من الصحف البريطانية
اهتمت الصحف البريطانية بأفق العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية في ظل الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن.
نشرت صحيفة التايمز تحليلا بقلم مراسلها لشؤون الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، الذي يقول إنه حين ينزعج القائمون على السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن من السعودية، وهو ما يحدث غالبا، فإنهم يذكّرون الجميع بأن المملكة ليست حليفة للولايات المتحدة وإنما مجرد “شريكة“.
لكن السعوديين، بحسب الكاتب، ينظرون إلى الأمر على نحو مختلف. فهم يرون أنهم حصلوا من الولايات المتحدة على وعد بالأمن مقابل النفط، منذ حصول أولى الشركات الأمريكية على امتيازات نفطية في السعودية في ثلاثينيات القرن العشرين.
الرئيس الأمريكي المخضرم جو بايدن يدرك كل هذا جيدا. لذا، حين قالت متحدثة باسمه إنه يريد إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، وأنه سيتعامل مباشرة مع الملك سلمان، وليس الحاكم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن هذا كان لهدف.
ويرى الكاتب أنّ هذا يعتبر بمثابة إعادة لسنوات الرئيس السابق باراك أوباما. فقد أعرب أوباما عن استياء إدارته من السعودية “التي جعلها سجلها الحقوقي ودعمها التاريخي للإسلام الراديكالي لا تحظى بشعبية في الغرب ولا في الحزب الديمقراطي“.
وذكّر سبنسر باختيار أوباما، في عام 2009، مصر كمكان لإلقاء خطاب رئيسي “أعاد ضبط” علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي. وأشار إلى أنه تم إقناع أوباما في اللحظات الأخيرة فقط بالقيام بزيارة قصيرة قبل ذلك إلى الرياض.
ويقول الكاتب إنه: “بعد ذلك الازدراء، أصبح يُنظر إلى السعودية على أنها غير متعاونة مع سياسات أوباما في الشرق الأوسط”، ويشير إلى أن السعودية كانت معادية بشكل علني للاتفاق النووي الإيراني الذي أنجزه أوباما.
وبحسب سبنسر فإن من الواضح أن بايدن يأمل في أن تسير الأمور بشكل مختلف الآن. ونقل عن مستشارين قولهم إن بايدن يريد التركيز على الصين وروسيا وأوروبا وليس على الشرق الأوسط.
لكنه اعتبر انّ ذلك سيعيد خلق المشكلة التي ظهرت خلال سنوات أوباما الذي اعتقد أن “دعم الولايات المتحدة للأنظمة الاستبدادية مثل الرياض كان عقبة أمام السلام والديمقراطية وأنّ ترك المنطقة لنفسها هو أفضل طريقة لتشجيع التقدم”. وأضاف: “كلنا نعلم كيف سارت الأمور بعدها“.
واعتبر سبنسر أنّ الظروف مختلفة الآن. وذك لأنّ “السعوديون يعلمون أنّ مقتل جمال خاشقجي في عام 2018 أضعف محمد بن سلمان، الذي اضطر بعد ذلك إلى اتخاذ إجراءات، منها إطلاق سراح عدد من المعارضين“.
وقال إنّ بايدن سيرغب في المزيد من السعودية، في ما يتعلق بحقوق الإنسان وإسرائيل والفلسطينيين وإيران. وأضاف سبنسر أنّ بايدن يعتقد “أنّ التوبيخ العلني سيزيد من احتمالية امتثال محمد بن سلمان له. وهذه مقامرة“.
وتوقع الكاتب أنّ محمد بن سلمان سيصبح ملكاً في وقت ما قريباً “إذ أن والده يبلغ من العمر 85 عاماً، وكراهية بايدن لوريثه لم تصل إلى حد فرض إقالته“.
ورجح سبنسر أنّه في هذه المرحلة من شبه المؤكد أن تقرر الولايات المتحدة دعم الحاكم الجديد للمملكة، كما فعلت مع الحاكم السابق، إذ أنها “ستجد أنها لا تزال تريد شراء السعودية لأسلحتها والحصول على مساعدتها في ما يتعلق بالأمن والإرهاب ومنع وقوع المنطقة في أحضان روسيا والصين“.
وأنهى سبنسر تحليله بالقول إنّه حينها “لن يهم إذا كانت السعودية تُدعى حليفاً أو شريكاً” للولايات المتحدة.
تناولت صحيفة الفايننشال تايمز التي الموضوع نفسه في مقال بقلم الكاتب ديفيد غاردنر، بعنوان: “تجاهل” جو بايدن يشير إلى إعادة ترتيب العلاقة مع السعودية.
وقال الكاتب إن الرئيس الأمريكي أقدم الأسبوع الماضي على تجاهل مدروس للقيادة الفعلية للسعودية، التي يدير شؤونها اليومية ولي العهد محمد بن سلمان. فقد قال البيت الأبيض إن الرئيس سيتعامل من الآن فصاعدا مع “نظيره” السعودي، أي الملك سلمان بن عبد العزيز، والد ولي العهد.
وبحسب غاردنر، انتهت الاتصالات التجارية والأسرية التي كان يرعاها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي تضمنت علاقة مباشرة عبر تطبيق واتساب بين ولي العهد وجاريد كوشنر، صهر ترامب. وخلال حملته الانتخابية هدد بايدن بمعاملة السعودية باعتبارها “منبوذة” بسبب انتهاكاتها المتفاقمة لحقوق الإنسان. إنه يعيد اختبار العلاقة التي تعود إلى 75 عاما بين الولايات المتحدة والسعودية.
ويبدو أن هذا سينطوي على اضطراب خطير، بحسب الكاتب. فواشنطن على وشك رفع السرية عن معلومات استخباراتية تربط ولي العهد بالقتل الوحشي لجمال خاشقجي في عام 2018، وهو رجل كان مقربا من الحكم ثم تحول إلى منتقد وكاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست.
واغتيل خاشقجي، وهو مساعد سابق لرئيس المخابرات السعودية، وتقطيع أوصاله على يد فرقة اغتيال جاءت من الرياض، بعد استدراجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول. ولم يتم العثور على أي أثر له.
وفي تقرير سابق، خلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن العملية كانت أبعد ما يكون عن عملية مارقة كما زعم السعوديون، إذ أن ولي العهد أمر بالقتل. وعلق الرئيس ترامب حينها قائلا “ربما فعل، ربما لم يفعل”، لكنه قرر أن مبيعات الأسلحة بمليارات الدولارات للمملكة والدعم الذي تقدمه السعودية لحملة ترامب ضد إيران تفوق ما وصفه بأنه “أسوأ عملية تستر على جريمة على الإطلاق“.
وكانت قضية خاشقجي أسوأ أزمة دبلوماسية بين واشنطن والرياض منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة، حين كان 15 من 19 خاطفا للطائرات التي نفذت الهجمات من السعودية. الأسئلة الآن هي: كيف تنوي إدارة بايدن بشكل مباشر تضمين ولي العهد في القضية؟ هل ستذكره بالاسم؟ وكيف ستتابع الأمر؟ البراعة والحزم ضروريان لتجنب الأزمة، بحسب الكاتب.
ويستبعد غاردنر أن تحاول الولايات المتحدة عزل الأمير محمد بن سلمان (35 عاما)، فهو الابن المفضل للملك سلمان وحفيد الملك عبد العزيز بن سعود، مؤسس المملكة، ويُعتبر أنه تجاوز موقعه في ترتيب الوصول إلى العرش ضمن أعضاء أسرة آل سعود. لكن يبدو أن الهدف الرئيسي لبايدن هو إنهاء تدليل ترامب وكوشنر – وهو ما منح ولي العهد الإفلات من العقاب على سلوكه المتهور والقاسي – وحمله على العودة إلى طريق العلاقات المؤسسية.
في الأسبوع الماضي، تحدث وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إلى الأمير محمد، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع السعودي. وبعد هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية من جانب الحوثيين في اليمن، كرر أوستن أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن المملكة.
لكن واشنطن سحبت دعمها للعملية العسكرية السعودية في اليمن، وهي الحرب التي شنها الأمير محمد قبل ست سنوات وتسببت في مجاعة ومرض لليمنيين. ويضغط فريق بايدن، المدعوم من الكونغرس، من أجل إنهاء الصراع ووقف تسليم الأسلحة للسعوديين.
وقد ترغب هذه الإدارة أيضا في إطلاق سراح محمد بن نايف، ابن عم ولي العهد ووزير الداخلية السابق والمعزول من ولاية العهد في عام 2017. وقد اعتُقل الربيع الماضي مع عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز.
ويقول الكاتب إنه لطالما كان محمد بن نايف الرجل الرئيسي للمؤسسة الأمنية الأمريكية.
وقد تسعى الولايات المتحدة أيضا إلى مساعدة سعد الجابري، وهو حليف أمريكي مهم ورئيس مكافحة الإرهاب السابق الموجود الآن في المنفى في كندا، والذي تقول عائلته إن الرياض حاولت استدراجه مقابل تحرير اثنين من ابنائه الذين يحتجزهم السعوديون كرهائن. كل هذا يثير السؤال الحساس حول ما إذا كان يجب دعم الأمير أحمد، الأخ الأصغر للملك سلمان، الذي يُقال إن بعض الأمراء البارزين يفضلونه كخليفة.
وختم الكاتب مقاله بالقول إن من غير المرجح أن يرغب فريق بايدن، رغم كل النفور من ولي العهد الحالي، في الوصول إلى نقطة استبداله. لكن محمد بن سلمان، وبدعم من الملك، مهد طريقه إلى العرش في سلسلة من الانقلابات في القصر، مستبدلا ملكية مطلقة كانت تقوم على إجماع الأسرة بنفسه كحاكم مطلق. الأمير الشاب لم يُظهر أي ميل للتخلي عن هذا بأي شكل من الأشكال، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع شخصيات بارزة تعرف أسرار المملكة.
نشرت صحيفة الغارديان تقريرا بقلم مراسلها لشؤون الشرق الأوسط، مايكل صافي، بعنوان :”مثل دعابة سيئة: موظفو الجزيرة مرتبكون بشأن مشروع اليمين الأمريكي“.
ونقل التقرير عن موظفين في مؤسسة الجزيرة الإعلامية، التي تتخذ من قطر مقرا، قولهم إن العديد منهم يشعرون بـ”الحيرة والذهول” إزاء القرار المفاجئ بإنشاء منصة موجهة للمحافظين في الولايات المتحدة.
فقد أعلنت شبكة الجزيرة عن تدشين منصة، تحمل اسم “رايتلي”، لإنتاج برامج ومحتوى إنترنت يستهدف “الجماهير غير الممثلة بالشكل الكافي في البيئة الإعلامية الحالية”، وهم في هذه الحالة الذين ينتمون إلى تيار يمين الوسط.
ومن المقرر أن يتولى سكوت نورفيل، أحد أعضاء الفريق المؤسس لقناة فوكس نيوز، الإشراف على المنصة، وقال نورفيل في بيان إن “رايتلي” تهدف إلى إظهار الطيف الواسع ليمين الوسط الأمريكي.
ونقل التقرير عن موظف بالجزيرة، رفض نشر اسمه، قوله “حتى الآن، الزملاء الذين تحدثت إليهم يشعرون بالذهول. لم يكونوا على دراية بأن الأمر سيحدث، ومتبكون بشأن السبب الذي يدفعهم للقيام بهذا“.
بدوره قال صحفي في الجزيرة يقيم خارج قطر للغارديان إن القرار كان بمثابة “صدمة” للموظفين، مضيفا أنهم يصفون الأمر بأنه “غريب”، وأن بعضهم يطلقون على المنصة “رونغلي” Wrongly أو “على خطأ“.
وقال موظف آخر إنهم علموا بأمر المنصة من خلال تغطية صحيفة الغارديان. وأضاف: “يبدو كأنه دعابة سيئة أو حلم مزعج ننتظر جميعاً أن نصحو منه“.
ويرى موظف آخر أن من “المقلق” أن تنتقل الشبكة من إنتاج الأخبار إلى ترويج أجندة سياسية.
وذكّر الكاتب بإثارة قناة الجزيرة الجدل في الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بسبب بثّها بانتظام تصريحات قادة تنظيم “القاعدة” وزعيمها آنذاك أسامة بن لادن، وكذلك تدشينها قناة أمريكية يسارية عام 2013، أوقفت تمويلها بعد ثلاث سنوات.
وقال إن موظفي الجزيرة الناطقة بالإنجليزية كانوا ضمن من أبدوا قلقهم من الخطوة الجديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وينقل التقرير في نهايته عن طارق الشرقاوي الذي ألّف كتابا عن وسائل الإعلام العربية والدولية، قوله إن قرار إنشاء المنصة ربما كان “سياسة واقعية محضة” من جانب صناع القرار في الدوحة بعد ثلاث سنوات صعبة أدركوا خلالها أنهم فشلوا في بناء جسور مع اليمين الأمريكي.