من الصحف الاميركية
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إقامة علاقات مع دول الخليج لم ينجح لأنه أصبح أكثر إقناعا، ولكن لأن دينامية المنطقة والعالم تغيرت.
فمنذ عام 2009 وهو يخبر الإسرائيليين أنه يستطيع إقامة علاقات مع الدول العربية دون الحاجة لإقامة سلام مع الفلسطينيين، وحقق ما يريده يوم الخميس، عندما أعلن عن اتفاق للتطبيع مع الإمارات العربية المتحدة.
وفي تقرير أعده ديفيد هالبفينغر ورونين بيرغمان قالا فيه إن نتنياهو قام وفي كل مناسبة سنحت له بمضايقة دول الخليج ودفعها للخروج من التعاون السري مع إسرائيل والكشف علنا عن العلاقات. ومرة بعد الأخرى تردد قادتها وطالبوه بحل النزاع مع الفلسطينيين، ثم بعدها يكون لكل حادث حديث.
نتنياهو قام وفي كل مناسبة سنحت له بمضايقة دول الخليج ودفعها للخروج من التعاون السري مع إسرائيل والكشف علنا عن العلاقات
وبدا نتنياهو في حديثه المتواصل عن علاقات مع دول عربية وإسلامية منفصلا عن الواقع أو حالما، لكن الاتفاق الذي عقده مع الإمارات كان نتاج تطورات بالمنطقة مثل الربيع العربي الذي أعطى دول الخليج صورة عن أن الغضب الشعبي بسبب القمع والفساد هما أخطر على حكمها من أي تداعيات بسبب الفشل في التضامن مع الفلسطينيين.
كما غير الربيع العربي الحسابات الخليجية عندما وقفت إدارة باراك أوباما متفرجة على سقوط نظام حسني مبارك في مصر، ورفضت التدخل في سوريا، حتى بعد استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين. أما العامل الأخير فهو التأثير الإيراني المتزايد في المنطقة من اليمن إلى العراق ولبنان وسوريا، حيث بدأت دول الخليج ترى في طهران تهديدا أكبر عليها من إسرائيل التي لم تتردد في حملتها ضد الجمهورية الإسلامية.
وبحسب ياكوف ميردودر، مستشار نتنياهو السابق للأمن القومي، فقد كانت دول الخليج تسمع من مصر والأردن حول فائدة إسرائيل في أمور الأمن القومي. كما أدت التغيرات الديمغرافية في دول الخليج حكوماتها بالتأكيد على أولويات أخرى مثل خلق فرص عمل والتي أصبحت أهم من دعم القضية الفلسطينية، في وقت أًعجب قادة دول الخليج بالتقدم الاقتصادي والتكنولوجي الإسرائيلي.
وتقول الصحيفة إنه لو ثبت الاتفاق مع الإمارات، فسيكون أول محاولة سلام يعد بها نتنياهو الإسرائيليين مع دول عربية منذ 11 عاما. ويأمل أن تحذو دولا عربية حذو الإمارات.
قال الكاتب ماكس بوت إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيترك الشرق الأوسط في فوضى أكبر مما كان عليه عندما تسلم السلطة، وأن الصفقة الجديدة بين إسرائيل والإمارات لن تغير من الواقع.
وأشار بمقاله الذي كتبه في صحيفة واشنطن بوست إلى أن الشرق الأوسط حسب وصفه مثل “الغوغاء” فعندما يعتقد الرؤساء أن “الغوغاء” اختفوا سحبوا قواتهم. فقد كرس جورج دبليو بوش رئاسته “للمحافظة الرحيمة” ولكن رئاسته ظلت مرتبطة بأفغانستان والعراق.
وحاول باراك أوباما التوجه نحو آسيا وسحب قواته من العراق قبل أن يعيدها لتواجه تنظيم “الدولة”. وأعلن ترامب وبصوت عال أن “الذهاب إلى الشرق الأوسط كان أسوأ قرار يتخذ في تاريخ بلدنا”، لكن هذه المنطقة هي التي قدمت له إنجازا دبلوماسيا في السياسة الخارجية، فقد قتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم “الدولة” وقاسم سليماني قائد فيلق القدس، وأشرف على تدمير تنظيم “الدولة” من خلال متابعة خطوات سلفه أوباما، وقدمت له المنطقة الآن أحسن إنجاز، وهو قرار الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بالتطبيع.
ويعلق الكاتب أن إسرائيل والإمارات تقيمان علاقات سرية منذ عدة سنين بسبب المخاوف المشتركة من إيران. وكانت مساهمة ترامب بطريقة غير مباشرة في الاتفاق بين الدولتين. ففي كانون الثاني/ يناير تم الإعلان عن خطة السلام في الشرق الأوسط التي أشرف عليها “ولي العهد الأمريكي” جاريد كوشنر واحتوت على دعوة مفتوحة لإسرائيل كي تضم الضفة الغربية، ولو حدث هذا فإنه كان سيضر بحل الدولتين.
وبمساعدة من ترامب حاول بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي جذب الناخبين من اليمين المتطرف وجعل الضم حقيقة. ومن هنا منحت الإمارات على حد تعبير الكاتب فرصة للتخلي عن حملته المتهورة وعرضت التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل تأجيل الضم.
ويقول الكاتب إن ترامب جيد في تصحيح المشاكل التي خلقها بنفسه، فقد ألغى معاهدة نافتا واستبدلها باتفاق الولايات المتحدة- المكسيك- كندا. ومع أن الكاتب لا يحاول حرمان ترامب من انتصاره الأخير، إلا أن سجل الرئيس في الشرق الأوسط سلبي. خذ مثلا إيران، فاستقالة المبعوث الخاص براين هوك يمثل حسبما قال جيسون رضائيان فشلا في السياسة الأمريكية ضد طهران.
فقرار ترامب الكارثي الخروج من المعاهدة النووية عام 2018 قاد إيران لزيادة نشاطاتها النووية وهي اليوم أقرب للحصول على القنبلة النووية مما كانت عندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض.
فالعقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضها ترامب دمرت الاقتصاد الإيراني إلا أن الجمهورية الإسلامية وجدت صديقا في الصين. والأمور لا تبدو جيدة في سوريا أيضا، فمنذ بداية الحرب الأهلية عام 2011 قتل أكثر من 400 ألف شخص، وارتُكبت انتهاكات فظيعة في مجال حقوق الإنسان معظمها على يد النظام.
وخرّب ترامب أهم إنجاز أمريكي عندما سحب القوات الأمريكية من مناطق شمال- شرق سوريا، وسمح للقوات التركية والتابعة للنظام وروسيا الدخول إليها.
ونفس الأمر في اليمن الذي قتل فيه حوالي 100 ألف منذ الحملة التي قادتها السعودية ضد الحوثيين عام 2015. وكانت المعاناة غير الضرورية التي عانها الشعب اليمني هي نتاج الصك المفتوح الذي أعطاه ترامب إلى ولي العهد السعودي قليل الخبرة.
ومن التداعيات الأخرى، قتل الصحافي في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي، ومحاولة اغتيال مسؤول أمني سعودي فر إلى كندا، وجهود محتملة لقيام السعوديين ببناء سلاحهم النووي.
وفي العراق يحاول رئيس وزراء مؤيد للغرب الأخذ على يد الجماعات الموالية لإيران، ولكنها ترد. وبات لبنان في وضع سيئ بعد الانفجار الذي هز بيروت وانتشار فيروس كورونا والانهيار الاقتصادي.
ولم ينتج فيلم ترامب البوليوودي مع طالبان في أفغانستان السلام، بل زاد العنف، وهناك كثيرون يعتقدون بعودة طالبان المفتوحة مع خروج آخر جندي أمريكي العام المقبل. وبالطبع لم يتم بعد التوصل لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني بعد نشر خطة كوشنر.
وفي النهاية ورغم الأخبار المفرحة عن إسرائيل والإمارات سيترك ترام الشرق الأوسط في حالة أسوأ مما كان عليها عند انتخابه.