ازدياد حظوظ بايدن للفوز بالانتخابات الأميركيّة
بالرغم من أن المرشح الأميركي الديمقراطي، جو بايدن، ينظم حملته الانتخابية من منزله بسبب تدابير الوقاية من فيروس كورونا، إلا أنه يحقق تقدما واضحا في استطلاعات الرأي مستفيدًا، عن غير قصد، من تفشي الوباء والأزمة الاقتصادية العميقة، ما يجعل من الانتخابات استفتاءً حقيقًا على الرئيس الحالي دونالد ترامب.
ونجح أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية، ألان ليتشمان، في توقّع نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ العام 1984، بما في ذلك انتخابات العام 2016 عندما فاجأ ترامب العالم بفوزه، ويتوقّع ليتشمان هذه المرة فوز النائب السابق للرئيس باراك أوباما في انتخابات الثالث من تشرين، جو بايدن.
ويقول في مقابلة مع وكالة “فرانس برس” إن “ذلك لا يتعلّق بجو بايدن ولا بشخصية دونالد ترامب: كل شيء يرتكز على التقييم“.
فأستاذ التاريخ طوّر نظامًا مؤلفًا من 13 “مفتاحًا” من السهل تحديدها من بينها: هل البلاد تتمتع بصحة اقتصادية جيدة؟ هل تمرّ باضطرابات اجتماعية؟ هل الرئيس المنتهية ولايته مرشح للانتخابات؟
لكن معيارًا واحدًا يعطي نقاطًا للمرشح نفسه، وهو إن كان هذا المرشح يتمتع بحضور قوي، يشير ليتشمان إلى أن “بايدن لا يتمتع بشخصية قوية، إنه رجل ودود جدًا وصادق فقط“.
واعتبر ليتشمان أواخر العام 2019 أن ترامب انطلق جيدًا في اتجاه إعادة انتخابه مجددًا. ويقول الآن إنه “منذ ذلك الحين، ارتكب خطأ فادحًا، وهو الاعتقاد بأن بإمكانه الاكتفاء بإلقاء خطابات للخروج من أزمات تضرب البلاد ودعوات لتحقيق العدالة الاجتماعية والركود الاقتصادي، هذا لن ينفعه، والنتيجة هي رئاسة فاشلة“.
مع أكثر من 160 ألف وفاة وخمسة ملايين إصابة، الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تضررًا في العالم جراء فيروس كورونا المستجدّ وقد أضعفت الأزمة الصحية الاقتصاد الأميركي.
في هذا السياق الصعب أثارت وفاة المواطن الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد، موجة احتجاجات تاريخية ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة. وفي حين كان ترامب يدير هذه الأحداث بشكل مثير للجدل من البيت الأبيض، كان بايدن صامتًا.
وحرم الوباء المرشح الديمقراطي الذي التزم بتدابير العزل منذ آذار/ مارس في منزله في ويلمينغتون في ولاية ديلاوير، من تنظيم تجمعات انتخابية والاحتفال بفوزه في الانتخابات التمهيدية مطلع نيسان/ أبريل.
لكن معسكر ترامب قد سخر منه متهمًا إياه بأنه “يختبئ” لتجنّب ارتكاب هفوات. إلا أن بايدن استفاد من هذا الصمت ومن وسائل إعلام قد تكن متساهلة أكثر معه في مواجهة ترامب الذي يدلي باستمرار بتصريحات مشينة لتحقيق تقدم في استطلاعات الرأي.
ويذكر أن بايدن محظوظ جدًا، فرغم تكبده ثلاث هزائم كبيرة في الانتخابات التمهيدية، إلا أنه عبر العاصفة متمسكًا بإستراتيجية الانطلاق: التعويل كثيرًا على كارولاينا الجنوبية وناخبيه الأميركيين من أصل أفريقي، وهي فئة مهمة جدًا بالنسبة لكل مرشح ديمقراطي يريد الوصول إلى البيت الأبيض.
وهزّت نتيجته الكاسحة ترشيح التقدمي، بيرني ساندرز، ودفعت عددًا من المرشحين إلى التخلي عن الترشيح.
يرى الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، كريستوفر أرتيرتون، أن منذ انتصاره وبسبب “حملته شبه المنغلقة، بقيت الأضواء مسلطة على الرئيس ترامب“.
إلا أن الرئيس الجمهوري وبإدارته للأزمة دفع الناخبين المستقلين إلى الانتقال من خانة المترددين إلى خانة لن أصوّت له، وفق أرتيرتون.
لكن مع ترامب المرشح المخالف للتقاليد إلى هذا الحدّ وحملة متقلبة جراء أحداث تاريخية، قد يتغير الزخم.
وفي حال لم يتمكن أو لم يعرف كيفية توسيع قاعدته الانتخابية، قد يحاول الملياردير الجمهوري تثبيط عزيمة الناخبين الديمقراطيين على التصويت.
وهذا الأمر يفسّر هجماته العنيفة على بايدن الذي يتّهمه بـ”الخرف” وبأنه يريد “تدمير الحلم الأميركي” أو بأنه “دمية” بيد اليسار المتطرف.
ويرى ليتشمان سببين كي يكون الديمقراطيون قلقين: الأول هو أن يسعى ترامب وفريقه إلى “جعل التصويت أصعب، خصوصًا عبر البريد في خضمّ أزمة الوباء. والثاني تدخّل روسي” أو قوى أجنبية أخرى، مذكرًا بتدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
ويشير المؤرخ إلى أن هذين الأمرين “مجهولين” تمامًا. ورغم أنه فخور جدًا بنظامه لتوقع نتائج الانتخابات إلا أنه يؤكد أنه “لا يمكن لأي نظام أن يأخذ هذين الأمرين بالاعتبار”.