من الصحف الاسرائيلية
حافظ حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على تصدره، وتعززت فرص الأخير بتشكيل حكومة يمينية ضيّقة، بحسب ما أظهر استطلاع للرأي العام، أجرته القناة 13 الإسرائيلية، ويأتي الاستطلاع بالتزامن مع تصاعد أزمة الحكومة الإسرائيلية وارتفاع فرص الذهاب إلى انتخابات جديدة مع تلكؤ الائتلاف في المصادقة على مشروع قانون يقضي بإرجاء إقرار الميزانية العامة، علما بأن المهلة القانونية تنتهي منصف ليل الإثنين الثلاثاء.
في المقابل أظهرت نتائج الاستطلاع أن 59% من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو هو المسؤول عن انتخابات جديدة، في حال فشلت الكنيست بتأجيل إقرار الميزانية، ما يؤدي إلى حل الكنيست تلقائيا والذهاب إلى انتخابات.
أجمع المحللون السياسيون الإسرائيليون اليوم، الإثنين، على أن زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عازم على تبكير الانتخابات العامة، وأنه حتى لو تمت المصادقة على مشروع قانون تأجيل إقرار الميزانية لأربعة أشهر، لاحقا اليوم، إلا أنه سيسعى قبل نهاية العام إلى إسقاط حكومته، والتوجه لانتخابات في آذار/مارس المقبل، ومنع رئيس حزب “كاحول لافان”، بيني غانتس، من تولي رئاسة الحكومة وفقا للاتفاق الائتلافي بينهما.
وصادقت لجنة المالية التابعة للكنيست، فجر اليوم، على مشروع قانون تأجيل إقرار الميزانية لـ120 يوما، وذلك تمهيدا للتصويت على مشروع القانون بالقراءتين الثانية والثالثة في الهيئة العامة للكنيست، قبل حلول منتصف الليلة المقبلة، وإلا فإن الحكومة ستسقط ويتم حل الكنيست أوتوماتيكيا.
وأشار محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس يوسي فيرتر بلهجة ساخرة من نتنياهو، إلى أنه رغم الاتفاق في لجنة المالية، “إلا أن الشيطان يتواجد كما هو معروف في التفاصيل، وهذه لم يتم الاتفاق عليها بعد. وفي أي لحظة اليوم، بإمكان نتنياهو عقد مؤتمر صحافي آخر واتهام شركائه بوضع مصاعب وعراقيل على الرغم من موافقته النبيلة والمسؤولة على التسوية. ومن مثله خبير في علم الخداع هذا“.
وأضاف أن الليكود يرفض المصادقة على “دستور الحكومة” الذي يرسخ مبدأ المساواة، ووصف فيرتر ذلك بأنه “خرق سافر” للاتفاق الائتلافي. “وقبل انتهاء التصويت بالقراءة الثالثة والأخيرة على مشروع قانون تأجيل الميزانية، لن يصدقوا نتنياهو“.
ورأى فيرتر أنه في حال المصادقة على تأجيل إقرار الميزانية، فإن “نقطة الخروج المقبلة للانتخابات، بشروط مريحة لنتنياهو، ستتأجل إلى بداية كانون الثاني/ديسمبر. أي أن الانتخابات ستجري في نهاية آذار/مارس، قبل نصف سنة من الموعد الذي تعهد به بتوقيعه لنقل الحكم إلى أيدي بيني غانتس. ويعني هذا التأجيل أن حملة الانتخابات ستجري خلال محاكمة رئيس الحكومة… وهذا عنصر بالغ الأهمية ويصعب تقدير تبعاته. ونتنياهو سيطلب تأجيل المحاكمة إلى ما بعد الانتخابات. وأذا رُفض طلبه، فسيركز نتنياهو حملته الانتخابية ضد القضاة، الذين ’يمنعون محكمة عادلة عنه’. والتقديرات في الأوساط القضائية أن هيئة القضاة لن توافق على التأجيل“.
من جانبه كتب المحلل السياسي في صحيفة “معاريف”، بن كسبيت، أن “نتنياهو نصب فخا لكاحول لافان، أمس، فهو لم يوافق على المصادقة على دستور الحكومة، ليحولها إلى متساوية مثلما تم الاتفاق بين الجانبين. وهو لا يوافق على إغلاق ثغرة تسمح له بالخروج إلى انتخابات في آذار/مارس 2021، إذا لم تتم المصادقة على ميزانية العام المقبل. وهو عمليا لا يوافق على أي شيء باستثناء تأجيل الأزمة، التي ستسمح له بعد ثلاثة أشهر بالهروب من التفاهمات التي وقع عليها. وهو عمليا مزّق الاتفاق الائتلافي إلى قطع صغيرة وألقى بها في سلة المهملات“.
وأضاف كسبيت أن “مشكلة كاحول لافان بسيطة: لقد وصلوا إلى هذه الحرب من دون ذخيرة. ومعظم الاحتمالات هي أنه لن يكون بإمكانهم منع المصادقة على تأجيل إقرار الميزانية اليوم. وحتى لو تمكنوا، فإن ثمة شكا إذا كانوا سيقنعون الجمهور بتفهم سبب معارضتهم للتسوية بشأن التأجيل. وسيُعتبرون كمن جرّونا إلى انتخابات رابعة، وهذا لن يزيد قوتهم. وسيضطرون إلى قبول الحكم، اليوم، والبقاء في الحكومة وينغصون حياة نتنياهو من داخلها“.
بدورها أشارت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، سيما كدمون، إلى أنه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، وأعلن فيه عن موافقته تأجيل إقرار الميزانية وتعيينات كبار الموظفين، “بدا نتنياهو أكثر من أي وقت مضى كمن لسانه وقلبه ليسا متفقين: من جهة هو دعا إلى تسوية، للوحدة، لكن قلبه لا يتقبل الحكومة التي يرأسها. وهو ينتظر اللحظة التي يتمكن فيها من التخلص من شركائه الائتلافيين. ومع التناقضات بينه وبين نفسه بشأن القرار بالتوجه إلى انتخابات الآن، وفورا، أم تأجيل نقطة خروجه، التي تهدف إلى منع تنفيذ اتفاق التناوب مع غانتس“.
ورأت كدمون أن “رئيس الحكومة لم يتنازل عن أي شيء في المؤتمر الصحافي، وإنما أرجأ نقطة الانطلاق نحو انتخابات. وكل ذلك بسبب دافع واحد، كل ذلك من أجل الهروب من المحاكمة“.
وإذا كان الثلاثة أعلاه هم محللون معروفون بمواقفهم ضد نتنياهو وانتقاداتهم المتواصلة له، فإن المحلل السياسي في صحيفة “يسرائيل هيوم”، ماتي توخفيلد، المقرب من نتنياهو والمدافع عن سياسته، كتب أنه “بعد حوالي مئة يوم، إذا لم يحدث شيئا دراماتيكيا للغاية وغير متوقع، سيتم حل الكنيست ونذهب لانتخابات. فانعدام اليقين تجاه ما هو قادم، الوضع الاقتصادي الهش، الوضع الصحي الإشكالي (كورونا)، كل هذه الأمور جعلت نتنياهو يختار التأجيل والامتناع عن انتخابات الآن“.
وأضاف توخفيلد أن “الميزانية استخدمت كذريعة منذ البداية. والمطلب الحقيقي هو التعيينات. والإنجاز الكبير هو نقطة الخروج الأخرى لانتخابات في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وعلى الأرجح أن يوافق نتنياهو على تسويات وتأجيلات أخرى، فقط من أجل أن يحافظ على نقطة الخروج قبل تشرين الثاني/نوفمبر العام المقبل، موعد التناوب، الذي على ما يبدو لن يكون أبدا“.
وحتى تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، سيسعى نتنياهو والليكود إلى تعديل طريقة تعيين كبار الموظفين، وخاصة المفتش العام للشرطة والمدعي العام، وهذان أهم منصبين متعلقين بمحاكمته. وحسب توخفيلد، فإن “إصرار كاحول لافان على عدم إجراء التعديل في هذه القضية، بعد أن حصلوا على كامل شهيتهم بما يتعلق بالجهاز القضائي، ستكون أم الذرائع لجولة انتخابات أخرى”.