سخط وغضب… وحذر: معن بشور _
لم أشعر يوماً بالسخط والغضب على القيّمين على أمور البلاد الغارقين في جشعهم وفسادهم وكيدهم السياسي والطائفي والمذهبي، بقدر ما شعرته وأنا أرى اللبنانيين جميعاً، وزعماءهم في المقدمة، ينصتون الى “المعلم” ماكرون يصدر تعليماته ويوجه تهديداته التي جوهرها لا تختلف كثيراً عن مطالب إصلاحية حملها اللبنانيون قبل 17 تشرين الأول وبعده…
ألم يكن أشرف للبنان، لزعماء طوائفه وأحزابه، أن يتنازلوا للشعب اللبناني، ويشرعوا في تنفيذ برنامج إصلاحي جدي، ويبدأوا بتحقيق مالي مركّز يكشف أوكار الفساد و “صندوقه الأسود”، ويستعجلوا تحقيقاً عدلياً صارماً في فاجعة تفجير المرفأ، ويخطوا خطوات على طريق إلغاء النظام الطائفي وبناء الدولة المدنية، بدلاً من ان يستعيد لبنان صورة “المندوب السامي” الفرنسي في قصر الصنوبر ذاته، رغم تقديرنا لإسراع الرئيس ماكرون بالتضامن مع لبنان بعد فجيعة المرفأ…
ألم يكن أفضل للقيّمين على أمور بلادنا أن يعقدوا حواراً في ما بينهم. وفي قصرهم الجمهوري، ويتفقون في ما بينهم على خطوات إصلاحية تتجاوب مع مطالب الناس…
هل كان من الضروري أن يلوّح الرئيس الفرنسي بعقوبات على بعض السياسيين للقبول بمبادرته “الإصلاحية” وأن يهدّد بتجميد أرصدتهم المليئة في المصارف الغربية، لكي يقف هؤلاء بالصف صاغرين منصتين لتعليماته…
ألا يدرك هؤلاء السياسيون الخائفون على أرصدتهم في الخارج خطورة أن يتطوّر الأمر مع عواصم الغرب في واشنطن وباريس وغيرها الى درجة مصادرة هذه الودائع في الخارج، كما صادروا هم، عبر أدواتهم المصرفية والمالية، ودائع الناس في مصارف لبنان، لا سيّما أنّ لدى هؤلاء الحاكمين في الغرب ألف حجة وذريعة لمصادرة هذه الأموال، كما فعلوا مع أموال إيران بعد الثورة، وأموال ليبيا بعد غزو الناتو، وأموال تونس بعد سقوط بن علي ، وأموال أمراء النفط وشيوخهم في كلّ حين…
ومع ذلك لا يمنعنا سخطنا وغضبنا من رؤية الفساد الداخلي وهو يقودنا الى الوصاية الأجنبية، من أن نعود الى ملاقاة كلّ مبادرة إنقاذيه بكلّ إيجابية، وأن نسعى جميعاً لتسهيل مهمة الرئيس المكلف الدكتور مصطفى أديب بتشكيل حكومة من أكفاء قادرين على كسب ثقة الناس وتحقيق الإصلاحات المنشودة… لكن مع أن تبقى عيوننا مفتوحة على كلّ ما يحيط بهذه المبادرة من أفخاخ، وما يتصل بها من ألغام…
الإيجابية ضرورية… والحذر ضروري أكثر…
*المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية
(البناء)