دنيس روس: طرح مبادرات سلام جديدة ليس مناسبا حاليا
شدد دنيس روس المبعوث الخاص السابق لإدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، على أنه لا يوجد وسيط ناجع غير الولايات المتحدة من أجل استئناف اتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن طرح مبادرات سلام جديدة ليس مناسبا في الوقت الحالي. ويأتي ذلك قبل يومين من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن.
وكتب روس في مقال نشره في صحيفة “يديعوت أحرونوت” “ربما هذا ليس الوقت لطرح مبادرات كبيرة لاختراق الطريق، لكن هذا هو الوقت بالتأكيد من أجل بناء خطوات ميدانية عملية، كتلك التي بإمكانها ترميم الشعور باحتمالية ذلك“.
يشار إلى أن روس لم يكن وسيطا محايدا أو نزيها في المحادثات حول حل الصراع، وهو معروف بصهيونيته، ومسؤول كبير في “معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي”، وهو جزء من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وداخل الإدارات الأميركية الديمقراطية. وما يطرحه في مقاله هو الاستمرار في دفع خطة “صفقة القرن“.
وبدا روس أنه تجاهل في مقاله ولاية الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، ومحاولاته لاستئناف المفاوضات، وربما أنه تعمد ذلك من أجل عدم إغاظة الإسرائيليين. وبدلا من ذلك، أشار إلى أن إدارة جورج بوش الابن، التي خلفت إدارة كلينتون، “لم تبذل أي جهد من أجل التوسط بين الجانبين، لكنها لم تحاول منع أي جهة أخرى القيام بهذا الدور أيضا. إلا أن لا أحد اقترح نفسه – لا الأوروبيين، ولا الروس، ولا أحد آخر“.
وأضاف روس أن “الجميع أدرك أن على الوسيط أن يكون ذلك الذي يمتلك الوسائل والقدرة للتأثير على الجانبين، وحقيقة أن أي جهة لم تملأ الفراغ الحاصل تقول كل شيء. والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي بإمكانها ممارسة ضغوط حقيقية – للإيجاب والسلب – على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. ولا أحد غيرها بإمكانه القيام بذلك“.
واعتبر روس أن “الأمر الأساسي ليس مدى نزاهة الوسيط، وإنما مدى نجاعته وتأثيره. والوسيط الناجع هو الذي يدرك أن أي اتفاق لا يمكن أن يخرج إلى حيز التنفيذ إلا إذا تطرق إلى الاحتياجات، وليس لرغبات، كلا الجانبين. ومن أجل القيام بدوره، على الوسيط أن يدرك بشكل عميق ما هي المواضيع الحيوية لأي من الجانبين“.
وأردف: “واضح أنه إذا لم يكن أي من الجانبين ناضج لاتخاذ قرارات صعبة – أو كما هو الحال في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني غارق في مواضيع تاريخية وأسطورية – سيتضح أن حل الصراع مستحيلا“.
وأشار روس إلى أن “الفجوات بين الإسرائيليين والفلسطينيين – النفسية وتلك المتعلقة بقضايا الحل الدائم – هي أكبر اليوم مما يمكن الجسر بينها. ولا يمكن دفع احتمالات السلام بواسطة طرح مقترحات مصيرها الفشل – ومحاولة كهذه إنما ستزيد وحسب التشدد وتعمق انعدام الثقة. وثمة حاجة الآن إلى ترميم الثقة بين الجانبين. وهنا، تُفتح فرصة أمام الولايات المتحدة للدخول إلى دور الوسيط“.
وبحسب روس، فإن “عملية تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل أنشأت واقعا جديدا في المنطقة. وبإمكانه أن يستمر ويتقدم لأنه يستجيب لمصالح دول عربية، ولأن الفلسطينيين باتوا يعلمون أنه ليس بإمكانهم إيقافه. وفيما دولة مثل عُمان بإمكانها التوقيع على اتفاقيات تطبيع، فإن تقدم السعودية قد يحدث على مراحل فقط“.
ونقل روس عن مسؤول في منطقة الخليج قوله إن “السعوديين سيطالبون إسرائيل، في موازاة التقدم في العملية (التطبيع)، طرح مبادرات نية حسنة على الفلسطينيين. على سبيل المثال، بإمكان السعوديين التوقيع على اتفاق تجاري وفتح مكاتب تجارية في إسرائيل وأن تطلب من إسرائيل تخفيف ضائقة السكن والعمل عن الفلسطينيين بواسطة منح تصاريح بناء قانونية للفلسطينيين في المناطق C”.
واعتبر روس أنه في هذه الحالة يتعين على الفلسطينيين إعطاء إسرائيل شيئا بالمقابل. “وفي هذه الحالة بإمكان السلطة الفلسطينية التوقف عن دفع أموال دعم لأبناء عائلات كانوا ضالعين في عمليات عنيفة ضد إسرائيليين والتي يزيد حجمها ثلاثة أضعاف عن المخصصات التي يتلقاها باقي الفلسطينيين. وبهذه الطريقة بإمكان دور الولايات المتحدة كوسيط ألا يكون بناء زخم في عملية تطبيع العلاقات فقط، وإنما استغلاله أيضا من أجل كسر الجمود بين الإسرائيليين والفلسطينيين“.