صواريخ حزب الله الدقيقة ترعب الكيان الصهيوني
غالب قنديل
تركّز وسائل الإعلام الصهيونية منذ أسابيع على همٍّ مقيم في دوائر التخطيط والقيادة داخل الكيان الصهيوني، محوره الترسانة الصاروخية لدى حزب الله، واحتمالات تطورها تقنيا لتتحوّل الى صواريخ دقيقة قادرة على إصابة أيّ هدف داخل فلسطين المحتلة.
أولا: إن الكيان الصهيوني يعرف جيدا أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وقائد المقاومة لم يكن ليعلن عن هذا الإنجاز الكبير، أي امتلاك الصواريخ الدقيقة بكمية كافية، كما قال، لولا أن الإنجاز قد تمّ فعلا. وتؤكد سنوات السجال الطويل سياسيا وعسكريا بين حزب الله والدولة العبرية أن السيد نصر الله صاحب المصداقية داخل الكيان الصهيوني، وليس في لبنان والبلاد العربية فحسب، لم يكن ليعلن يوما عن هدف منجز قبل تحقيقه فعلا. وهذا أمر خبِره العدو في حروب وجولات بلغ فيها حدّ اليقين من المصداقية العالية لسيد المقاومة وتهديداته، التي تنمّ عن درجة المقدرة والتمكّن في إدارة الصراع. والوقائع الفعلية التي يعلنها قائد المقاومة حول أدوات الردع، كما تقول الخبرة الصهيونية ووقائع التجربة، كانت دائما أكبر مما هو معلن سياسيا وإعلاميا على لسان قائد المقاومة من معادلات وإنذارات للكيان الصهيوني.
حقيقة الردع الصاروخي لدى حزب الله باتت أمرا محسوما، وبات واضحا في العقل الصهيوني أن قيادة المقاومة في لبنان قادرة، كما قال سماحة السيد، على إصابة أهداف نقطية داخل فلسطين المحتلة. وهذا أمر مرعب لآلة العدو العسكرية والأمنية، لأنه يضع جميع المنشآت الاقتصادية والعسكرية الصهيونية في مهب الدمار والنيران، إذا ما غامر العدو بالعدوان على لبنان.
ثانيا: إن عظمة هذا الإنجاز وقيمته تنقل المعادلات بين لبنان والكيان الصهيوني الى مرحلة نوعية جديدة. وللمرّة الأولى منذ اغتصاب فلسطين يجب أن يشعر اللبنانيون أن يد بلدهم هي العليا، وأنهم قادرون على ردّ الصاع صاعين إن غامر العدو بأي عدوان على لبنان. وهذا بذاته تحوّل تاريخي وانقلاب نوعي في معادلة الصراع، يعود فضله الى قيادات لبنانية وشباب لبنانيين يصلون الليل بالنهار، وهجروا حياتهم العادية وعائلاتهم لينصرفوا الى همّ الدفاع عن الوطن، وحصّلوا العلوم والخبرات والكفاءات، ليجعلوا بلدهم عصيا على العدوان، وليقلبوا الصورة المعتادة منذ عام النكبة، بعدما بات لبنان، الذي كان مستضعفا مستباحا منذ عام 48، بفضلهم مصدرا لرعب صهيوني مقيم، منذ تيقّنت القيادات الصهيونية السياسية والعسكرية والأمنية من صحة ما أعلنه حزب الله وأمينة العام، الذي خبر الصهاينة مصداقيته ودقته في صياغة المعادلات، وفي إعلان الوقائع الكافية لتأكيد قدرة المقاومة. وهم يعرفون أن السيد لا يقول كل شيء في هذا المجال، وأن عليهم أن يتحسّبوا آلاف المرات لما قد يخفيه ولا يصرّح به من عناصر القوة والقدرة الدفاعية لدى حزب الله.
إن زمنا جديدا ينكتب بفضل شبابٍ وكهول، يكرّسون كلّ لحظة من حياتهم لتطوير وسائل الدفاع عن وطنهم، وهم متنسّكون لترجمة الخطط، التي وضعتها قيادتهم، ولتنفيذ تعليمات أمينهم العام وقائدهم العظيم، الذي بات رمز كرامة وعنفوان كلّ لبناني حقيقي، رغم ما يُشنّ عليه من حملات على ألسنة المنخلعين والعملاء، الذين لا علاقة لهم بالكرامة الوطنية والانتماء الوطني، وهم كيهوذا يُباعون ويُشرون بقروش تصرفها السفارات المعروفة.
ثالثا: إن شباب حزب الله هم جنودنا المجهولون، الذين يعملون بتواضع، وينذرون حياتهم لتحصين بلدهم والدفاع عنه، رغم كلّ ما يحيط بهم من الجحود والافتراءات. وهذا ما يضاعف من عظمة حزب الله، القوة الحكيمة والمتواضعة والحريصة على جميع أبناء شعبها بدون استثناء، والتي ترعب الكيان الصهيوني، الذي روّع المنطقة كلّها بحروبه وجرائمه البشعة.
إن أيّ لبناني طبيعي يجب أن يفتخر بانتمائه الى الوطن، الذي يسوّره شباب متواضعون، يختزنون الخبرة والمعرفة والقدرة، وبالتكنولوجيا الحديثة يسيّجون وطنهم ويحمونه من الغدر الصهيوني بعيدا عن أيّ استعراض، وبكل تكتّم ودقة. وهم يحضّرون ليل نهار لمفاجآت تقضّ مضاجع العدو وتزلزله إن هو تجرّأ على المسّ ببلدهم وشعبهم. وهم لا يطلبون من أحد لا حمدا ولا شكورا، بل يصلون الليل والنهار بكلّ صمت وتواضع، وفي الظلال بعيدا عن أيّ استعراض، وباتوا سرّ قوة البلد، الذي كان مستضعفا مستباحا وبات معهم قلعة شامخة مُهابة، ترعب العدو، وتسوّرها السواعد والعقول الفتية.
إنه الزمن الجديد.