ست سنوات من العدوان الهمجي على شعب اليمن وأطفاله… والعالم يتفرّج: عمر عبد القادر غندور*
تدّعي الولايات المتحدة أنها زعيمة العالم الحر ورائدة الديمقراطية وحامية القيم الإنسانية، وهي شعارات رفعها المرشحون للرئاسة الأميركية ومنهم جو بايدن الذي تعهّد بملاحقة قتلة الصحافي السعودي جمال خاشقجي وتصفيته وتقطيعه في القنصلية السعودية في إسطنبول، وحتى الآن ما زالت جثته ضائعة، ويُقال إنها أُذيبت بالأسيد.
مثل هذه الشعارات التي تُروّج لها الإدارات الأميركية، تسقط أمام المصلحة الأميركية، وهو ما أكدته مديرة التواصل في البيت الأبيض كايت بيد نيغفيلد من انّ الرئيس بايدن لم يعاقب ولي العهد السعودي المتهم بتصفية خاشقجي مباشرة لإيمانه بأنّ المحافظة على العلاقات مع السعودية أهمّ من تحميل ولي العهد المسؤولية المباشرة وعلينا اتخاذ القرارات التي تصبّ في صالح أميركا.
وماذا تساوي جريمة قتل خاشقجي مقابل قتل الشعب اليمني المتواصل منذ آذار من العام ٢٠١٥؟ في عملية «عاصفة الحزم» التي تقودها المملكة السعودية بدعم ومشاركة وأسلحة الولايات المتحدة!
الولايات المتحدة أعلنت قبل أيام أنّ هجمات اليمنيين على السعودية غير مقبولة وخطيرة! وكأنّ العداون السعودي الأميركي وتحالف العدوان الاعرابي على اليمن كان نزهة على شواطئ البحر الأحمر وزعوا خلالها الورود والرياحين على الشعب اليمني الذي دمّروا بناه التحتية وحاصروه من جهاته الأربع لوأده وإرجاعه الى بيت الطاعة، بعد ان سفكوا دماء اليمنيين بمئات آلاف الشهداء والجرحى وتكبيده دماراً شاملاً وانهيار النظام الاقتصادي والصحي وشلل المرافق الحيوية وانتشار الأمراض والأوبئة بمختلف أشكالها وأنواعها وتجويع الأطفال الذين تحوّلوا إلى هياكل عظمية في أفظع مأساة إنسانية لم تحرّك بعد ضمائر الشعوب والحكام في العالم!
ومع ذلك تحدث الناطق باسم السعودية والتحالف العدواني مساء الاثنين في إطلالة تلفزيونية قال فيه إنّ بلاده تتعرّض لهجمات عنيفة بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية وزوارق مفخخة بطريقة «فريدة في التاريخ العسكري» زاعماً انه يتحدث من منطق القوة لحفظ الأمن والاستقرار…! مدّعياً انّ مملكته التي لم توفر فرصة لضرب المدنيين ومدارسهم وأعراسهم وبيوتهم وشوارعهم واحتفالاتهم إلا وتوسّلت بالآلة الجهنمية التي وفرها الغرب (حامل راية الحضارة وراعي القيم الإنسانية) لها لضرب المدنيين اليمنيين، زاعماً انّ مملكته ملتزمة بقواعد القانون الدولي في عملياتها ولديها «صبر تكتيكي واستراتيجي» وتَعِد بضربات موجعة ضدّ الجيش اليمني واللجان الشعبية.
وقد جاء هذا الإعلان عن «الصبر التكتيكي» بعد مضيّ ست سنوات على العدوان، اثر إعلان اليمنيين المجاهدين عن تنفيذ عملية هجومية واسعة في العمق السعودي.
وقد ذكرنا هذا «الصبر التكتيكي» بالانسحابات التكتيكية التي كان يتبجّح بها من سبق المملكة بأشواط في سجل الهزائم العسكرية النكراء، انها أساليب إعلامية رخيصة يحاول من خلالها طمأنة الشارع واستدرار عطفه، في الوقت التي أصبحت المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية الاستراتيجية منخلاً للباليستيات العسكرية والزوارق المنفخة التي لا تهاب، في الوقت الذي بدأت فيه حاميات جبهة مأرب وهي من أهمّ جبهات العدوان تتساقط الواحدة تلو الأخرى تحت ضربات اليمنيين الشجعان متخطية العوائق الجغرافية في الجبهتين الغربية والشمالية الغربية للمدينة مستولية على عدد من القرى ومواقع عسكرية، والبادئ أظلم .
وفي جديد الأخبار وفي تقرير لقناة «سكاي نيوز» ومواقع إخبارية عربية وعالمية انّ تركيا سمحت للقيادي الاخواني في حزب الإصلاح حميد الأحمر بفتح مكاتب في المدن التركية لتحشيد دواعش من الذين يدينون بعقيدة التأسلم الاخواني والوهابي ومرتزقة للقتال في جبهة قندهار مأرب، ومع الأسف ليس للقتال في الضفة الغربية وقطاع غزة من فلسطين.
وبالعودة الى موضوعنا، لا ينبغي الرهان أبداً على الأميركيين لنصرة الحق، بل على أنفسنا، وهو ما نراه متمثلاّ بشكل أساسي في الموقف الإيراني الصلب منذ العام ١٩٧٩ وتحمّل ضغوطاً هائلة كان بغنى عنها لو أراد مسايرة الغرب على حساب قضايا الأمة الكبرى كقضية فلسطين، لفرشوا له الأرض ذهباً، ولكنه لم يفعل لإيمانه بعدالة القضية والاعتماد على النفس والثقة بالله، وما النصر في النهاية إلا من عند الله، ويراه الناس بعيداً ونراه قريباً (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيمانًا وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) آل عمران)
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي
(البناء)