محللون: بن سلمان يريد تعويضات أميركية مقابل التطبيع
يسعى جريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إنهاء صفقة اتفاقيات تحالف وتطبيع علاقات رسمية بين دول عربية خليجية بالأساس وبين إسرائيل قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. ويحاول تجنيد حاكم السعودية الفعلي، ولي العهد محمد بن سلمان، إلى هذه الصفقة، في محاولة لإظهار أن ترامب حقق ما لم يتمكن من تحقيقه رؤساء سابقون. وشكك محللون إسرائيليون في إمكانية تحقيق ذلك، ورأى أحدهم أن “اتفاقيات السلام هذه لا تساوي قشرة ثوم“.
وفتحت السعودية أجواءها أمام الطائرات المدنية الإسرائيلية من وإلى الإمارات. وحسب محلل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس تسفي برئيل فإن “السعودية ما زالت حذرة، وثمن التطبيع الرسمي مع إسرائيل متعلق بالثمن السياسي الذي ستحصل عليه من الولايات المتحدة. وتجري مداولات حثيثة حول ذلك بين بن سلمان وصديقه كوشنر”.
وأضاف برئيل أن “ترامب يتطلع إلى إنجاز سياسي آخر (بعد الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي) ليلوح به في حملته الانتخابية، بعد أن انهارت معظم مبادراته السياسية، وبضمنها ’صفقة القرن’، وتحولت إلى طرفة في أفضل الأحوال، وفي معظم الحالات تسببت بهلع عميق لدى كافة الأطراف “.
وأشار إلى أنه “من أجل إثبات المفهوم الإستراتيجي الذي بموجبه السلام بين إسرائيل والعرب لا يتطلب حلا للقضية الفلسطيني. وبدلا من ذلك فإن استخدام السلام مع دول عربية كعامل مسرّع لسلام بين إسرائيل والفلسطينيين يتطلب حزاما عربيا أوسع، تشارك فيه دول أخرى أو السعودية على الأقل. لكن يوجد شروط لذلك“.
وأضاف أن تطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية، “سيبدو، وبحق، أنه تراجع لا يمكن إصلاحه عن مبدأ أساسي في مبادرة السلام السعودية/ العربية، من العام 2002، التي بموجبها بالإمكان تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد انسحاب الأخيرة من المناطق” الفلسطينية المحتلة عام 1967. “لكن هذا الضرر حصل بعد أن قررت الإمارات إقامة علاقات سلام كاملة مع إسرائيل“.
ولفت برئيل إلى أن بن سلمان “أصبح منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، قبل سنتين، شخصية غير مرغوب فيها لدى الجمهور والكونغرس الأميركيين… والتحقيقات ضد بن سلمان في قضية اغتيال خاشقجي لم تنته بعد، كما أن الكونغرس فرض حظر بيع أسلحة على الرياض، وهو قرار التف ترامب عليه“.
وشدد برئيل على أن “بن سلمان بحاجة ماسة إلى تغيير يعيد إليه مكانته، بعدما بدأ ولي عهد الإمارات، صديقه محمد بن زايد، بالتعتيم عليه كزعيم نجح في بلورة سياسة شرق أوسطية جديدة، وكأقرب شخصية عربية إلى ترامب. ورغم أن سلاما مع إسرائيل قد يشكل خطوة لاختراق نحو واشنطن، لكن خلافا للإمارات، وضع السعودية أكثر تعقيدا“.
فمن جهة، حسب برئيل، تعهدت السعودية بشراء أسلحة أميركية بمبلغ 110 مليارات دولار. وبعد ضغوط أميركية، توثق السعودية علاقاتها مع العراق وتقترح بدائل للكهرباء والغاز التي تشتريها من إيران، وذلك بهدف لجم تأثير إيران في الشرق الأوسط. ومن الجهة الثانية، وقعت السعودية على مذكرة تفاهمات مع روسيا لإقامة مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء، “وعلى ما يبدو أنها تدرس إمكانية تطوير برنامج نووي يشتبه بأنه عسكري”.
وأشار إلى أنه إذا كانت الإمارات تطالب بشراء طائرات إف35، “فإن رزمة المطالب العسكرية والسياسية السعودية ستكون أطول بكثير. لكن رافعات بن سلمان للمساومة محدودة بالوقت. فهو لا يمكنه أن يكون متأكدا من أن ترامب سيبقى رئيسا، وعليه أن يأخذ بالحسبان أن يجلس جو بايدن في البيت الأبيض، وإدارة ديمقراطية ليس بالضبط حلم ولي العهد“.
واعتبر برئيل أنه “هنا يكمن الاعتبار الذي قد يلعب لصالح تبكير التطبيع مع إسرائيل، إذ سواء انتخب ترامب أو خصمه بايدن، بإمكان إسرائيل أن تشق من أجل بن سلمان مسار العودة إلى واشنطن. وفتح سماء السعودية أمام طائرات إسرائيلية وأخرى هو أكثر من مجرد إلقاء عظمة وإبداء دعم للاتفاق بين إسرائيل والإمارات. إنه يبدو كدفعة أولى على حساب بضاعة يأمل بن سلمان بالحصول عليها من ترامب“.
من جانبه وصف المحلل الأمني في صحيفة “معاريف”، ران إدليست، إسرائيل بأنها “حمقاء” وأن تصحو من خدع “السام التاريخي”، وأن خطط ترامب ونتنياهو فيما يتعلق “بالمسرحية في أبو ظبي” تنطوي على “تعهدات جوفاء”، وبضمن ذلك تجنيد مؤيدين، مثل مصر والأردن.
وكتب إدليست أن “المشكلة هي أن رئيس مصر السيسي وملك الأردن عبد الله ملتزمان بالمسألة الفلسطينية بسبب سياستهما ودعم شعبيهما. والتقنية هي ابتزاز وإغراء. التلويح بضمان تعويض مالي وتعلق السيسي وعبد الله بالولايات المتحدة. والتعهد، هو قصص حول إنشاء ’صندوق استثمارات دولي لصالح الاقتصاد الفلسطيني والدول العربية في المنطقة بمبلغ 50 مليار دولار. (لكن) حياة ترامب وكوشنر كلها في الأعمال مبنية على خدع كهذه. فالصندوق لم يعمل، باستثناء مساعدات للأردن ومصر ولم تتجاوز قرارات الكونغرس، مثلما هي المساعدات الدائمة لإسرائيل“.
وأضاف أن “التمويل الحقيقي لمشاريع إنسانية في الشرق الأوسط يوفره الأوروبيون، فيما يقلص الأميركيون الميزانيات، خاصة للفلسطينيين”. وأشار إلى أنه بما يتعلق باتفاق إسرائيلي – سوداني، لم يتطرق وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لدى إعلانه عن رحلة جوية “تاريخية” من تل أبيب إلى الخرطوم، إلى أن الحكومة السودانية هي حكومة انتقالية ولا يمكنها التعامل مع اتفاق كهذا، وأن المحاكم الأميركية أقرت تقديم الخرطوم، في الماضي، مساعدات هامة لتنظيم القاعدة، أثناء تواجد أسامة بن لادن في السودان بين السنوات 1991 – 1996.
وتابع إدلبست أن “بومبيو قال شيئا ما ليس واضحا حول رفع العقوبات عن السودان لصالح اتفاق ما يواصل وصف نتنياهو وترامب كمهندسي السلام بين إسرائيل والدول العربية. وأنا أنظر إلى ذلك ليس أكثر من تجنيد متعاون (السودان) عالق في الزاوية ويتم إغراءه وابتزازه، ورغم ذلك لم يوافق بعد”.
ووفقا لإدليست، فإن “كل هذا مجرد كلام. وعمليا لا تزال إدارة ترامب تطلب السودان بدفع أكثر من 300 مليون دولار لضحايا هجمات القاعدة. وبالون “السلام” لن يدفع أي شيء إلى الأمام وبالتأكيد ليس الهدوء عند حدود الحرب الإسرائيلية الدائرة كل يوم وكل ساعة“.
ورأى إدليست أنه “بدلا من التوصل إلى اتفاقات مع جيران وحدود تنزف دما، نتنياهو يصنع عناوين صحفية مع دول هامشية، قيمة ’السلام’ معها كقيمة قشرة ثوم، ولن يعود ذلك بفائدة إلى أكثر من مليون عاطل عن العمل في إسرائيل بسبب كورونا وسياسة نتنياهو الاقتصادية الهدامة”.