معلم الدبلوماسية السهل الممتنع وداعا
غالب قنديل
غيّب الموت قامة سورية وعربية كبيرة هي الوزير وليد المعلم، الذي أمضى عشرات السنين في خدمة بلده سورية وأمّته العربية، وكان في أحلك اللحظات نسرا يتصدّى للحملات الاستعمارية الصهيونية على بلاده وعلى الوطن العربي.
فكان صوت فلسطين حين يعزّ النصير في المنتديات الدولية، وكان صرخة لبنان في زمن المحنة والاحتلال رافعا راية المقاومة والصمود، وكان نداء التحرّر في كل بقعة عربية مهدّدة أو معتدى عليها. وقف شامخا بصلابة دفاعا عن لبنان وعن العراق وعن ليبيا واليمن، كما كان باستمرار نسراً سورياً متأهباً، يرقب جبهات الأعداء، ويلتقط أدقّ حركة لهم، وينقضّ عليهم بكلامه الصارم والواضح، بحدّه القاطع كالسيوف الدمشقية.
إنه السهل الممتنع، الذي كان قادرا على إشهار المواقف البتّارة، التي تقصم ظهور الأعداء بكلمات سلسة وعبارات مقتضبة، فكان أسد الدبلوماسية السورية في المحافل، وهو الذي رافق أسديها منذ الحركة التصحيحية، فكان وزير الخارجية المختار وقائد الجبهة الدبلوماسية في الزمن الصعب.
هو معلم الدبلوماسية السورية وأستاذ الدبلوماسية العربية الذي لا يساوم. وهو الواضح الذي لا يخاتل، كما عرفناه في جميع المحافل واضحا وقاطعا في حمل القضية العربية. وقد هابه الأعداء على الدوام ويئسوا من محاولة استفزازه. قد أتقن تحويل حرارة إيمانه بالعروبة وبقضية التحرّر وبخيار المقاومة والصمود، وعشقه لسورية، الى برودة أعصابٍ وثباتٍ مذهلين في قيادة المعارك الدبلوماسية والسياسية، التي خرج منها جميعا بانتصارات واضحة لبلده ولشعبه ولأمته.
نقول وداعا أستاذ وليد، كأنما اخترت الرحيل على مفترق اطمئنانك الى المستقبل السوري بقيادة القائد بشار الأسد الذي وهبته المحبة والولاء، وكنت أمينا للعمل بقيادته دفاعا عن سورية وعن الأمة كلّها.
نخسر بغيابك أسدا متأهبا للدفاع عن الأمة العربية، وسنذكرك على الدوام، فقد كنت الموثوق للقائد البشار في معارك الأمة والمصير القومي، وكنت صديق لبنان وفلسطين وكل الوطن العربي، رافعا راية التحرّر والوحدة القومية.
أبا طارق سنفتقد ابتسامتك، ونبرتك الهادئة، وتصريحاتك المختصرة والبليغة القاطعة كالسيف. لقد كنت بحق سيفا عربيا دمشقيا، ورمزا لأمتك، التي ستفخر بمآثرك على الدوام. أيها السهل الممتنع وداعا.