ماكرون مكلّف بملف لبنان بشروط ومهلة!: ناصر قنديل
– تأتي زيارة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون إلى بيروت تمهيداً لزيارة ثانية في أول أيلول للاحتفال بذكرى إعلان دولة لبنان الكبير وبدء عهد الانتداب الفرنسي على لبنان، والزيارة لا تنفصل عن استثمار تفجير المرفأ الذي أصاب لبنان بخسائر فادحة لا يمكن معها تأمين تمويل إعادة الإعمار من دون مساعدة خارجية، بحيث حل التفجير وحاجات الترميم والبناء مكان استخدام ارتفاع سعر الصرف في الضغط على لبنان واللبنانيين، وفي ظل خشية من تورط “إسرائيلي” في التفجير وتحوّل العملية إلى مدخل تصعيد كبير يهدّد بحرب شاملة، يصير خلالها أمن الكيان في خطر، وتأتي الزيارة لمواكبة نشاط سياسي داخلي ليس بعيداً عن التوظيف المبرمج للتفجير، تحت عنوان الحياد الدولي، وتحت عنوان التحقيق الدولي، وصولاً لدعوات وضع لبنان تحت الوصاية والانتداب مجدداً.
– يتحدث ماكرون عن نظام جديد، ويتخطى الحظر الذي فرضته حكومته على العلاقة مع حزب الله بعد انضمامه إلى قطيع تصنيف الحزب على لوائح الإرهاب، بينما يشير الأميركيون إلى تبدّل في التعامل “الإسرائيلي” مع قضية ترسيم الحدود بما يرضي لبنان، بما يوحي بوجود جزرة ما يُراد عرضها على المقاومة لقاء ثمن يتصل بما ركز عليه ماكرون في زيارته، وهما أمران، المرفأ والحدود مع سورية، بالتوازي مع ما يطرحه جماعة فرنسا وأميركا في لبنان من دعوات لتحقيق دولي وانتخابات مبكرة، وحركة ماكرون التي تشبه حركة الرئيس جاك شيراك نحو بيروت عام 2005 تختلف عنها لجهة أن ماكرون يتحرّك في ظل تكليف أميركي، لأن المهمة تستدعي التواصل مع حزب الله، مقابل إغراء لفرنسا بتولي الانتداب على لبنان إذا نجحت في المهمة، ولو كان انتداباً من دون إطار قانوني بل بصيغة مرجعية تحل مكان الدور السوري بعد اتفاق الطائف، لقاء صيغة سياسية جديدة يعرض فيها على المقاومة تحت عنوان دور الشيعة السياسي مكاسب على حساب أدوار سائر الطوائف المسيحيّة والإسلاميّة.
– الخشية من مجيء الصين إلى المرفأ وهي تبدو جاهزة لذلك، والخشية من رد المقاومة على عملية مطار دمشق، والخشية من انكشاف تورط “إسرائيلي” في عملية تفجير المرفأ، وما يعنيه من تصعيد خطير، أسباب تقف وراء الزيارة السريعة الناعمة لماكرون، تمهيداً لزيارة أول أيلول، وبينهما سيتابع سفيره في بيروت المهمة، ومقابل جزرة ماكرون المعروضة على المقاومة، بدور أكبر في النظام الجديد، وبتمويل كافٍ ينهض به لبنان، ورفع الحظر عن العلاقة معها، عصا تحقيق دولي ومعركة إسقاط الحكومة واستثمار الشارع المبرمج تحت عناوين ثورة مزوّرة، وانتخابات مبكرة، يعرفون أن المقاومة لا تخشاها، لكنهم يراهنون على أن تكون رياح الأزمة قد أضعفت رصيد التيار الوطني الحر والعهد، كحليف للمقاومة، وفقاً لنصائح الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان، بتدفيع العهد والتيار ثمن علاقتهما بالمقاومة، تمهيداً لتغيير مكان الأغلبية النيابية والسياسية.
– تبدو مهلة ماكرون حتى الأول من أيلول، لكن ربما تكون نهايتها في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي سيرسم اليوم إطار ما جرى وما سيجري.