الرئيس عون: لبنان يطالب بتكثيف الجهود للعودة الآمنة للنازحين ونجدد الالتزام ب 1701
قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمته امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، عبر تقنية “الفيديو”، انه “كان لمساعدتكم وقع إيجابي كبير على بلدنا وشعبنا، أكان على المستوى العملي عبر تأمينكم الكثير من الاحتياجات الطارئة طبيا وغذائيا ومواد إعادة البناء، أم على المستوى المعنوي عبر تضامنكم الكبير الذي شعر معه شعبنا أنه ليس وحيدا، بل له في هذا العالم إخوة في الانسانية لم يترددوا في دعمه“.
اضاف: “بيروت اليوم تحاول النهوض من بين ركامها، وهي، بتضامن كل اللبنانيين وبدعمكم، ستلملم جراحها وتنهض كما سبق ونهضت مرارا عبر التاريخ. إن الانفجار- الزلزال الذي ضرب عاصمتنا، حفر عميقا في الوجدان اللبناني، فصور الضحايا وآلام الجرحى ودموع من فقد عزيزا لن تمحى أبدا“.
وتابع: “التداعيات لن تطاول فقط النشاط الاقتصادي، بل سترفع معدلات الفقر التي كانت 45% قبيل الانفجار وفق تقييم البنك الدولي، والذي قدر الخسارة الاقتصادية المتأتية عن الانفجار بحوالي 3.5 مليار دولار والأضرار المادية بحوالي 4.5 مليار دولار واحتياجات اعادة الاعمار الطارئة بحوالي ملياري دولار“.
واردف: “بيروت أعلنت مدينة منكوبة وتولى الجيش إدارة الإغاثة بالتعاون مع سائر الأجهزة والصليب الأحمر وجمعيات غير حكومية مرخصة ومتطوعين، فأجرى عمليات المسح لتحديد الأضرار وتقييم الاحتياجات، وتسلم المساعدات المحلية والدولية وتولى توزيعها، وكان الحرص على اعتماد أقصى معايير النزاهة والشفافية“.
وقال: “المرحلة التالية هي لإعادة الإعمار، وتتولى غرفة الطوارئ المتقدمة السهر على ترميم الوحدات السكنية والتجارية المتضررة جزئياً، ولكن المشكلة الكبرى هي في الأحياء والمرافق المدمرة كليا“.
اضاف: “في مسار التحقيق، كل لبنان يريد معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، وقد أحلنا ملف الانفجار الى المجلس العدلي وهو أعلى هيئة قضائية جنائية في لبنان، وجرى تعيين محقق عدلي وهو يقوم بتحقيقاته وإجراءاته. وفور حصول الانفجار طلبنا المساعدة التقنية الدولية في التحقيق لقدرة بعض الدول على تزويدنا بصور الأقمار الاصطناعية لحظة وقوع الانفجار ومعرفة مسار وقصة الباخرة المحملة بنيترات الأمونيوم منذ انطلاقها حتى وصولها الى مرفأ بيروت، وتحليل التربة والمواد وكل ما من شأنه أن يظهر ماذا حصل. وجاءت فرق من عدة دول للمساعدة التقنية بالتحقيق، وقامت بالأبحاث اللازمة، ولم نزل بانتظار معلوماتها عن لغز الباخرة كما عن صور الأقمار الاصطناعية لجلاء الغموض في هذا الجزء من التحقيق“.
وقال: “لبنان في أزمة غير مسبوقة، تراكمات انفجرت دفعة واحدة، ركود قاس بسبب الوضع الاقتصادي، أضيفت إليه أزمة كوفيد-19 وتداعياتها، وأخيرا جاءت كارثة انفجار المرفأ لتضربه في القلب، إنسانيا واقتصاديا ما جعل الوضع مأزوما الى حد كبير، ويضاف الى كل ذلك أزمة النزوح السوري المستمرة منذ عشر سنوات“.
وعن ازمة اللجوء قال الرئيس عون: “على الرغم من أن لبنان ليس بلد لجوء نهائي ودستوره لا يقبل التوطين، إلا أنه قد تعامل مع أزمة النزوح من مبدأ الواجب الإنساني واحتراما للقانون الدولي وخاصة مبدأ عدم الإعادة القسرية. لبنان يطالب بتكثيف الجهود للعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين، وعدم ربطها بالحل السياسي في سوريا خصوصا بعد أن أصبحت آمنة بمعظمها، كما ويطالب بمساعدة الحكومة اللبنانية في تطبيق الخطة التي أقرتها لعودة النازحين، خصوصا وأن الظروف أصبحت مؤاتية أكثر فأكثر للعودة“.
وتابع: “الى حين تحقق عودة النازحين، وتأكيدا على مبدأ المسؤولية المشتركة وتقاسم الأعباء بين الدول، يجدد لبنان دعوته الدول المانحة للوفاء بالتزاماتها، وتقديم المساعدات المباشرة للمؤسسات الحكومية وللمجتمعات اللبنانية المضيفة تجاوبا مع خطة الاستجابة التي أعدها لبنان بالتعاون مع الأمم المتحدة“.
وقال: “لبنان التزم أمام المجتمع الدولي القيام بحزمة إصلاحات إدارية ومالية واقتصادية تهدف الى تسهيل عملية النهوض التي نتطلع إليها جميعا. وإن لبنان إذ يرحب بقرار تمديد ولاية اليونيفيل ويقرأ فيه رسالة دعم قوية وجامعة من مجلس الأمن لحفظ الاستقرار فيه، يحيي تضحيات اليونيفيل، ويعطي الأولوية للحفاظ على أمن عناصرها وتأمين حمايتها، مقدرا التعاون الوثيق والمستمر القائم بينها وبين الجيش اللبناني“.
اضاف: “وفي السياق يجدد لبنان التزامه تنفيذ القرار 1701 بكافة مندرجاته، إيمانا منه أن ذلك سوف يثبت قواعد الإستقرار والأمن في الجنوب اللبناني مما ينعكس استقرارا في كل المنطقة، وأي خرق له يزيد الأوضاع تعقيدا. وعليه، يكرر لبنان مطالبته المجتمع الدولي إلزام إسرائيل القيام بموجباتها الكاملة في هذا المجال ووقف خروقاتها للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا، ووقف استباحة أجوائه واستعمالها لضرب الأراضي السورية، وحثها على التعاون الكامل مع اليونيفيل لترسيم ما تبقى من الخط الأزرق والانسحاب الفوري من شمال الغجر، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا“.
واردف: “ويؤكد لبنان أيضا تمسكه التام بحقه الكامل في مياهه وثرواته الطبيعية من نفط وغاز، وبكامل حدوده البحرية بحسب القانون الدولي ويتطلع إلى دور الأمم المتحدة والدول الصديقة لتثبيت حقوقه، وتحديدا وساطة الولايات المتحدة الأميركية لإجراء المفاوضات اللازمة لترسيم الحدود البحرية بشكل نهائي بحسب القانون الدولي وبما يحفظ سيادة لبنان وحقوقه في ثرواته“.
وقال: “اليوم، ومع مرور 75 عاما على إنشاء منظمة الأمم المتحدة، ومع الحديث المتزايد عن الحلول في منطقة الشرق الأوسط، نعيد التأكيد على التمسك بالمبادئ التي قامت عليها المنظمة وأهمها حرمة الحدود الدولية المعترف بها، والتشديد على أن أي مفاوضات ومهما كانت صيغتها أو الجهة التي تقوم بها، يجب أن تتطرق إلى الحلول المستدامة التي ترعاها المرجعيات المعنية لا سيما قرارات الأمم المتحدة ومنها القرار 194 الذي يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة. كما نذكر في هذا الإطار بمبادرة بيروت للسلام للعام 2002. وإننا، وفي المئوية الأولى لإعلان “لبنان الكبير”، لا يسعنا سوى التأكيد بأن الشعب اللبناني بكل أطيافه، يتمسك بالحفاظ على لبنان كبيرا، موحدا، من دون أي تقسيم أو تجزئة“.
وختم: “هي المرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة ينعقد فيها اجتماع الجمعية العامة افتراضيا؛ فيروس لا يُرى منعنا من اللقاء الحقيقي وأجبرنا على التخاطب عبر تقنية الفيديو. مما لا شك فيه أن العالم ما بعد كوفيد 19 لن يكون كما قبله، ونأمل يكون عالما أكثر انسانية بعدما وحده العجز أمام فقدان الأحبة و فقدان الأوكسجين.
ولعل التعاطف الكبير الذي لمسه لبنان وشعبه بعد الكارثة التي ضربت بيروت، ومسارعة دول العالم وشعوبه الى التضامن ومد يد العون هو اشارة الى أن عالمنا قذ أخذ العبرة من معاناته، والانسانية عادت لتأخذ بعض مكانها في عالم المادة وحق القوة واللاعدالة. هي إشارة مشجعة للمستقبل الذي نصبو إليه، للأمم المتحدة التي نحتاجها، والتي أرادت لاجتماعنا هذا العام أن يكون تحت عنوان: إعادة تأكيد التزامنا الجماعي بالعمل المتعدد الأطراف” والذي يمكن اختصاره بعبارة واحدة: التضامن لأجل الخير”.