من الصحف البريطانية
تناولت الصحف البريطانية الأزمة السياسية اللبنانية بعد انفجار مرفأ بيروت، ومقارنة بين رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب ورؤساء دول كبرى في العالم، وكذلك اتفاق العلاقات الرسمية بين الإمارات واسرائيل.
نشر دايفيد غاردنر في الفايننشال تايمز بعنوان “أشفق على أمة لبنان المدمرة“. ويقول الكاتب إن سقوط الحكومة اللبنانية بعد انفجار بيروت الأسبوع الماضي لا يمهد لبداية سياسية جديدة في البلاد.
ويشير إلى أن النخب مشغولة بمحاولة تكرار الحيلة المتمثلة في استحضار حكومة جديدة -وهي ليست مهمة سهلة في مواجهة الغضب الشعبي في الشوارع- بهدف تغيير الانتباه وصرف نظر الناس عن الأزمة.
ويرى الكاتب أنهم يصرون على تجنب أي تحقيق في هذه المأساة من قبل خبراء دوليين بقدر تصميمهم على منع التدقيق في معاملات البنك المركزي الذي قد يكشف عن حسابات غير تقليدية وتحويلات سرية إلى الخارج لمليارات الدولارات ساعدت في إفلاس لبنان.
ويقول إن “السياسة غير المبالين بالشعب يتحالفون مع المصرفيين الوقحين لا يملكون أيا من المهارات المطلوبة للمهنة يريدون الخروج من معضلة الدين العام، ولو بدفع الطبقة الوسطى إلى الفقر والفقراء إلى الفقر المدقع“.
ويفت الكاتب إلى أن وزير المالية المنتهية ولايته غازي وزني، الذي سعى بصدق لإبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي، نشر خطة تعافي في أبريل/ نيسان قدرت إجمالي خسائر البنوك بنحو 83 مليار دولار وكشف فجوة في البنك المركزي بنحو 50 مليار دولار – معا، أي أكثر من ضعف الناتج الاقتصادي العام الماضي.
ويقول إن “السياسة غير المبالين بالشعب يتحالفون مع المصرفيين الوقحين لا يملكون أيا من المهارات المطلوبة للمهنة يريدون الخروج من معضلة الدين العام، ولو بدفع الطبقة الوسطى إلى الفقر والفقراء إلى الفقر المدقع“.
ويخلص الكاتب إلى أنه “الحكومة المنتهية ولايتها كان محكوما عليها بالفشل من قبل سماسرة السلطة الطائفية الذين شكلوها منذ البداية. لقد انحازوا إلى البنوك التي لأعلبهم فيها مصالح مالية، لمعارضة خطة التعافي الحكومية التي يدعمها صندوق النقد الدولي“.
وننتقل إلى مقال رأي آخر لروبيت فيسك مراسل الاندبندنت في الشرق الأوسط، بعنوان “إذن هي استقالة بعد 200 حالة وفاة، لكن فقدان الآلاف في الحروب حول العالم أمر مختلف؟“.
ويعقد الكاتب مقارنة بين حسان دياب رئيس الحكومة اللبنانية المستقيلة – إثر انفجار بيروت الذي أودى بحياة 210 من المدنيين على الأقل – وبين توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، وجورج بوش الإبن الرئيس الأمريكي السابق.
ويسأل فيسك عن الفارق في المسؤولية بين الرؤساء الثلاثة، فبينما استقال دياب عقب الانفجار، لم يفكر بلير ولا بوش في ذلك “بعد المشاركة بذرائع كاذبة في حرب تسببت في نهاية المطاف في مقتل ما يصل إلى نصف مليون مدني بريء”، أي غزو العراق عام 2003.
وفيما سيعود دياب إلى عمله كأكاديمي في الجامعة الأمريكية في بيروت، وسينحصر جمهوره بطلابه، يواصل بلير إلقاء محاضرات حول العالم، يقول الكاتب.
ويرى فيسك أنه من المبالغ فيه الموافقة على رحيل دياب، وتجاهل المقارنة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن النصر على كوفيد-19 بعد وفاة أكثر من 163 ألف أمريكي، أي أكثر مما كان يمكن أن تقتل أسلحة صدام المفترضة.
ويضيف فيسك “بالمقارنة مع دونالد ترامب، فإن دياب من بين الملائكة. نترات الأمونيوم مادة خطيرة للغاية، لكن رئيس الوزراء اللبناني لم يحث شعبه على حقن أنفسهم بالمطهرات أو تعريض أنفسهم للأشعة فوق البنفسجية للبقاء على قيد الحياة“.
لم يفكر بلير ولا بوش في الاستقالة بعد المشاركة بذرائع كاذبة في حرب تسببت في نهاية المطاف في مقتل ما يصل إلى نصف مليون مدني بريء
وفي هذا السياق، يلفت فيسك متهكما إلى أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي يصفه برجل ترامب، “تجنب قوانين من المفترض أن تنظم مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الدول الإنسانية المحبة للحرية مثل المملكة العربية السعودية، من أجل تهدئة المخاوف بشأن الخسائر المدنية في حرب اليمن“.
وقام بومبيو بإصدار ما يسمى بـ “شهادة الطوارئ” للمضي قدما في مبيعات أسلحة بقيمة 8.1 مليار دولار لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووالده الملك سلمان – وحليفتهم الإمارات العربية المتحدة – دون الحصول على الموافقة المعتادة من الكونغرس، بحسب فيسك.
ويلفت إلى أن ذلك لم يكن غير قانوني، لكن مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية أوضح أنه “منع الكونغرس من مراجعة هذه المبيعات عندما كان يحاول منع نقل المعدات العسكرية إلى المملكة بسبب عدد الأسلحة الأمريكية التي عادة ما تستخدم لتفجير مستشفيات ومدارس وحفلات زفاف“.
نشرت لريس ستيفنسون مقالا بعنوان “سيحقق ترامب نصرا دبلوماسيا، لكن الشيء الوحيد الذي تفعله الصفقة الإماراتية الإسرائيلية هو جعل دبلوماسية الشرق الأوسط أكثر تعقيدا من أي وقت مضى“.
ويقول الكاتب إن الصفقة تمثل دفعة دبلوماسية لترامب قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني التي تبدو صعبة بشكل متزايد ، ضد خصمه الديمقراطي جو بايدن.
كما يضيف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيرحب بفوز دبلوماسي بالتزامن مع حليفه طويل الأمد في واشنطن.
أما بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فتسمح لها الصفقة بالتأثير على المسرح الدولي وسط وضع مشحون بشكل متزايد في الشرق الأوسط، بحسب الكاتب.
سيواجه نتنياهو رد فعل عنيف من داخل حزب الليكود الذي يقوده إذا تراجع علنا عن الضم
ويرى الكاتب أنه في وقت سابق من هذا الصيف، بدت صفقة مثل تلك التي تم الإعلان عنها يوم الخميس بعيدة الاحتمال، بفضل إعلان نتنياهو عن خطط – بدعم من البيت الأبيض – لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، فيما سيواجه نتنياهو رد فعل عنيف من داخل حزب الليكود الذي يقوده إذا تراجع علنا عن الضم.
وأنهى الكاتب مقاله بالقول “من غير الواضح كيف ستنتهي هذه العلاقات الجديدة، لكن هناك شيئا واحدا مؤكدا – إنها تضيف عاملا معقدا آخر لمنطقة مليئة بالتعقيدات بالفعل“.