وداعا أيها الحبيب الأنيس
غالب قنديل
تلاقينا مرارا قبل أن نتعارف عن قرب، وكان وجهه المحبوب ونبرته القوية المفعمة بالالتزام بعهود المقاومة علامة فارقة. كان ذلك في السبعينات، في عدد من اللقاءات الطلابية، وهو كان المنظّم ورجل الفكر، الذي يتحلّق حوله حشد طلابي من مناصري المقاومة الفلسطينية. وقد بات أبو مازن رمزا وأستاذا للكثيرين منهم.
تلاقينا بصورة مباشرة ووثيقة، وجمعتنا صداقة وأخوة متينة في إطار مجموعة الدعم الإعلامي التي كوّناها معا في مركز الشرق الجديد، والتي كرّست جهودها لإدارة المعركة الإعلامية دفاعا عن المقاومة في سنوات استهدافٍ ومجابهة، غلب عليها الطابع السياسي والإعلامي. وكان الأستاذ أنيس النقاش شريكا رئيسيا في إدارة المعركة الإعلامية والسياسية، وكانت له دائما مشاركات قيّمة في هذا المجال الفكري والسياسي.
هذا الهادئ والمتواضع، البعيد عن الاستعراض، والغني في شخصيته وعمق تفكيره، كان شريكا أصيلا في جميع معارك الدفاع عن خيار المقاومة والتحرّر في منطقتنا، وهو صاحب التاريخ المضيء والباع الطويل، منذ انخراطه ومشاركته في صفوف المقاومة الفلسطينية في مطلع السبعينات. وقد كان الحكيم والخبير والعارف في جمعنا الإعلامي الداعم للمقاومة في لبنان والبلاد العربية.
أستاذ أنيس، أيها السيف الذي انكسر قبل الأوان، والعقل الذي سكت ولديه الكثير مما لم يُقل أو يُكتب دفاعا عن الأمة وعن خيار المقاومة والتحرّر.
إيها الفارس، الذي لم يخشَ يوما خوض المعارك دفاعا عن أمّته وشعبه، وكانت فلسطين نذره الدائم، وهو العلامة الفارقة في جيل من المناضلين، الذين ناصروا العمل الفدائي، ووقفوا معه بكل جوارحهم، كانوا الى جانب المقاومة اللبنانية منذ اللحظة الأولى.
أبا مازن، أرثيك اليوم رفيق درب وأخا وزميلا حبيبا طيّب المعشر أنيس الرفقة واضح الموقف.
كنت أتمنى وداعا يليق بمن هو مثلك، وبالتأكيد فقد غدرتك الجائحة، ولم تكن أمنيتك يوما أن تمضي إلا شهيدا في وجه العدو.
عهدا، سنواصل حمل الراية ورفع الصوت في خيار المقاومة والتحرّر، ووجهك وعيناك يلهمان كلّ العقول الحرة بعهد الوفاء والتحرّر.