مجرمون يقتلون وطناً!: د. عدنان منصور*
ما حصل أمس في بيروت من كارثة هائلة مدمّرة، يطلق رصاصة الرحمة على نظام المفسدين الذين قبضوا على الدولة ومؤسّساتها وخزائنها، وخنقوا شعباً بأكمله، وقتلوا يومه وغده.
مجرمون، قتلة، عديمو الضمير، لا شرف ولا إحساس ولا ذرة وطنية لهم. ليس هناك من يحاسبهم ويعاقبهم، وإن كانت المقصلة قليلة عليهم، ولا تفي بالغرض، ولا تعوّض أبداً عن جرائمهم بحق الوطن وحياة الشعب.
كم من الجرائم ارتكبت بحق لبنان وشعبه على مدى عقود، على يد زمرة طاغية، باغية، لنرى في كلّ مرة لجان تشكل، وتحقيقات تجرى، وقضاء يكلف، ومحاكمات تلفّ وتدور وتجري وتذهب وتتبخر، والمجرمون طلقاء، يسرحون ويمرحون، لأنّ المجرمين بحق لبنان وشعبه،
المتواجدين في السلطة، يحمونهم ويوفرون لهم الغطاء اللازم، والحماية الضرورية.
شعب يُذلّ ويجوع ويهجّر أمام عيونهم الوقحة، ولا يتردّدون لحظة ان يستمرّوا بكلّ فسادهم وإفسادهم.
عشرات الملفات التي تدين فاسدين وتطيح بحكومات، وبرؤوس طبقة سياسية بأكملها، لم يبصر ملف واحد منها النور. ليبقى المجرم والفاسد في مكانه لا يتزحزح، طالما انّ المجرم الأكبر يوفر له العناية والرعاية والحماية.
كارثة الأمس من يتحمّل مسؤوليتها؟! لو حصل هذا في بلد يسود فيه القانون والمسؤولية الكاملة، والضمير الحي، هل كان وزير النقل أو الطاقة، أو الداخلية او غيرهم من المسؤولين المدنيين او الأمنيين، ليستمرّوا في مهامهم أو ان يستقيلوا؟!
من المسؤول عن الكارثة المدمّرة التي حلت ببيروت وأهلها، يا من عبثتم بالوطن والشعب والمؤسسات! وما الذي ننتظره منكم بعد كلّ الذي حصل! لقد خدّرتمونا طويلاً باجتماعاتكم المملة، ولجانكم العقيمة، وفشلكم الذريع، وتحقيقاتكم المشبوهة، وملاحقاتكم المزعومة، ووعودكم الكاذبة، لتعيدوا الكرة ثانية وثالثة، فيبقى الوطن وشعبه رهينة في يدكم، وأنتم تعتمدون على عامل الوقت، وإضعاف ذاكرة المواطن، وتراهنون على نسيان شعب.
من يعيد حياة الشهداء الذين سقطوا في الساحة نتيجة فسادكم واهمالكم! من الذي يخفف آلام آلاف الجرحى ويعوّض عليهم! من الذي يعيد المرافق والبيوت والمنشآت المدمّرة الى سابق عهدها! من الذي يعيد بناء بيروت المنكوبة من جديد أيها المجرمون بحق الوطن والموطن!
اللبنانيون يريدون قصاصاً عاجلاً عادلاً، بحق المهملين الفاسدين، وكلّ من تواطأ على غضّ النظر عن الكمية الضخمة من نيترات الأمونيوم، ولم يكترث او يستجب للكتب الموجهة للمسؤولين بشأن خطورة تخزين المادة القابلة للانفجار، والعمل على الإسراع في إخراجها من أماكنها، ومعرفة من وراء هذه المادة والمستفيد منها، ومن هو الذي لم يكترث بمضامين الكتب الرسمية، والغايات من وراء ذلك!
وطن يتحلل أمام الجميع، فلن تنفع معه المسكنات، ولا المهدئات، ولا التباكي والوعود والقرارات، طالما انّ طبقة الفاسدين في السلطة بيدها الحلّ والعقد.
في ظلّ هذا الواقع المرير، لم يعد أمام الشعب من خيار، إلا خيار واحد، وهو اجتثاث هذه الطبقة من جذورها، وملاحقة فاسديها، وتطبيق الحكم العادل عليهم. لكن متى وكيف!
لقد فات الأوان، ولم يعد الشعب بمقدوره أن ينتظر أكثر، فهو على شفير الموت البطيء.
يا شرفاء لبنان وأصدقاءه، أنقذوا لبنان وشعبه من هذه الطغمة المجرمة المدمّرة، التي جعلت دولته من عجائب الدول التي تثير احتقار وقرف واشمئزاز دول العالم ومسؤوليه، الذين لم يروا فيها، إلا أقذر وأوقح وأحط طبقة سياسية، عديمة المسؤولية، خبيرة بالنهب واللصوصية، لا إحساس ولا كرامة لها…!
*وزير الخارجية والمغتربين الأسبق
(البناء)