كذبة فوق كذبة لا تبني دولة حيّان سليم حيدر
واستقلّ لبنان، قيلَ… وقد بَنَيْناه.
– في عموميات تأسيس لبنان (مع الإحترام لجميع من أطلق بنيّة صادقة هذه الشعارات):
لبنان بلد رسالة .. كذبة،
لبنان سويسرا الشرق .. كذبة،
لبنان بلد ديمقراطي .. كذبة كبيرة،
لبنان بلد الحرّيات .. كذبة كبيرة،
لبنان وطن نهائي .. كذبة كبيرة،
لبنان بلد الحوار .. ك.ك. (ك.ك.= كذبة كبيرة: إختصارًا للوقت وتوفيرًا للحبر وتجنّبًا للمَلَلْ)،
“لبنان لا شرق ولا غرب” (1) .. ك.ك.، (فهو ممنوع من الشرق)،
“لبنان ذو وجه عربي يستسيغ الخير النافع من حضارة الغرب” (1) .. ك.ك.،
ولا تسلني عن “لبنان ليس للإستعمار ممرًّا ولا مستقرًّا” ولا للعدوان على … ك.كتير.ك.
لبنان دولة المؤسّسات .. ك.ك.، دولة فيها مؤسّسات .. ك.ك.، دولة تعرف معنى المؤسّسات ..ك.ك.ك.،
لبنان بلد المبادرة الفردية .. ك.ك.، الملكية الفردية مُصانة .. ك.ك.،
لبنان في محور النظام الإقتصادي الحرّ .. ك.ك.، لبنان ليرتُه مثبّتة .. ك.ك.،
المواطن يشتري ويبيع ويسكن حيث يشاء .. ك.ك.،
– وفي صِيَغ الحكم ونوع الحكومات:
الطوائفية التعدّدية .. ك.ك.، الديمقراطية التوافقية .. ك.ك.، مقتضيات الوفاق الوطني .. ك.ك.،
الميثاقية .. ؟؟؟ الشراكة .. ك.ك.، التوازنات .. ك.ك.، العيش المشترك أو الواحد .. ك.ك.،
حكومة وحدة وطنية .. ك.ك.،
حكومة تكنوقراط .. ك.ك.، إختصاصيّين .. ك.ك.، تكنوسياسية .. ك.ك.،
حكومة مستقلين .. ك.ك.، حيادية .. ك.ك.،
حكومة فعّالة .. ك.ك.، حكومة إصلاح أو إصلاحية .. ك.ك.، حكومة إنقاذ .. ك.ك.،
حكومة “كلّ لبنان” .. ك.ك.،
حكومة “إلى العمل” .. ك.ك.،
حكومة “لم يكن بالإمكان أفضل ممّا كان” .. ك.ك.،
حكومة أقطاب .. ك.ك.، سيادية .. ك.ك.، ميثاقية .. ك.ك.،
حكومة تمثّل وتُرْضي الجميع .. ك.ك.، (وتسرق وتخرّب وت.. باسم الجميع)،
حكومة لا تستثني أحدًا .. ك.ك.ك. (2)
حكومة “فصل الحكم عن الحكومة” (علمًا أنّني لم أفهم معنى ذلك) ولكن .. ك.ك.،
حكومة على قدر طموح “الثورة” .. ك.ك.،
حكومة ذات مهمّة .. ك.ك.، (يعني سائر الحكومات لا مهمّة لها).
– والأمر ينسحب حتمًا على مدّة تأليف الحكومة:
بأسرع وقت .. ك.ك.، (ولمن إلتبس عليه الأمر ك.ك. تعني كذبة كبيرة وليس أيّ أمر آخر)،
لبنان لا يحتمل البقاء في الفراغ الحكومي.. ك.ك.، (وبعدها تتمنى: ليته إحتمل وبقي)،
لا يمكن أن .. ك.ك. (ويمكن)، لا يجوز .. والبلد ينهار .. ك.ك. (ويجوز وينهار)،
– وفي النهاية، وبعد إختصار المرور بالإدارة والمؤسّسات وصولًا إلى: أوّلًا في الدستور (الطامة الكبرى):
يتضمّن الدستور اللبناني تناقضات ومفارقات وما شابه من مواد-(كذبة) ومنها ما لم ينفّذ أبدًا ومنها ما يُلغي بعضه البعض الآخر ممّا يُدْخِل لبنان من الباب العريض في تصنيف ك.ك.، كذبة كبيرة، (ونشرحها مجدّدًا منعًا لأيّ لغط قد يكون مقصودًا)، أو تصنيف 3 ك (كذبة كتير كبيرة) أو 4 ك (كلّها كذبة كتير كبيرة) أو حتى أكثر. ونقترح على القارىء مراجعة النصوص في الدستور ومنها:
في مقدمة الدستور المواد: أ- (سيّد حرّ مستقل)، ب- (ملتزم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)، ه- (الفصل بين السلطات)، ز- (الإنماء المتوازن)، ط- (أرض واحدة لكلّ اللبنانيّين) تدخل جميعها في خانة “كذبة كبيرة”،
أما المادة: ج- (ديمقراطية.. إحترام الحرّيات.. المساواة.. دون تمايز أو تفضيل) فتصنيفها هو كذبة كتير كبيرة أي 3 ك،
أما المادتان د- (الشعب مصدر السلطات) وح- (إلغاء الطائفية السياسية) فهي كلّها كذبة كتير كبيرة أي 4 ك،
وفي متن الدستور: فالمواد رقم: 1 (دولة مستقلة)، 7 (كلّ اللبنانيّين سواء لدى القانون)، 8 (الحرّية الشخصية)، 22 (إنتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي)، 27 (النائب يمثّل الأمة جمعاء)، 30 (فور إنشاء المجلس الدستوري)، 2/65 (السهر على تنفيذ القوانين)، 4/65 (حلّ مجلس النواب)، 70 (الإتّهام بالإخلال بالواجبات)، 81 و82 (فرض الضرائب)، 83 (تقديم الموازنة العامة)، 87 (حسابات الإدارة المالية النهائية)، 89 (منح الإلتزامات والإمتيازات)، كلّها تدخل، وبامتياز، في مجال ك.ك.،
المادة 12 (الحقّ في تولّي الوظائف العامة) هي ك.ك.ك.،
المادة 95 (تحقيق إلغاء الطائفية السياسية، مَضْحَكة لبنان الكبرى ومهزلة لبنان الكبير) لا يمكن لنا غير وضع علامة ك.ك.ك.ك.ك… عليها (ويمكن للقارىء تفسير ولفظ كلّ من الكاكايات على منوال فشّة خلقه كما يشاء) وذلك لمرور المئوية الأولى على تأكيدها وتكرارها وهي صامدة “لا يهزّها نكد أهل السياسة”،
ثمّ يأتيك الباب السادس من الدستور بعنوان “أحكام نهائية مؤقتة” (والمعنى بقلب المُشَرِّع) كما وهناك مواد غامضة الوضوح، واضحة المرامي، لكنّها خارج نطاق التفنيد في هذه الورقة.
نعم، لقد إنحرفتُ على سلوك آداب الخطابة المعتاد، ولكن الفاعلين في لبنان وبه قد إنجرفوا به وجرفونا معه بعيدًا، وبعيدًا جدًّا، إلى ما لا يمكن إصلاحه لا بهم وبأمثالهم ولا بنواياهم ومآربهم ولا بأعمالهم و”إنجازاتهم”.
وكلّ ما سبق قوله هنا يقرأه المتابع المهتمّ في الشعار الأساس ل “ثورة” 17 تشرين الذي ذهب إلى القول: “ك. يعني ك.” وهذه ك.ك. أيضًا.
ولأخْتُم بطرفة أقول أنّ أول قارىء يمكنه أن يحدّد عدد ال ك.ك. الواردة أعلاه من دون العودة إلى “مِنْ فين تبتدي الحكاية”، له جائزة، كما تقتضيه قواعد التسويق ومقتضيات التشويق.
واستباقًا لكلام اللذين سيقولون لي: “يا حيّان لقد تجاوزت حدود تهذيبك والتشخيص المرزين في هذه الأوقات المصيرية العصيبة وهناك محاولات جادّة لتدارك الأمور وبناء دولة … أقول: فهذه أيضًا هي ك.ك. !
حِكْمَةُ المئويّة: عندما تبني دولة على نهج “كذبة” فوق “كذبة” تكون المحصّلة .. ك.ك. ومن الموروث (أي من روْث) “الكاكي” نقول: كما تكونوا يُ ك.ك. عليكم، لأنّ ما نشأ على ك.ك. يُحْكَم ب ك.ك. !
مع شيء من الخجل والإعتذار.
والحلّ ؟ (*)
بيروت، في 12 أيلول 2020م. حيّان سليم حيدر.
مواطن مكذوب عليه، مئة عام.
(*) كي لا تبقى السلبية خلاصة للمقال ، دائمًا ما أشير إلى حلّ للمشكلة، فلنبدأ بالصرخة: “أيّها اللبناني، إبدأ من الأول، الوارد في الأخير، إحترم الدستور والقانون واعمل على احترامها من قبل الجميع وعالج ال ك. الأخير ثمّ إهتمّ بال ك. الذي قبله وهكذا دواليك صعودًا إلى البداية، وعندما تزيل كلّ الكاكايات، فأنت على الدرب القويم وقد استدركت الأمر قبل أن يصبح لبنان كلّه ك.ك.
(1) من البيان الوزاري لحكومة رياض الصلح في 25 أيلول 1943.
(2) حكومة لا تستثني أحدًا أي لا تستثني كلّ من قتل وخرّب وسرق وكان وتسبّب وأهمل وتغاضى عن وتآمر على وتجاهل.. ما أوصلنا ووَصَلْنا إليه من وضع زري في: السيادة والسياسة والأمن والأمان والإقتصاد والمال والإنماء والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان والظلم والعدالة والعدل والثقافة والتطوّر والتقدّم والإبداع و…