من الصحف البريطانية
طغت الانتخابات الرئاسية الأمريكية على اهتمامات الصحف البريطانية التي انشغلت مقالات كتّابها بتقييم أثر دونالد ترامب – حتى في حال خسارته الرسمية للسباق – على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة في المرحلة المقبلة، والعقبات التي ستواجه جو بايدن وإدارته، إن فاز بالرئاسة، على مستويات عدة، بالإضافة إلى مقالٍ يعالج مستقبل علاقة إدارة بايدن ببريطانيا التي تتأثر دوماً بهوية ساكن البيت الأبيض.
نشرت الغارديان مقال لآدم توز بعنوان ” لم يتم التنصل من ترامب – رئاسة بايدن قد تواجه عقبات على كل المستويات” يرى فيه أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحتى قبل حسم نتيجتها، “أوضحت حقيقة أن الأمريكيين لم يبدوا رفضا شاملا لدونالد ترامب الذي سيستمر إرثه في البلاد لسنوات مقبلة.”
ويرى الكاتب أنه كما كان الحال في عام 2016، خسر ترامب التصويت العام لكنه استمر في السيطرة على أغلبية ساحقة في المدن الصغيرة وفي أمريكا البيضاء الريفية.
ويلاحظ توز أنه بالنسبة لإجراءات مواجهة وباء كورونا، ستواجه إدارة جو بايدن، إن فاز، معركة سياسية شاقة، خصوصاً مع وجود مقاومة من الأمريكيين ذوي الميول الجمهورية لتلقي اللقاح.
وبرأيه، لن تتم السيطرة بشكل فعال على تفشي المرض وستمر البلاد بعمليات إغلاق متكررة، ومن المحتمل أن يكون التأثير على المجتمعات والشركات الصغيرة مدمرا.
أما بالنسبة لأجندة بايدن التقدمية، حين ستجري مفاوضات مع زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، سيكون كل بند من بنود هذه الأجندة: الصحة ورعاية الأطفال والتعليم، معروضا للبيع.
نشرت الإندبندنت أونلاين مقالا بعنوان “لدى ترامب أدوات تجعل الرئاسة كأساً مسمومة”، يرى الكاتب البريطاني فينس كيبل أن بايدن سيواجه، حال فوزه، تحدياً أكبر للحكم.
يقول كيبل، وهو زعيم سابق لحزب الليبراليين الديمقراطيين في بريطانيا، إن ترامب سيستخدم كل الحجج القانونية لإبطال بطاقات الاقتراع البريدية التي قلبت التوازن في ولايات رئيسية. وإذا تمكن من رفع قضية أمام المحكمة العليا، من المرجح أن “القضاة سوف ينسون قسم الحياد ويتذكرون ديونهم السياسية للرئيس الذي قام بتعيينهم“.
ويتوقع الكاتب أيضا سيناريو آخر وهو أن يؤدي تحدي ترامب نتيجة الانتخابات إلى “حالة طوارئ أو حتى انقلاب“.
ويشير كيبل إلى أنه حتى لو وافق ترامب على مغادرة البيت الأبيض على مضض، قد يستمر كقائد فعلي للجمهوريين مع إمكانية ترشحه مرة آخرى عام 2024: “وفي غضون ذلك، سيقصف الملايين من مؤيديه بالتغريدات التي تثير اتهامات بالفساد وتأييد نظريات المؤامرة المصممة لزيادة استقطاب الجمهور المنقسم“.
ويرى الكاتب أن بايدن سيواجه حربا على جبهات عدة، في حال تنصيبه رئيسا: “داخليا، حركة غاضبة ومتشددة مؤيدة لترامب تمثل 40 بالمئة من الأمريكيين، محكمة عليا محافظة تتراجع عن تشريع ديمقراطي تاريخي كما هو الحال مع مشروع أوباما للرعاية الصحية، وكذلك القوانين الليبرالية الاجتماعية؛ ومن المحتمل أن يوقف مجلس الشيوخ المعادي محاولاته للتشريع“.
أما خارجيا فقد يتمكن بايدن من إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس بشأن تغير المناخ وإلى الاتفاق مع إيران. وسيكون التحدي الآخر الذي يواجهه هو إعادة إحياء التماسك والروح المعنوية لحلف شمال الأطلسي “الناتو“.
بالنسبة للكاتب، فإن الخطر الأكبر أمام بايدن هو “جر الولايات المتحدة إلى مجموعة متنوعة من الصراعات السامة التي كان ترامب ذكيا بما يكفي لتفاديها والتي لم يعد بإمكان الولايات المتحدة السيطرة عليها“.
نشرت التايمز مقالا بعنوان “انتصار بايدن نعمة ونقمة بالنسبة لبريطانيا”، يقول جايمس فورسيث إن الرئيس الأمريكي غالبا ما يشكل السياسات البريطانية سواء أكان ذلك جيدا أم سيئا.
يقول الكاتب “أظهر الديمقراطيون الجدد في عهد بيل كلينتون كيف كان اليسار يتكيف مع عالم ما بعد الحرب الباردة وقدموا نموذجا لحزب العمال الجديد. وكان ينظر إلى نزعة بوش المحافظة المتعاطفة على أنها وسيلة لليمين في بناء تحالف انتخابي جديد. أما أوباما فقد جسد رغبة شابة في التغيير وأظهر ترامب مدى رد الفعل العنيف ضد الإجماع العالمي“.
لكن فورسيث يرى أن بايدن لن يمارس الجاذبية نفسها على السياسة البريطانية التي مارسها الرؤساء في العشرين سنة الماضية، لأنه “لا يؤيد أي فكرة سياسية كبيرة“.
ويقول الكاتب إن مساوئ حكومة بايدن واضحة بالنسبة لبوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا. إذ إن بايدن “عارض بريكست بشدة، ومن حوله، مثل كثيرين من اليسار الأمريكي، ينظرون إلى لندن ويرون ترامب مصغرا“.
ويضيف أن هؤلاء سيعتبرون القادة الآخرين من ميركل إلى ماكرون شركاء طبيعيين لهم.
وينقل الكاتب عن “أحد الشخصيات الحكومية المؤثرة” قوله إن الانتقال من ترامب إلى بايدن من الآن وحتى يناير/ كانون الثاني “هو لحظة الخطر الأقصى على المملكة المتحدة“.
ويقول فورسيث إنه ربما يكون أكبر فوز لبريطانيا من رئاسة بايدن هو زيادة التعاون بشأن تغير المناخ، وهو الاهتمام المتزايد لحكومة جونسون، قبل قمة تغير المناخ في غلاسجو العام المقبل.
ويرى الكاتب أن أكبر هدية تالية لرئاسة بايدن إلى المملكة المتحدة هي، ببساطة، أنها ستكون أكثر قابلية للتنبؤ مما كانت عليه خلال عهد ترامب. وسيكون هذا هو الحال بشكل خاص في ما يتعلق بالتعامل مع
روسيا، خصوصا أنه مع وجود بايدن في البيت الأبيض، ستكون سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا أكثر استقرارا، برأي الكاتب.