أسبوع لحسم المواقف: ناصر قنديل
– قبل شهرين كنّا في قلب المواجهة التي كان لها عنوان، قرار بدفع البلد نحو الانهيار عقاباً على خيار المقاومة، وطلباً للخضوع لشروط الأمن الإسرائيلي ومصالح الغاز والنفط التي ترضيه كما أفهمنا الأميركيون علناً، وجاء وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان يبلغنا اصطفاف حكومته وراء موقف واشنطن، وبالمقابل قرار بالصمود والمواجهة تحت ثلاثة عناوين، أولاً لسنا دعاة حروب لكننا لن نسلم بلدنا للاحتلال الذي قاتلناه ودفعنا غاليا ثمن تحرّرنا منه، وثانياً الذي يريد تخييرنا بين الجوع والقتل نقول له مما قال السيد حسن نصرالله، لن نجوع وإن كنت تريد قتلنا فسنقتلك ثلاثاً، وثالثاً لدينا خياراتنا الاقتصادية البديلة من الاعتماد على شراء المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية وفق العرض الإيراني، إلى الخيارات الإنتاجيّة، وصولاً لعنوان التوجّه شرقاً وفتح الباب أمام الصين للاستثمار في المشاريع الكبرى من الكهرباء إلى سكك الحديد والمرفأ والمباني السكنية والبنوك وسواها.
– خلال أقل من شهر وقبل تفجير مرفأ بيروت بدأت تظهر مؤشرات توجه أميركي عنوانه، لن نترك لبنان، وجاء تفجير المرفأ الذي فاقم الأزمات والحاجات المالية، لكنه فتح الفرص للمشاريع الاقتصاديّة الكبرى كإعمار المرفأ، سواء كان ذلك بمحض الصدفة أم نتيجة ترابط ما، وحصل الرئيس الفرنسي على تفويض أميركي لقيادة مشروع تسوية تقوم على تجميد مشروع الانهيار، والتراجع عن الشروط السياسية المبنية على التطلعات الإسرائيلية، وفتح الباب لحكومة جامعة تنهض بعملية البناء الاقتصادي وإعادة الإعمار، متحدثاً عن تأجيل القضايا الخلافية، وعن أولوية التعاون للنهوض، وترجم مضمون توجّهاته بتمييز حزب الله ضمن اللقاء الذي عقده في قصر الصنوبر، وخلال أيام بدا أن المساعي الفرنسية تتواصل تحت عناوين الضغط لتجنب موجات تصعيد تحت عنوان الاستقالات النيابية والانتخابات المبكرة، وحكومة مفخّخة بأسماء تعاكس كل دعوة للتهدئة، وجاء حكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري لينسف مسار التحقيق الممتدّ لخمس عشرة سنة والقائم على الافتراء السياسي والتزوير والتلفيق والفبركة، رغم حفاظه على الوقوف في منتصف الطريق للعودة لفرضية التصعيد.
– اليوم يقف لبنان في مفترق لا يملك ترف الوقت، وقد جاءت استقالة الحكومة المدعومة من الغالبية النيابية لتقدّم فرصاً سريعة لبدء مساعي تشكيل حكومة تعبّر عن المضمون الذي تحدّث عنه الرئيس الفرنسي، حكومة الجميع التي تؤجل قضايا الخلاف، وتتفرغ للنهوض، وتحظى بالدعم الدولي على هذا الأساس، والكرة الآن ليست في ملعب الغالبية النيابية بل هي تحديداً في ملعب الرئيس سعد الحريري، ليجيب عن سؤال واضح، وسريعاً، هل هو مستعد لترؤس أو تسمية ودعم مَن يترأس حكومة تجسد مضمون دعوة الرئيس الفرنسي، أي حكومة الجميع التي تؤجل قضايا الخلاف؟
– هذا الأسبوع يجب أن يحمل جواباً للبنانيين الذين يريدون حكومة تنهض بمسؤوليات كبيرة تنتظرها، يفضلونها توافقية مدعومة من الجميع خارج المناكفات وافتعال الزجّ بقضايا مثل سلاح المقاومة والحياد والانتخابات المبكرة على جدول أعمال متخم بالأوجاع التي يعانيها اللبنانيون بلا استثناء، وهي قضايا ليس صحيحاً أنها مطالب اللبنانيين الذين لا يختصرهم مَن يخرجون الى الشوارع، والذين يبقى لهم حق التعبير الحرّ من دون قطع الطرقات وإلحاق الأذى بالأمن والممتلكات، والاعتراف بأنهم أقلية لا تجعلها الشتائم أكثرية ولا تملك حق الادعاء بأنها تتحدث بلسان الشعب ولو كانت معها قنوات تلفزيونية تمنحها زوراً هذه الصفة. فاللبنانيون الموجوعون والمقهورون يريدون حلولاً لمعاناتهم لا خطابات ثورية تسدد فواتيرها، أو تنتهي بإحباطات جرّبوها من قبل وقد أخذتهم إلى الفوضى والحرب الأهلية. فدولة مهترئة نعمل لرتق ما تمزق من ثوبها خير ألف مرة من اللادولة مهما كانت الأغاني والأناشيد الثورية التي تزين الذهاب إليها.