من الصحف الاسرائيلية
لفتت الصحف الاسرائلية الصادرة اليوم الى ان رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية الإسرائيلية شاؤول ميردور قدم استقالته إلى الوزير يسرائيل كاتس وعبر من خلالها عن استيائه من أداء الوزارة، وانتقد خلالها سوء إدارة كاتس وحكومة بنيامين نتنياهو للأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، متهما الحكومة باتخاذ القرارات بناء على “مصالح ضيقة”.
وقال ميردور في كتاب الاستقالة: “خلال الأشهر الأخيرة، وتعزز ذلك خلال الأسابيع الماضية، أصبحت قدرتي على أداء واجباتي كرئيس قسم الميزانيات، مستحيلة”، وأضاف مخاطبا كاتس، “لسوء الحظ، أنت لا تسمح لي وللعديد من الموظفين الآخرين في مختلف أقسام وزارة المالية والوزارات الحكومية الأخرى بالقيام بما نجيد القيام به – صياغة خطط وتقديم اقتراحات وتحليلات وانتقاد تدابير السياسة التي ستسمح للاقتصاد الإسرائيلي بالتغلب على الأزمة الاقتصادية الصعبة”.
يتوجه الوفدان الأميركي والإسرائيلي من تل أبيب إلى أبو ظبي على متن رحلة جوية لطائرة تابعة لشركة “إل عال” الإسرائيلية، ستحلق معظم الوقت في أجواء السعودية. وجرى، أمس، تزويد الطائرة الإسرائيلية، وهي من طراز “بوينغ 737″، بمنظومة دفاع من الصواريخ يطلق عليها اسم “واقي السماء”. ومن الجهة الأخرى، دعا محللون في الصحف الإسرائيلية إلى عدم المبالغة في فوائد اتفاق التحالف وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم أن منظومة “واقي السماء”، التي تصنعها شركة “إلبيت”، توضع في مكان مكشوف في أسفل ذيل الطائرة. وغالبا لا تستخدم طائرات شركة “إل عال” هذه المنظومة، لأنها تزيد من استهلاك الوقود وتؤثر على قدرة الطائرة بنقل حمولة، ويتم وضعها في طائرات فقط عندما يقرر ذلك مسؤولون أمنيون في وزارة المواصلات، ووفقا لغاية الطائرة. وتستند هذه المنظومة إلى أشعة ليزر، التي يتم إطلاقها باتجاه صاروخ أطلِق باتجاه الطائرة، وترصده أربع كاميرات، وتمنع إصابة الطائرة.
ويرأس الوفد الأميركي مستشار وصهر ترامب، جاريد كوشنر، ويرافقه مستشار الأمن القومي، روبرت أوبريان، فيما يرأس الوفد الإسرائيلي رئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات.
وحسب الصحيفة فإن قرار فصل المحادثات السياسية والاقتصادية عن المحادثات الأمنية، وتأجيل سفر وفد أمني إسرائيلي إلى أبو ظبي لأسبوعين، اتخذته إسرائيل في أعقاب طلب أميركي – إماراتي. ويتخوّف الأميركيون والإماراتيون من أن وجود مسؤولين أمنيين في الوفد الإسرائيلي سيجعل وسائل الإعلام تركز على صفقة الطائرات من طراز “إف35“.
بدلا من ذلك، ستتمحور لقاءات الوفدين الأميركي والإسرائيلي مع الإماراتيين، اليوم وغدا، حول تطبيع العلاقات الإسرائيلية – الإماراتية، والتعاون الاقتصادي والمدني والصحي، والتمهيد للتوقيع على الاتفاق في واشنطن، في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وتظهر وسائل الإعلام الإسرائيلية صورة يتبين منها أن الإماراتيين متحمسون للتحالف وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أكثر من حماسة الإسرائيليين لاتفاق كهذا. وكتب مراسل “يديعوت أحرونوت” الذي تم إيفاده إلى أبو ظبي، أن “الإماراتيين يسعون للتوضيح أن نواياهم بالسلام حقيقية”، ونقل عن موظف رسمي في أبو ظبي قوله إنه “لن نكون مثل مصر، التي تحافظ على سلام بارد مع إسرائيل، ولن نكون مثل الأردن، التي تبنت موقف أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) بالقول ’لا’ لهذه الخطوة وهي نادمة الآن“.
ويسعى محللون إسرائيليون إلى خفض مستوى التوقعات من الاتفاق مع الإمارات. وكتب المحلل السياسي في “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، أنه “يحظر أن ننسى الفوارق. فإسرائيل أقيمت بعمل صعب من جانب مواطنيها، بشجاعة في ميدان القتال وبسخاء الشعب اليهودي. وقد تبنت قواعد اللعبة الديمقراطية قبل ولادتها. وليس النفط بناها ولا عمال أجانب. ولا يمكنها تبني النموذج الإماراتي – مليون شخص محلي أثرياء وإلى جانبهم ثمانية ملايين عامل أجنبي بلا حقوق – ونظام غير ديمقراطي“.
ودعا برنياع الإسرائيليين أيضا إلى أن “ينزلوا إلى الأرض الأحلام حول مئات ملايين الدولارات التي ستُضخ إلى هنا مباشرة من دبي. فالاستثمارات الأجنبية هي مسألة حساسة. ويتم التدقيق في أي استثمار في البنية التحتية من خلال التبعات الأمنية”. ولفت إلى التعاون بين إسرائيل وتركيا، في الماضي، وإلى الضغوط الأميركية على إسرائيل لمنع توثيق علاقاتها مع الصين.
وأضاف برنياع أن “التطبيع مع الإمارات أشبه بوجبة دسمة في مطعم جيد: الأفضل أن تتناولها ببطء وإخراج المحفظة في الوقت الصحيح. لا توجد جلابيات مجانية“.
بينما أشارت المراسلة السياسية لصحيفة هآرتس نوعا لانداو، إلى أن الإسرائيليين تعاملوا مع الاتفاق مع الإمارات بعدم اكتراث ولا مبالاة، رغم أن جميعهم أيدوه. لكنها أضافت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، “كعادته، يستغل هذه الفرصة من أجل مناكفة اليسار والادعاء أنه حطّم الادعاء الأساسي لمعسكر السلام في إسرائيل بأن السلام مع العالم العربي مقرون بتقديم تنازلات للفلسطينيين. والتنازل عن الضم يضع مصاعب أمام ادعائه“.
وأضافت لانداو “حقيقة أن الحديث عن سلام لم تسبقه أي حرب، مع دولة لا حدود مباشرة لها مع إسرائيل، وفيما كان معروفا لمعظم الجمهور أنه توجد معها علاقات متشعبة طوال سنين كثيرة في مجالات متنوعة، وإن بالسر، كل هذا يقلل أيضا من الهالة التي يسعى أركان الاتفاق إلى تصويرها“.
وتابعت أن “هذا سلام لم يشعر معظم الإسرائيليين أبدا بغيابه، وبعدها جاء مجانا. كذلك، ورغم جميع المحاولات لإضفاء صورة للإمارات بأنها وجهة سياحية، إلا مركز الاهتمام بها هو لدى القطاع التجاري، وليس لجميع البشر“.
وخلصت لانداو إلى أنه “يوجد سبب آخر للدعم غير المكترث من جانب الجمهور الإسرائيلي بهذا السلام. فبعد أكثر من 70 عاما من الاستقلال، إسرائيل لم تعد دولة تواجه خطرا وجوديا، والتحسب القومي – الجماعي من الإبادة استبدل بتخوفات طبيعية تماما ومن تهديدات شخصية وعائلية” في إشارة إلى فساد نتنياهو وسعيه للبقاء في الحكم من أجل الهروب من المحاكمة.
يبدو أن إسرائيل ستحاول استغلال اتفاق التحالف وتطبيع العلاقات مع الإمارات، من أجل الحصول على أسلحة فائقة التطور من الولايات المتحدة، من أجل الموافقة على صفقة بيع طائرات “إف35” للإمارات. ويتخوف البيت الأبيض من تراجع دفء العلاقات الإسرائيلية – الإماراتية، مثلما تراجعت العلاقات بين مصر والأردن مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقيتي سلام بينهم.
ولهذا السبب وفقا للمحلل السياسي في موقع “واللا” الإلكتروني، باراك رافيد، “يدفعون في البيت الأبيض قدما وبالسرعة الممكنة الاتفاق من أجل عدم خسارة الزخم الحاصل. فالتوتر الذي نشأ حول صفقة طائرات إف35، والنفي الهستيري من جانب نتنياهو، وقرار الإمارات بإلغاء اللقاء الثلاثي في الأمم المتحدة، أثار تخوفا في الولايات المتحدة من أن عملية التطبيع قد تتعرقل“.
وأضاف رافيد أن “هذا هو السبب لأن يأخذ مستشار ترامب، جاريد كوشنير، معه مجموعة من المسؤولين في البيت الأبيض، والمجيء إلى إسرائيل من أجل يصطحب عشرة مدراء عامين لوزارات إسرائيلية إلى أبو ظبي. وعمليا، البيت الأبيض فرض على إسرائيل والإمارات تحديد موعد لجولة محادثات أولى حول اتفاق التطبيع وأيقن أن تخرج هذه الخطوة إلى حيز التنفيذ“.
وتابع رافيد أن المرحلة الثانية بعد المحادثات التي ستجري بين الأطراف الثلاثة – الأميركي والإسرائيلي والإماراتي – اليوم الإثنين وغدا، ستكون مراسم التوقيع على الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي، الذي يريد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عقده خلال أيلول/سبتمبر المقبل. “ويريد الرئيس ومستشاروه مراسم فخمة وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة لتساعده في حملة الانتخابات. لكن من أجل أن تحدث مراسم كهذه، ينبغي حل قضية صفقة الطائرات. ويمارس كوشنر الضغوط من أجل التوصل إلى حل“.
وشعر المسؤولون في الإمارات بالإهانة من النفي العلني لنتنياهو لموافقته على صفقة الطائرات هذه ومن الخطاب في إسرائيل حولها، وفقا لرافيد، الذي نقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إن أحد المسؤولين الإماراتيين أبلغه بأنه في أبو ظبي يشعرون أنهم تحولوا إلى “كرة قدم سياسية”، يركلها الوزراء الإسرائيليون فيما بينهم من أجل تحقيق مكاسب في الرأي العام. “وحسب المسؤول الإسرائيلي، يشعر المسؤولون الإماراتيون أنهم اتخذوا قرارا إستراتيجيا وتاريخيا بالتوجه إلى التطبيع مع إسرائيل، لكن هذا الأمر يصور في الخطاب الإسرائيلي أنه صفقة أسلحة“.
وأفاد رافيد بأن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وكوشنر أجريا مع نتنياهو “محادثات نقدية جدا. وطلبا منه ألا يصرح على الملأ ضد الصفقة، وأوضحوا أنه بالإمكان التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف“.
على هذه الخلفية تم الفصل بين الوفد الإسرائيلي الذي يتوجه إلى أبو ظبي اليوم، وبين وفد إسرائيلي آخر، أمني، سيتوجه إلى أبو ظبي خلال الأسبوعين المقبلين، برئاسة مدير عام وزارة الأمن، أمير إيشيل. وبذلك، سيحاول وزير الأمن، بيني غانتس، حل هذه القضية.