تحليلات: نتنياهو يدفن الاقتصاد لمنع المظاهرات
رأى محللون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الجمعة أن فشل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في إدارة أزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها، نابع من أمرين أساسيين: الأول، السعي إلى منع المظاهرات ضده والتي تطالبه بالاستقالة والرحيل؛ والثاني، هو أنه لا يريد إثارة غضب الحريديين، وهم شركاؤه في الحكومة والأكثر إخلاصا له.
ونقل المحلل السياسي في صحيفة “معاريف”، بن كسبيت، عن قياديين في حزب الليكود قولهم، بعد أن طلبوا عدم ذكر هويتهم، إن “السبب الوحيد الذي يجعل نتنياهو يواصل الإصرار على إغلاق مطلق وعدم فتح مصالح تجارية صغيرة، التي تستوفي قيود العشرة أشخاص في مكان مغلق، هي قضية المظاهرات“.
وأضاف كسبيت أنه بالأمس حدث تطور، عندما “تجرأ قياديان في الليكود، (وزير المالية) يسرائيل كاتس وعضو الكنيست غدعون ساعر، على وضع روحهما في كفتي يديهما، وأعلنا جهارة أن إغلاق المصالح التجارية الصغيرة ليس ضروريا وتم لأسباب غير موضوعية“.
وتابع أن “المستشارين القانونيين في لجنة القانون والدستور في الكنيست، شرحوا لعضو الكنيست أييليت شاكيد، مؤخرا، أن السماح للمصالح التجارية الصغيرة بالعمل يعني إلغاء فوريا لـ’حالة الطوارئ الخاصة جدا’، والذي يعني إلغاء الحظر على المظاهرات. وصمت المستشارون، عندما سئلوا أن معنى ذلك هو أن المصالح التجارية الصغيرة بقيت مغلقة كي لا تكون هناك مظاهرات“.
وكتب كسبيت أن “رئيس الحكومة دفن الاقتصاد الإسرائيلي، ويدفع مئات الآلاف باتجاه الفقر، لأنه في بيته لا يستطيعون تحمل المظاهرات الجارية مقابل المسكن الرسمي لرئيس الحكومة في القدس. وكل من يعرف فقاعة الجنون هناك يعلم بذلك. وجميع المطلعين على المداولات في كابينيت كورونا وهيئات أخرى يعلم أن طاقة نتنياهو كلها مستثمرة في مواصلة وقف المظاهرات”. ويشار إلى أنه بعد حظر المظاهرات هناك، تم تنظيم تظاهرات تستوفي شروط القيود الجديدة في حوالي 350 موقعا في أنحاء إسرائيل، وخاصة عند مفارق الطرق.
وتابع أن “المصالح التجارية الصغيرة هي العمود الفقري للاقتصاد”، مشيرا إلى أنه “تم وضع شبكة جدران حديدية على أرصفة قيسارية، كي لا يكون بالإمكان التظاهر مقابل فيلا نتنياهو الخاصة. وتم إدخال الاقتصاد كله إلى حظر تجول كي لا يتمكن المتظاهرون من الاحتجاج في القدس. ولو تصرف نتنياهو من خلال ترجيح الرأي والمسؤولية، لتعين عليه استخدام خطة الرمزور (الشارة الضوئية) بعد أن طرحها منسق كورونا، البروفيسور روني غمزو، مباشرة” والتي تقضي بتشديد القيود على مناطق حمراء ينتشر فيها الفيروس، وتخفيف القيود في مناطق صفراء وخضراء ينتشر فيها الفيروس بشكل أقل.
أشار المحلل الاقتصادي في صحيفة “ذي ماركر”، سامي بيرتس، إلى أن المطلوب وضع خطة لفتح المرافق الاقتصادية، في نهاية الأعياد اليهودية، مساء غد. ورأى أن الطريق الصحيحة للتعامل مع ذلك، من خلال عدم إلحاق أضرار، هي بواسطة اتباع “سياسة الاختلاف: إغلاق محكم لمواقع انتشار الفيروس البالغ، وتحرير الأماكن التي يوجد فيها انتشار منخفض وتخضع للسيطرة من الإغلاق؛ والسماح للمصالح التجارية التي لا يوجد فيها استقبال جمهور بالعمل وإبقاء مواقع التجمهر مغلقة؛ وتعويض الذين تضرروا فقط، وعدم تبذير الأموال على الذين لم يتضرروا“.
وأضاف بيرتس أن نتنياهو امتنع عن تنفيذ خطة كهذه، “ليس لأنها غير صحيحة صحيا واقتصاديا، وإنما لأن نتنياهو يعتقد أنها ليست صحيحة سياسيا. فهذه الطريق مقرونة بصراعات مع حلفائه الحريديين، وهذه الخطة تعني إنفاذ القانون بالقوة والتفسير إعلاميا لماذا تُفرض قيود على مجتمع أو مدينة فيما تفرض قيود مخففة أكثر على مجتمعات ومدن” في إشارة إلى المجتمع والمدن الحريدية.
ووفقا لبيرتس، فإن “قسما من وزراء حزب الليكود استوعبوا أن هذه أزمة تستوجب قيادة حازمة، قدرة على التنفيذ وثقة شاملة من كافة أجزاء الشعب من أجل الانتصار فيها. وهم لا يرون هذه الصفات لدى نتنياهو. وهم قلقون جدا من أدائه، ومن أن الإعفاءات التي يمنحها للمجتمع الحريدي يمكن أن تقود إسرائيل إلى الإفلاس، فيما مصالح تجارية كثيرة باتت في طريقها إلى الانهيار، وكل هذا بسبب التخوف من اتباع سياسة الاختلاف“.
ولفت بيرتس إلى أن “سياسة الاختلاف مسيطرة في كافة النواحي في إسرائيل، بدءا من الخدمة العسكرية التي تعفي الحريديين والعرب، ومرورا بنسبة المشاركة المنخفضة للحريديين والنساء العربيات في سوق العمل وانتهاء بأربعة أجهزة تعليمية – الحكومي، الحكومي – الديني، الحريدي والعربي، ولكل واحد منها أجندة خاصة“.
وأضاف أن “الاختلاف استمر عندما جرى تعطيل جهاز التعليم العام، لكن الييشيفوت الحريدية (المعاهد الدينية) استمرت بالعمل، وحتى بدون مجموعات صغيرة (كابسولات)، الأمر الذي أحضر الوسط الحريدي إلى أيام رهيبة” بسبب الانتشار الواسع لكورونا فيه.