عون: علينا تقبل ما سيصدر عن المحكمة الدولية
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، “ان هناك تحقيقا مغلقا في قضية الانفجار في مرفأ بيروت يتولاه المجلس العدلي، وهو المعني بالنظر في القضايا المهمة والسلطة القضائية الأعلى في البلاد، ولا يمكن لاي متورط ان يبقى متخفيا”، مشيرا الى اننا ملزمون من الناحية المعنوية عدم اسقاط اي احتمال بما فيه التدخل الخارجي او سبب محلي، حتى ولو كنا مقتنعين بأنه حادث حصل بسبب عدم احتراز المعنيين في المرفأ. وعلينا بالتالي التحقيق في كل الفرضيات، كي نقطع الطريق على أي تأويلات او اتهامات بطمس الوقائع”.
وقال انه يمكن خوض انتخابات نيابية مبكرة “انما وفق قانون يضمن احترام خيار الشعب، ويجب حصول توافق نيابي على تقصير فترة البرلمان. لا يمكن تحديد وقت لذلك، ونأمل ان نصل خلال سنة الى الطلب من البرلمان تقصير ولايته، ولكنه قرار لا يعود لي بل لرئيس مجلس النواب والنواب، فهم السلطة الشتريعية في البلاد”.
اضاف: “طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي لاراض لبنانية، وعدم حل المشاكل الأخرى ومنها الحدود البرية والبحرية والقضية الفلسطينية، التي يستقبل لبنان لاجئين منها، فلا يمكن إقامة سلام مع إسرائيل.“
وعن الحكم المرتقب الذي سيصدر عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، أكد الرئيس عون ان “علينا انتظار الحكم لنبني على الشيء مقتضاه، ولو علم الناس من المذنب، لما لجأوا الى المحكمة، وعلينا تقبل ما سيصدر عن المحكمة الدولية، ولو ان العدالة المتأخرة ليست بعدالة. لقد اثرت هذه الجريمة كثيرا على حياة اللبنانيين، وعلى مسار الاحداث في لبنان”.
مواقف الرئيس عون أتت خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة “كورييري ديلا سيرا” Corriere Della Sera الإيطالية في قصر بعبدا نشرت اليوم، وفي ما يلي نصها:
سئل الرئيس عون عن رده على ما يقال من ان رفض لبنان الرسمي وبعض الافرقاء التحقيق الدولي في الانفجار، مرده الى الخوف من امكان عدم فاعلية الإدارة السباقة، او ضلوع “حزب الله” بالمسألة، وان التحقيق المحلي سيعمد الى إخفاء هذه الوقائع، فأجاب: “هناك أناس فاسدون في الحكومات المتعاقبة وخارجها، لذلك، قبل حصول الجريمة في المرفأ، وقعنا عقدا مع شركة أميركية لاجراء تدقيق جنائي – مالي Forensic Audit. اما بالنسبة الى امكان تورط حزب الله او غيره، فهناك تحقيق مغلق ويتولى المجلس العدلي المسألة وهو المعني بالنظر في القضايا المهمة وهو السلطة القضائية الأعلى في البلاد، ولا يمكن لاي متورط ان يبقى متخفيا”.
وعن سبب إصرار الرئيس عون على عدم التخلي عن فرضية تدخل خارجي في الانفجار (امكان إصابة العنبر بصاروخ مثلا)، رغم تأكيد قائد “اليونيفيل” الجنرال دل كول، بعد اتصالاته مع إسرائيل ولبنان، حصول أي عمل عسكري وانه حادثة صناعية، أجاب: “ان كثيرا من اللبنانيين الذين أعطوا افاداتهم في هذا الانفجار، قالوا انهم سمعوا هدير طائرات حربية قبل دوي الانفجار. وعليه، فنحن ملزمون من الناحية المعنوية عدم اسقاط هذا الاحتمال، والتحقيق حتى ولو كنا مقتنعين بأنه حادث حصل بسبب عدم احتراز المعنيين في المرفأ. وعلينا بالتالي التحقيق في كل الفرضيات، كي نقطع الطريق على أي تأويلات او اتهامات بطمس الوقائع”.
ونفى الرئيس عون، ردا على سؤال، عما يقال من ان هذا الجزء من المرفأ يحتوي على أسلحة خاصة بـ”حزب الله” كان وراء ضخامة الانفجار”، أشار الى ان مواد “نيترات الامونيوم” كانت موجودة في المرفأ منذ العام 2014، وكل من يعمل في المرفأ يعلمون هذا الامر، وهناك روايات كثيرة يتم تداولها. وعلى الرغم من ان “حزب الله” لا يحتاج الى تخزين أسلحته في المرفأ، فإن التحقيقات الجارية ستكشف كل الأمور، وتحدد المسؤوليات”.
وفي معرض رده على المطالبين باستقالته واستقالة المسؤولين واحداث تغيير جذري في النظام السياسي، أوضح رئيس الجمهورية انه “راديكالي اكثر منهم وعانيت الكثير من المشاكل مع المجلس النيابي الذي لا تتوافق اكثريته مع هذه المطالب، وقد قدمت حين كنت اترأس كتلة برلمانية، عدة مشاريع قوانين إصلاحية أقر بعضها ومنها قانون الانتخاب الأخير، وآمل ان يؤدي الضغط الشعبي الى إقرار المزيد من القوانين الاصلاحية. ولكن علينا العودة الى الهدوء، والخروج من جو الانفعال الذي يتملك الناس الغاضبة حاليا، لنتمكن من العمل. وانا مؤتمن على الحكم، والمسؤولية تقضي الا اترك فراغا خلفي”.
وسئل عن الفترة التي يتوقع فيها حصول انتخابات مبكرة جديدة وفقا لقانون جديد، فقال الرئيس عون: “علينا خوض الانتخابات، انما وفق قانون يضمن احترام خيار الشعب، ويجب حصول توافق نيابي على تقصير فترة البرلمان من اجل اجراء انتخابات مبكرة. لا يمكن تحديد وقت لذلك، ونأمل ان نصل خلال سنة الى الطلب من البرلمان تقصير ولايته، ولكنه قرار لا يعود لي بل لرئيس مجلس النواب والنواب، فهم السلطة التشريعية في البلاد”.
وتوضيحا لما قاله عن امكان حصول سلام مع اسرائيل في حال تم تخطي المشاكل، قال الرئيس عون: “انا لم أقل باتفاق سلام مع اسرائيل، فهناك مشاكل كثيرة منها وجود ارض لبنانية محتلة وحدود برية وبحرية غير متفق عليها، إضافة الى القضية الفلسطينية ولا يزال لبنان يستقبل لاجئين فلسطينيين في لبنان”.
وردا على سؤال عن ان السلام بعيد المنال مع إسرائيل، قال: “لا يمكن تحديد موعد السلام مسبقا ويتعلق بتطور الاحداث، وطالما ان الاحتلال الإسرائيلي لاراض لبنانية لا يزال قائما، وعدم حل المشاكل الأخرى، فلا يمكن إقامة سلام مع إسرائيل”.
وعن العلاقة التي تربطه مع “حزب الله”، اشار عون الى انه اجرى “تفاهما مع الحزب عام 2005 وليس دمجا حزبيا، انما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، كان من واجبي ان اقف الى جانب الحزب، فأنا لبناني ولست اسرائيليا، والحزب لبناني، وقد نختلف معه في الأمور الداخلية، ولكن عندما تنوي إسرائيل احتلال أجزاء من لبنان وتقتل “حزب الله” اللبناني على ارض لبنانية، فعلى كل مواطن لبناني ان يقف الى جانب الحزب ضد المعتدين”.
وسئل رئيس الجمهورية عن مطالب المتظاهرين بنزع سلاح الحزب، فقال: “ان الخطابات النارية الإسرائيلية التي تهدد دائما بضرب الحزب ولبنان، تضعه في موضع القلق وقد مر بمواجهات عديدة مع إسرائيل على الأرض اللبنانية. عندما يتم حل النزاع، يقدم الحزب سلاحه هدية الى الجيش اللبناني. ومنذ 15 سنة الى اليوم، لم يحصل أي اشكال بين “حزب الله” والجيش او المدنيين، ما خلا حادث 7 أيار 2008 والذي كان بسبب محاولة ضرب الحزب داخليا عبر قطع شبكة اتصالاته الداخلية”.
وعن موقفه من معاهدة السلام بين الامارات واسرائيل في ظل عزل إيراني كبير، رأى الرئيس عون انه لا يمكن ان يفرض رأيه على دولة مستقلة تطبق رؤيتها ورغبتها السياسية مع الآخرين، بغض النظر عن رأيي بها. وهناك قرار عربي بالبقاء متحدين لحل المشاكل مع إسرائيل ضمن المبادرة العربية للسلام.
اما عن الحكم المرتقب من المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما يتوقعه المراقبون الدوليون من تورط الحكومة السورية وحزب الله في الجريمة، اعتبر انه “سؤال افتراضي، وعلينا انتظار الحكم لنبني على الشيء مقتضاه، ولو علم الناس من المذنب، لما لجأوا الى المحكمة، وعلينا تقبل ما سيصدر عن المحكمة الدولية، ولو ان العدالة المتأخرة ليست بعدالة. لقد اثرت هذه الجريمة كثيرا على حياة اللبنانيين، وعلى مسار الاحداث في لبنان”.
وعن موقفه من فصل الدين عن السياسة والحياة العامة، أشار الرئيس عون الى انه مشروعه، ولكن هناك عادات وتقاليد مختلفة عند الشعب اللبناني، و”نحن نملك برنامجا للانتقال من الوضع الحالي الى الدولة المدنية، ولكنه يتطلب تنظيما اداريا مختلفا وقوانين جديدة واحوال شخصية، وهذا برنامجنا”.
وفي ما خص المساعدات الأوروبية للبنان أبدى الرئيس عون شكره للقارة الأوروبية والولايات المتحدة وباقي الدول على ما قدمته، ولفرنسا على إقامة المؤتمر الدولي لمساعدة بيروت والشعب اللبناني. واكد انه طلب ان يكون صندوق المساعدات تحت اشراف الأمم المتحدة، و”نحن لا نزال بحاجة الى أمور اخرى عدا عن المساعدات الغذائية، ويجب مساعدة الناس”.
وختم الرئيس عون المقابلة بالاجابة على سؤال حول الازمة الاقتصادية والمالية القاسية وسببها، مؤكدا ان “الازمات أتت مجتمعة منها الحرب السورية وتداعيات النزوح الكثيف الى لبنان التي أدت الى كثافة سكانية بلغت 600 نسمة في الكيلومتر المربع وبلغت كلفته حتى اليوم 45 مليار دولار، كما ان نتائج هذه الحرب انعكست اقتصاديا على لبنان وحدت من التصدير الى الخارج عبر سوريا وغيرها من الأمور وبلغت كلفتها نحو 20 مليار دولار، إضافة الى الازمة الاقتصادية الخانقة التي حلت، والمعاناة من تأثير تفشي وباء “كورونا”، كل هذه الاحداث مجتمعة كانت السبب المباشر في حصول ازمة مالية واقتصادية خانقة، واضيف اليها ايضا الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت وتأثيره البالغ”.