كان لديهم عدد كافٍ من الشركاء الأفغان”.
ويضيف أن قرار الانسحاب الأميركي قد يجعل فعلا الأمر أسوأ لكن بقاء القوات الأميركية لم يكن مفيدا على أية حال، وربما قد تمنح “كارثة الانسحاب” هذه أفغانستان نوعا من التوازن مثل ما حدث ربما في فيتنام، مشيرا إلى أنه يشعر بمزيج من التواضع والتناقض حيال هذا الأمر تماما كما شعر قبل 20 عاما وأنه متأكد من أن الرئيس بايدن يمتلكه نفس الإحساس.
ويؤكد الكاتب أن الأمر الوحيد الأكيد في ظل هذا الوضع الملتبس هو أن أميركا تحتاج لمنح حق اللجوء لأي أفغاني عمل معها عن كثب وقد تكون حياته معرضة الآن للخطر، كما أن الأفغان قادرون -بحسب رأيه- على كتابة مستقبلهم بأنفسهم، وأنه بدلا من الحديث عن حالة التشرذم الأفغاني الأجدر أن يتم التركيز عما تعيشه الديمقراطية الأميركية بسبب الانقسامات، وهو وضع إن لم يتم إصلاحه فلن يكون بمقدور الأميركيين مساعدة أي شخص بما في ذلك أنفسهم.
ويروي الكاتب بعضا مما جمعه بالرئيس بايدن في أفغانستان، وهي مذكرات جمعها عن الرحلة وأخرى عن أحداث 11 سبتمبر/أيلول (2001) في كتاب أصدره عام 2002 تحت عنوان “مواقع ومواقف: استكشاف العالم بعد 11 سبتمبر” (Longitudes & Attitudes: Exploring the World After September 11) مستعرضا مشاهداته وظروف رحلتهما الشاقة لهذا البلد.
وذكر أنه بقي لساعات طويلة هو وبايدن وآخرون ممن رافقوه ينتظرون من يخرجهم من أفغانستان، صوب باكستان وبعدها إلى البحرين، بعد أن رفضj قادة عسكريون بأوامر من وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد نقل أي مدني على متن الطائرات العسكرية التي تنطلق من قاعدة باغرام الجوية قرب كابل.
كما روى كيف أنه انتهى به الأمر بإعارة بايدن هاتفه الذي يعمل عبر الأقمار الاصطناعية للاتصال بوزير الخارجية كولن باول لمعرفة ما إذا كان بإمكانه المساعدة، وظروف رحلتهما الشاقة بعد أن تمت أخيرا الموافقة على نقلهما على متن طائرة عسكرية صوب منطقة جاكوب آباد في باكستان.
وخلص إلى أن ما عاشه في أفغانستان -رفقة الرئيس الحالي بايدن- أظهر أن الخروج من هذا البلد أصعب من دخوله، متمنيا ألا تكون هذه صورة مجازية تعكس واقع العمليات العسكرية الأميركية هناك بشكل عام.