تحية للروح التي ما زالت تقاتل يا عماد
غالب قنديل
تمرّ ذكرى استشهاد القائد المقاوم عماد معنية، وفي الضاحية ولبنان وفلسطين أجيال من المناضلين، الذين رافقوه وتعرّفوا اليه وأعجبوا بمآثره، وما زالوا يبكونه الى اليوم. إنه فتى الشياح والضاحية، الذي حمل همّ فلسطين ولبنان منذ فتوّته. وهو مارد المقاومة، الذي أطلقها وأرساها وشقّ طريقها مع رفاق درب تحولوا مع الزمن، وبالتضحيات، الى أسطورة لبنانية وعربية قهرت العدو، الذي قيل يوما إنه لا يُقهر.
في ذكرى استشهاد القائد البطل عماد مغنية، يحتشد الشهداء في حاضرنا، وهم فخرنا وعزّنا، وقد زينوا مسيرة المقاومة البطلة، وصنعوا مجدها وإعجازها في طرد الاحتلال وإزالة الدنس من تراب لبنان بدمائهم، التي روت كل حبة تراب كان يحتلها العدو. وعماد هو صاحب القول الأثير”الروح هي التي تقاتل”. وكأني بروحه ما زالت تطوف على جميع جبهات الصراع ضد الكيان الصهيوني الآثم الغادر. وروحه تقاتل في كلّ مكان في وجه الاستعمار والصهيونية. فتلك الروح كانت عربية تحرّرية شاملة المعاني راسخة الجذور. إنها روح المقاومة والتحرّر في عصرنا، روح عماد القائد العظيم والشهيد الخالد.
عَرَفته أحياء الشياح والضاحية فتى خجولا مهذّبا، وفوجئ أقرانه بصيته محاربا يقهر العدو عندما عزّ المقاومون بعد الاجتياح الصهيوني للبنان. وحوّل اسمه الحقيقي والحركي “عماد” و “رضوان” الى مفتاح يرعب آلة العدو الغاشمة، ورمز لإنجازات عظيمة سطّرها الفتية الأشدّاء، الذين قاتلوا بقيادته من أجل تحرير لبنان.
القائد الشهيد عماد مغنية هو أسطورة جيلنا وبطلنا الوطني، الذي أسس المقاومة الإسلامية مع إخوانه في حزب الله، وكان صاحب العقل النيّر المخطط، والقائد الميداني، الذي يتقدم طلائع المقاتلين، الذين دكّوا جحافل العدو، وفرضوا عليه الاندحار عن ترابنا الوطني.
ما بناه عماد بطلنا الوطني، هو آلة جبارة مجبولة بالخبرة ومنسوجة بالشجاعة والاستعداد للتضحية. وقد جسّدت تجربة حزب الله وقيادة الحزب المناضلة الشريفة، ولا سيما مع السيد القائد حسن نصر الله، حقيقة الجمع الخلّاق بين الفكر والممارسة، وتجذّر القادة في خنادق النضال، واستعدادهم للاستشهاد في أيّ لحظة. وهذه ّالتجربة العظيمة باتت صفحة تاريخية مجيدة من تراثنا الوطني والعربي ومن تاريخنا المعاصر. وهي تحمل بصمة ذلك الفتى، الذي عرفته شوارع الضاحية، وقد بات قائدا مُهابا ذا بأس وحنكة وقدرة على التخطيط والقيادة، أذهلت العدو والصديق، وفرضت احترامها بإنجازاتها وبدماء شبابها الخالدين في وجدان شعبهم وأمّتهم.
إنها مدرسة جديدة في النضال الوطني والثوري، أرساها حزب الله بقيادة السيد حسن نصر الله. ولبنان الوطن والشعب ومعه الشرق العربي برمّته، مدينون لهذا البطل الكبير ولحزبه العظيم ورفاقه الأوفياء، الذين يواصلون القتال، ويقفون على أهبة الاستعداد، دفاعا عن الشرق كلّه.
من كلمات عماد الأثيرة “الروح هي التي تقاتل”، وما زالت الروح تقاتل في ربوع لبنان وفلسطين وفي سورية واليمن، ترفع راية التحرّر، وتواجه الغزوة الاستعمارية.
إن ما أرساه القائد الشهيد عماد مغنية أزهر إرادة مقاومة من أجل تحرّر الشرق من نير الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية، وفي سبيل مستقبل مشرق لأجيال آتية، ستنعم بدفء التحرر الذي أرساه هذا البطل العربي وحزبه العظيم، وأسّس مدرسة نضالية لجميع الأحرار تشعّ ملهمةً بين المحيط والخليج، ورفاق القائد عماد مغنية الذين يواصلون الكفاح على دربه يشعّون في سماء الشرق نموذجا ملهما لجميع الأحرار. فقد أزهرت روح القائد عماد في العراق، وفي اليمن، وفي فلسطين وسورية إرادة تحرّرية صلبة معادية للاستعمار والصهيونية. وجميع التحوّلات، التي يشهدها مشرقنا في طريق العزّة والتحرّر، تحمل تلك البصمة اللبنانية العظيمة، التي كان لها الشرف في الطلقة الأولى، والكلمات الأولى، لرفض الهيمنة الاستعمارية الصهيونية، ودكّ حصون الرجعيين والعملاء في كل مكان.
الروح ما زالت تقاتل يا عماد، وإرادة التحرّر وراية المقاومة خفّاقة في كلّ مكان، تحضنها القلوب وترعاها العيون ويحفظها الناس في قلوبهم، بعدما ذاقوا طعم التحرّر والتخلّص من الكوابيس الصهيونية وحمامات الدم والإرهاب على يد رفاقك الأبرار. لروحك المجد وللمقاومة انتصار عظيم آت لا محالة على مدى الأمة وعبر الحدود.