من الصحف الاسرائيلية
تتقاطع تصريحات وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، مع تهويل المستوطنين الإسرائيليين قضية تأجيل الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي الضمّ في الضفة الغربية المحتلة.
يخدم هذا التهويل بطبيعة الحال الإمارات وإسرائيل والإدارة الأميركية. فتستر الإمارات عورة تطبيعها بإنجاز وهمي بدأت ماكنتها الإعلامية بالترويج له، عنوانه “وقف الضم” والإدارة الأميركية عبر تصوير الرئيس دونالد ترامب قادرًا على إنجاز شيء ما، بعد فشل مفاوضاته مع كوريا الشمالية ومراوحة “إستراتيجيته” تجاه إيران مكانها، رغم اندفاعته والأزمات المكتومة مع أقرب حلفاء بلاده.
أما بنيامين نتنياهو فهو الفائز الأكبر، ليس فقط اقتصاديًا (مع تركيزه خلال مؤتمره الصحافي على الاستثمارات الإماراتية الضخمة في إسرائيل) بل سياسيًا كذلك؛ أولا عبر تصويره رجل دولة قادرا على اتخاذ قرارات من أجل السلام مخالفة لقاعدته الانتخابية، ولكن الأهم لصورته في واشنطن، مع تزايد احتمالات خسارة ترامب الرئاسة، فموقف الديمقراطيين معارض للضم وكذلك موقف الأغلبية اليهودية في الولايات المتحدة.
زار رئيس الحكومة الإسرائيلية،بنيامين نتنياهو،الإمارات سرا مرتين على الأقل، خلال السنتين الأخيرتين، وذلك في إطار سلسلة اتصالات وخطوات سرية تهدف إلى التوصل لاتفاق “سلام” وتطبيع علاقات بين الجانبين، التي تم الإعلان عنها ، حسبما أفادت صحيفة “اسرائيل اليوم”. ورافق نتنياهو في هاتين الزيارتين رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات.
من جهة ثانية، وحسب مراسلة ومحللة الشؤون العربية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، سمدار بيري، فإن حاكم الإمارات وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، ومعه ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، يخططون لتغيير قيادة السلطة الفلسطينية، وتنصيب مستشار بن زايد، محمد دحلان، رئيس الأمن الوقائي السابق في قطاع غزة، مكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)
وكتبت بيري أنه “تحدثوا بالأمس في الإمارات الخليجية وواشنطن عن إلغاء الضم، وفي الوقت نفسه لم يكلفوا أنفسهم أن يذكروا ولو اسما واحدا لقائد أو شخصية مركزية في الضفة الغربية. وهذا ليس صدفة. فالهدف هو فرض دحلان هناك، بدعم عربي وأميركي وموافقة إسرائيلية مبطنة“.
وأضافت بيري انه “دحلان ليس متعجلا، ولا الشركاء في هذه الخطوة أيضا. وسيسمحون لأبو مازن وقيادة السلطة أن يتفجروا غضبا، وعندما يغادر (عباس)، سيتجندون من أجل إجلاس الزعيم الجديد على الكرسي“.
واعتبر المحلل العسكري في موقع “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني، رون بن يشاي، أنه سيكون هناك معارضين بارزين للاتفاق بين إسرائيل والإمارات بعد توقيعه، وهما الفلسطينيون وإيران. لكن بن يشاي أشار إلى العلاقات بين إيران والإمارات خصوصا، وأن “إيران يحاجه لخدمات الوساطة التي يقدمها التجار ورجال الأعمال في الخليج/ وكذلك لحكام الإمارات من أجل استيراد وتصدير بضائع هامة لتبييض الأرباح القليلة التي تنجح بكسبها مقابل نفطها“.
وأضاف بن يشاي أنه “عن طريق أبو ظبي يمر معظم تجارة النفط السرية الإيرانية والتبادل التجاري الهام لاقتصادها في هذه الفترة. ووجود شرعي إسرائيلي في الإمارات يشمل تأسيس شركات هايتك مشتركة، سيسهل على إسرائيل في جوانب إستراتيجية متنوعة وهامة“.
واعتبر بن يشاي أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة شريكة هامة في الاتفاق، “إلا أنه ليس بالإمكان تجاهل حقيقة أن ضعف الولايات المتحدة وسياستها ترامب المتقلبة هي التي قادت إلى الاتفاق بين إسرائيل والإمارات. فجميع دول الخليج العربية تخشى إيران وسعيها لفرض هيمنتها في المنطقة بواسطة أذرعها، وينتاب الجميع القلق من حقيقة أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تقليص وجودها العسكري وتدخلها في المنطقة من التركيز فقط على الضغوط الاقتصادية على إيران. وبدون وجود خيار آخر، ومن أجل إملاء الفراغ العسكري الحاصل، دعيت إسرائيل إلى إملاء هذا الفراغ“.
وتابع بن يشاي أنه “كدولة عظمى إقليمية هامة وإيران عدوتها الأكبر، فإن إسرائيل هي حليف قادر على تقديم مساعدة ناجعة لدول مثل البحرين والإمارات والكويت، لتدافع عن نفسها من إزعاج واستفزاز إيراني. ولن ترسل إسرائيل قواتها البرية والبحرية من أجل حماية ميناء الخيمة في الإمارات، لكن بإمكان إسرائيل بكل تأكيد تزويد منظومات تكنولوجية وعسكرية تحيّد التفوق العسكري الواضح لإيران التي تهدد جاراتها العربية“.
واعتبر بن يشاي أنه “عندما تسمح إسرائيل بحجيج من الخليج إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، فإنه بالإمكان أن تأتي دول عربية أخرى في أعقاب الإمارات، وربما البحرين، ربما السودان، وربما السعودية أيضا، ليس لاتفاقيات سلام كاملة، لكن تطبيع العلاقات بين الدولتين سيسمح لهن بكفاح مشترك ضد التهديد النووي الإيراني“.
واعتبر محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس”، تسفي برئيل، الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي هام، “حتى لو كان إطاره محدودا، وذلك خصوصا لأنه يضع معادلة جديدة في العلاقات مع الدول العربية، وبموجبها إسرائيل ملزمة بلجم خطوة سياسية كانت مبدئية بالنسبة لها، مثل ضم مناطق أو أجزاء منها، مقابل علاقات سلام“.
ورأى برئيل أن “الانتخابات القريبة في إسرائيل، ورغم نفي نتنياهو، أسهمت بشكل جوهري في توقيت هذا السحر وتنازل رئيس الحكومة (عن الضم). ويبدو كأن الإمارات تعرض على إسرائيل انقلابا في إجراء المفاوضات التقليدية. ليس تهديدات، مقاطعة أو عقوبات، وإنما علاقات طبيعية لقاء التزام سياسي“.
وتطرق برئيل إلى مكاسب إسرائيل من الاتفاق مع الإمارات: “إلى جانب فتح واحدة من أهم الدول في الشرق الأوسط أمام البضائع الإسرائيلية، وعن طريقها إلى دول عربية وإسلامية أخرى، فإن الإمارات ضالعة في جميع النزاعات السياسية والعسكرية في المنطقة، وبضمنها إيران“.