نصر الله: ردع العدو ولمّ الشمل الوطني
غالب قنديل
الخطاب الذي ألقاه سماحة السيد حسن نصر الله قائد المقاومة أمس يتطلّب دراسة متأنّية، على جميع الوطنيين أن يدرسوه جيدا، وأن يستخرجوا أفكارا من محاوره الرئيسية، لتكون مضمون خطاب سياسي تعبوي في مواجهة التحديات الحاضرة.
أولا: إن التأكيد الواضح على استمرار جاهزية المقاومة، وفرضها لمعادلات الحماية والردع كان حاسما وقاطعا، بصورة تعكس إرادة قائد المقاومة بقطع الطريق على أي أوهام عند العدو، تتعلق بجاهزية المقاومة وقدرتها وإرادتها. ويعرف الصهاينة جيدا، بقادتهم السياسيين والعسكريين، وبكبار خبرائه أن قائد المقاومة لا يطلق كلامه جزافا، بل يعبّر عن معادلات واقعية. ونستطيع أن نقول بثقة أن التجربة أظهرت للصهاينة أن ما يصرّح به سماحة السيد حول عناصر قوة المقاومة وقدراتها هو القليل قياسا لما هو موضوع خارج التداول، ويبنيه حزب الله بحرص وتكتّم شديدين. وهذه عبرة التجربة التي مكّنته من تكريس واقع المفاجآت في أي اختبار قوة جديد أو معركة أو حرب، يمكن أن يغامر بها الصهاينة ضد لبنان.
المقاومة تواصل استعدادها وجاهزيتها، وتراكم قدراتها وتطوّرها على مدار الساعة. وهي حاضرة باستمرار لردع أي مغامرة صهيونية وردّ العدو على أعقابه بعد تلقينه دروسا جديدة.
ثانيا: تجديد معادلة الردع وتأكيدها في خطاب سماحة السيد، يستبق واقعيا أي وهم محتمل عند العدو عن تراجع أو تضعضع جاهزية المقاومة وقدراتها بنتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي، الذي يتخبّط فيه لبنان. والحقيقة الصلبة التي أكدها سماحة السيد، هي العبرة التي يعرفها جميع المتابعين والخبراء عن أسلوب عمل حزب الله، الذي جعل من المقاومة نذره، ومن حماية لبنان همّه الدائم والمتجدّد، وحيث يعمل شباب الحزب وقادته بمثابرة، وبصورة حثيثة ومستمرة، على مراكمة المزيد من الخبرات والقدرات في مجابهة العدو الصهيوني. وحزب الله هو أول قوة من نوعها تَنذر حياة شبابها للقتال ضد العدو، ولتطوير معادلات الردع في سبيل حماية وطنها وشعبها. وهذا التحوّل التاريخي، الذي يُكسب لبنان أهمية كبرى على خارطة المنطقة، بات مصدرا لتحوّلات كثيرة، تراكمت في البيئة الإقليمية بنتيجة الإنجازات، التي حصدتها المقاومة، والمعادلات التي أنشأتها على أرض الواقع.
لبنان الذي يسيّجه المقاومون بمعادلات الردع، هو قلعة صمود وتحرّر، وكلّ الأزمات لا تبدّل من هذه الحقيقة أو تهزّها. وهذا اللبنان تمثّل فيه المقاومة، بقيادة حزب الله، قوة عقلانية حكيمة، تحثّ على التفاهمات الصانعة للاستقرار، كما هو القوة التي وهب شبابها دماءهم في سبيل حماية الشعب والدفاع عن الوطن.
ثالثا: إن هذا الحزب يمثّل الصوت العاقل والحكيم في نسيج الوفاق اللبناني الداخلي، وفي التعامل مع الأزمات والكوارث، بعيدا عن المزيدات، وعن لغة تسجيل المواقف. وما قاله سماحة السيد بلغته الهادئة والحكيمة عن الوضع الداخلي، هو رسالة الى جميع الأطراف لبلورة الإرادة المشتركة في إنقاذ البلد، والتعامل مع أزماته بنضج وبمسؤولية وطنية.
حزب الله الذي يوفّر الحاجة والردع لمنع العدوان وحماية البلد هو ذاته قوة جمع في الحياة الوطنية لبناء الإرادة المشتركة، ولمواجهة الأزمات والتحدّيات بروح الوفاق والشراكة الوطنية، التي يحضّ عليها سماحة السيد، وهو بذلك يمثّل صمام أمان وطني للبلد وشعبه في أكثر المراحل حراجة.