من الصحف الاميركية
تناولت الصحف الاميركية الصادرة اليوم اعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيبدأ سحب القوات الأميركية من أفغانستان اعتبارا من أول مايو، الأمر الذي يتعارض مع توصيات كبار قادته العسكريين ممن يخشون أن يؤدي ذلك لتقويض الأمن في البلاد.
ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين إن الجنرال فرانك ماكنزي قائد القيادة المركزية الأميركية، والجنرال أوستن ميلر قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة أوصوا بالإبقاء على القوة الحالية؛ 2500 جندي، مع تكثيف الدبلوماسية لمحاولة ترسيخ اتفاق سلام.
وقال المسؤولون إن وزير الدفاع لويد أوستن، الذي سبق وأن خدم في المنطقة، شارك كبار الضباط مخاوفهم، وحذر من أن سحب جميع القوات الأميركية من شأنه أن يؤثر على الاستقرار في أفغانستان.
وأضاف المسؤولون أن بايدن كان مصمما على إنهاء أطول حرب أميركية في 11 سبتمبر، الذي يتزامن مع الذكرى العشرين لهجمات 2001 الإرهابية التي أدت إلى التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا قالتفيه إن المخابرات العسكرية الباكستانية لعبت دورا مزدوجا في أفغانستان، فمن جهة كانت تتحالف مع أمريكا، ومن جهة أخرى سعت لترتيب صفوف حركة طالبان، في محاولة للسيطرة على الوضع هناك.
وذكرت أن حميد غول الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الباكستانية ظهر في ذروة الحرب الأمريكية في أفغانستان، خلال برنامج حواري عام 2014، وقال إنه خلال الفترة الأخيرة من الحرب الباردة في ثمانينيات القرن الماضي، سيكتب أننا هزمنا الاتحاد السوفييتي في أفغانستان بمساعدة أمريكا.
وأضاف الجنرال غول بعد توقف قصير ووسط تصفيق حاد: “بعد ذلك ستكون هناك جملة أخرى، وهي أننا بمساعدة أمريكا، هزمنا أمريكا“.
ولفتت إلى أنه بقرار الرئيس بايدن سحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول أيلول/ سبتمبر، حصلت المؤسسة العسكرية الباكستانية القوية أخيرا على رغبتها بعد عقود من المكائد الدموية، المتمثلة بخروج قوة عظمى معطلة من الفناء الخلفي حيث كان الأمن الداخلي قد تمتع بتأثير قوي من خلال نظام طالبان الصديق قبل الغزو الأمريكي في عام 2001.
وأشارت إلى أن عودة طالبان إلى شكل ما من أشكال القوة من شأنها أن تعيد عقارب الساعة إلى الوقت الذي لعب فيه الجيش الباكستاني دور حارس البوابة لأفغانستان، وعمل بشكل دائم على منع نفوذ عدوها اللدود، الهند.
لكن عودة طالبان إلى السلطة، إما من خلال حرب أهلية أو من خلال اتفاق سلام يمنحها حصة من السلطة، من شأنه أن يشجع الحركات المتطرفة في باكستان التي تشترك في نفس مصدر الإرشاد الأيديولوجي في آلاف المعاهد الدينية المنتشرة في جميع أنحاء باكستان. وهذه الجماعات لم تظهر أي تردد في استعداء حكومة البلاد.
وقالت إنه بينما لعب الجيش الباكستاني لعبة خطيرة تتمثل في دعم المتطرفين في الخارج واحتوائهم في الداخل، فقد وجدت الحركات الإسلامية في البلاد سببا للتجمع في وجود قوة أجنبية غازية في الجوار، وجمع الأموال علنا لزملائهم الأفغان وتشجيعهم.
من جهته أكد “نذير” العميد المتقاعد والمحلل الدفاعي في إسلام أباد، أن باكستان “تعلمت بعض الدروس” من رد الفعل الناجم عن الدعم السابق للجماعات الجهادية، وستحتاج البلاد إلى أن تخطو بمزيد من الحذر في نهاية الحرب الأفغانية.
وأضاف: “لن تدعي باكستان النصر، لكن طالبان ستدين بذلك ضمنا لباكستان، لكن الأخيرة تخشى تكرار الأحداث الماضية وتخشى اندلاع حرب أهلية دموية وعنف إذا تم انسحاب متسرع ولم يحدث حل سياسي في نفس الوقت“.
ويرى سيث جونز من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أنه على الرغم من أن المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الباكستانية “تحتفل بلا شك” بإعلان بايدن، إلا أن السيطرة الأكبر في أفغانستان بعيدة كل البعد عن كونها مضمونة.
وقال: “سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، على باكستان أن تسيطر على طالبان والجماعات المسلحة الأخرى في أفغانستان، فالقاعدة والدولة وجماعات أخرى تعمل أصلا في أفغانستان، ولا توجد طريقة يمكن لباكستان من خلالها السيطرة على هذا الخليط من المجموعات، التي لها مصالح وقيادات وأهداف مختلفة“.
عندما غزت أمريكا في عام 2001 لمطاردة أسامة بن لادن والقاعدة بعد هجماتهما على الأراضي الأمريكية، وجه الأمريكيون أنظارهم أيضا إلى حلفاء باكستان في أفغانستان، طالبان الحاكمة، فيما وجدت باكستان نفسها في موقف صعب في مواجهة إنذار الرئيس جورج بوش الابن، الذي قال “معنا أو ضدنا”، ما دعا الحاكم العسكري لباكستان، الجنرال برويز مشرف، إلى الانضواء في التحالف مع أمريكا على مضض.
وكان للقرار رد فعل فوري، حيث بدأت باكستان تواجه هجمات من حركة طالبان الباكستانية لوقوفها إلى جانب الحملة العسكرية الأمريكية ضد إخوانهم الأيديولوجيين في أفغانستان، واستغرق الأمر سنوات من العمليات العسكرية التي أودت بحياة الآلاف من القوات الباكستانية، وشردت عددا لا يحصى من الأشخاص في شمال غرب باكستان، لقمع الجماعة.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الوكالات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية تتسابق الآن لوضع خطط لمواجهة الجماعات المتطرفة في أفغانستان بعد الانسحاب الذي قرره الرئيس الأمريكي جو بايدن لقواته من هناك غير أن العديد من المسئولين الحاليين والسابقين يحذرون من أن الولايات المتحدة ستواجه صعوبة كبيرة لدرء التهديدات التي تحدق بالأمن الأمريكي من بعيد.
ونقلت الصحيفة عن الرئيس بايدن قوله: إن الولايات المتحدة ستعيد نشر أفرادها ومعداتها بمجرد أن تسحب وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” قواتها من أفغانستان قبل الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر.
وأكد بايدن أيضا عندما أعلن قراره بإنهاء الحرب التي أصبحت الآن أطول حرب في تاريخ أمريكا، بعدما كان ذلك هدفا استعصى على الرؤساء السابقين قائلا:” إننا لن نرفع أعيننا عن التهديد الإرهابي“.
وفي الوقت نفسه، قال كبار مساعدي بايدن إن هذه الخطوة، التي جاءت على الرغم من تحذيرات القادة العسكريين والاستخباراتيين ، من أن الانسحاب قد يسمح بإعادة تنظيم صفوف تنظيم القاعدة من جديد بعد أن تقلص في السنوات الأخيرة، وكان ضروريًا الامتثال لاتفاق الانسحاب لعام 2020 الذي تفاوض عليه الرئيس السابق دونالد ترامب مع حركة طالبان، وللسماح للولايات المتحدة بالتركيز على التحديات الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن، مثل الصعود العسكري للصين.
ومن ناحية أخري حذر بعض المسؤولين من أن المقايضات الأمنية الأمريكية، لا سيما في ظل حالة الهشاشة التي تتسم بها محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية، يمكن أن تكون شديدة الانحدار لاسيما إذا حُرمت من القواعد العسكرية ،وترسانة الأسلحة والطائرات وشبكة المصادر البشرية التي تمتلكها الولايات المتحدة في أفغانستان حاليا.
ومن بين هؤلاء المسئولين، قالت ليزا كورتيس، التي شغلت منصب مسؤول البيت الأبيض في أفغانستان وباكستان خلال إدارة ترامب:” إنه بدون وجود أمريكي، سيكون “لديهم الحرية لفعل ذلك بالضبط“.
وكررت كورتيس تحذيرات مدير وكالة المخابرات المركزية وليام جيه بيرنز، الذي أخبر المشرعين هذا الأسبوع أن الرحيل العسكري سيقلل من قدرة الحكومة الأمريكية على اكتشاف التهديدات الأمنية والرد عليها، بما في ذلك مجابهة تنظيم داعش الإرهابي، وقال “بصراحة، هناك خطر كبير بمجرد انسحاب الجيش الأمريكي وجيوش التحالف من أفغانستان“.
ويقول مسؤولون في البنتاجون إن خطط إعادة التمركز الأولية، التي تم وضعها خلال مراجعة السياسة التي بدأها بايدن بعد توليه منصبه وخلال المناقشات السابقة حول الخيارات الأمريكية في أفغانستان، ستتم إعادة صياغتها وتقديمها إلى وزير الدفاع لويد أوستن للموافقة عليها، وأوضحوا أنه من بين أكبر التحديات التي ستواجه الولايات المتحدة بمجرد رحيل القوات، هي كيفية المراقبة الفعالة -وربما ضرب واستهداف- الجماعات المتطرفة في أفغانستان، لاسيما وأن أغلبها غير ساحلي ويتمركز بعيدا عن أي قاعدة أمريكية رئيسية.